أخبار العالم

الولايات المتحدة تعيد تموضع قواتها عالميًا لمواجهة روسيا والصين

«خليجيون 24» القاهرة، 16 يناير 2025

في ظل التحديات الجيوسياسية المتزايدة، أعلن المرشح لمنصب وزير الدفاع الأمريكي (البنتاغون)، بيتر هيغسيت، عن خطط لإعادة تقييم التموضع العالمي للقوات الأمريكية. يأتي ذلك استجابةً للنفوذ المتزايد لروسيا والصين في مناطق حيوية مثل الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ. هذه الخطوة تعكس تحولًا في استراتيجية الولايات المتحدة لمواجهة المنافسة العالمية، مع التركيز على مناطق جديدة مثل الشرق الأوسط والقطب الشمالي.

إعادة تموضع القوات: استجابة لتحديات جديدة

التصريحات الرسمية:

في إفادته المكتوبة أمام مجلس الشيوخ، أكد هيغسيت أن إدارته ستقوم بإجراء مراجعة شاملة لتموضع القوات الأمريكية حول العالم. وقال: “إذا تمت الموافقة على ترشيحي، سأقوم بإجراء مراجعة عالمية لتموضع القوات المسلحة لتقييم ما إذا كانت المهام والقوات الحالية المخصصة للقيادة المركزية الأمريكية كافية لتحقيق أهداف استراتيجيتنا الدفاعية الوطنية، في ظل البيئة الجيوسياسية التنافسية الحالية.”

دوافع التغيير:

أشار هيغسيت إلى أن الصين وروسيا تعملان على توسيع نفوذهما في الشرق الأوسط، مما يؤثر على أسواق الطاقة العالمية. كما لفت الانتباه إلى النشاط الروسي في المنطقة، مثل صفقات الأسلحة، والتي يعتبرها تهديدًا للمصالح الأمريكية.

تحليل الخبراء: ما وراء التصريحات

رأي الخبراء:

وفقًا للخبير العسكري والسياسي فلاديمير سابونوف، فإن التغييرات في تموضع القوات الأمريكية ليست مجرد رغبة من إدارة ترامب، بل هي استجابة لتغيرات جيوسياسية عميقة. وأضاف: “آخر عملية إعادة تموضع كبيرة للقوات الأمريكية كانت في عهد بوش الابن واستمرت خلال إدارة أوباما، حيث تم نقل القوات إلى أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ على حساب تقليص الوجود في ألمانيا وكوريا الجنوبية.”

أولويات التموضع الجديدة:

  1. الشرق الأوسط: مع تفاقم الأوضاع في المنطقة، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا عام 2024، من المتوقع أن تزيد الولايات المتحدة من وجودها العسكري هناك.

  2. منطقة آسيا والمحيط الهادئ (АТР): مع التركيز على مواجهة الصين، من المرجح أن تشهد الفلبين واليابان زيادة في الوجود العسكري الأمريكي.

  3. القطب الشمالي: أشار ترامب مرارًا إلى أهمية غرينلاند، حيث تدخل المنافسة على الموارد والممرات البحرية في القطب الشمالي مرحلة جديدة.

  4. أوروبا الشرقية: تستمر الولايات المتحدة في تعزيز وجودها في رومانيا وبولندا، مع بناء قاعدة عسكرية كبيرة في كونستانتا، رومانيا.

  5. أمريكا اللاتينية: بعد التدخلات في بوليفيا وفنزويلا، يبدو أن إدارة ترامب تولي اهتمامًا خاصًا لهذه المنطقة.

التحديات والوقت المطلوب

المدة الزمنية:

أشار سابونوف إلى أن عملية إعادة التموضع في عهد بوش وأوباما استغرقت 10 سنوات، لكن الوضع الحالي يتطلب سرعة أكبر. وقال: “الولايات المتحدة لا تملك وقتًا طويلًا، لذا سيتم التعجيل بزيادة القوات في المناطق ذات الأولوية.”

موافقة الدول المضيفة:

فيما يتعلق بموافقة الدول المضيفة، أشار الخبير إلى أن دول آسيا الوسطى رفضت استضافة القوات الأمريكية بعد انسحابها من أفغانستان، مما أدى إلى عودة معظمها إلى الولايات المتحدة أو انتقالها إلى قطر والكويت.

ردود الفعل المحتملة من روسيا والصين

رد الصين:

من المتوقع أن تركز الصين على تعزيز وجودها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والقطب الشمالي، حيث تتنافس مع الولايات المتحدة على النفوذ.

رد روسيا:

روسيا، من جانبها، ستواصل تعزيز وجودها في أوروبا الشرقية، مع الحفاظ على مكانتها كقوة رئيسية في القطب الشمالي. كما أن هناك حاجة لتعزيز الوجود الروسي في أفريقيا والشرق الأوسط.

بناء القواعد العسكرية:

أشار الخبراء إلى ضرورة بناء قواعد عسكرية روسية في دول أمريكا اللاتينية الصديقة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون العسكري مع الصين في أفريقيا وأمريكا اللاتينية.

تأثير التموضع على أسواق الطاقة

العلاقة بين الوجود العسكري وأسواق الطاقة:

وفقًا لخبراء الطاقة، فإن الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط يؤثر بشكل مباشر على أسواق الطاقة العالمية. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تعزيز الوجود الأمريكي في سوريا إلى تسهيل مشروع خط أنابيب الغاز من قطر إلى تركيا. كما أن الضغط العسكري على إيران، أحد أكبر مصدري النفط، قد يؤثر على إمدادات الطاقة العالمية.

مستقبل الناتو وأوروبا

مستقبل الناتو:

مع تحول تركيز الولايات المتحدة نحو آسيا والشرق الأوسط، يرى الخبراء أن الناتو قد يفقد بعضًا من أهميته الاستراتيجية. وقال الخبير السياسي فيسفولود شيموف: “ترامب لا يعتبر أوروبا والناتو من أولوياته، بل يرى أن أوروبا ضعيفة ولن تبتعد عن التحالف مع واشنطن.”

التحديات في القطب الشمالي:

مع زيادة الاهتمام الأمريكي بغرينلاند، من المتوقع أن تشهد المنطقة منافسة شرسة بين الولايات المتحدة وروسيا والصين على الموارد والممرات البحرية.

إعادة تموضع القوات الأمريكية تعكس تحولًا استراتيجيًا كبيرًا في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مع التركيز على مواجهة النفوذ المتزايد لروسيا والصين. هذه الخطوة ستؤثر على التوازنات الجيوسياسية في مناطق حيوية مثل الشرق الأوسط وآسيا والقطب الشمالي، مما يتطلب ردود فعل استراتيجية من القوى العالمية الأخرى.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Open chat
Scan the code
مرحباً 👋
هل يمكننا مساعدتك؟