مال و أعمال

كازاخستان تتحدى أوبك+: تصعيد الإنتاج يهدد بحرب أسعار تقودها السعودية

القاهرة: هاني كمال الدين  

بدأت بوادر أزمة تلوح في أفق تحالف “أوبك+”، بعدما أعلنت كازاخستان صراحة أن قراراتها بشأن مستويات إنتاج النفط ستُتخذ وفقًا لمصالحها الوطنية، وليس وفقًا للالتزامات الموقعة مع التحالف الذي تقوده فعليًا السعودية. هذا الموقف أثار تساؤلات عما إذا كانت كازاخستان تستعد لمغادرة التحالف، وما إذا كان هذا التطور سيدفع الرياض نحو شن حرب أسعار شاملة مشابهة لتلك التي اندلعت في 2014.

في تصريحات أثارت ضجة في الأوساط النفطية، أكد وزير الطاقة الكازاخي الجديد، يرلان أكينجينوف، أن بلاده ستتخذ قراراتها في ما يخص الإنتاج بناءً على أولوياتها الاقتصادية الداخلية، ما يعني فعليًا تجاهل الالتزامات القائمة ضمن إطار “أوبك+”. هذه اللهجة الحازمة تمثل تحولًا نوعيًا، خصوصًا أنها تتزامن مع ارتفاع ملحوظ في إنتاج البلاد، والذي بلغ 1.85 مليون برميل يوميًا في مارس، متجاوزًا بكثير الحصة المحددة لها البالغة 1.468 مليون برميل يوميًا.

هذا التجاوز يأتي على خلفية توسعة حقل “تنغيز” العملاق، والذي أدى إلى زيادة غير مسبوقة في كميات الإنتاج، ما يُعد تحديًا مباشرًا للجهود التي يقودها تحالف “أوبك+” لتقييد المعروض النفطي في الأسواق العالمية والحفاظ على مستويات الأسعار.

منذ عام 2022، التزمت دول “أوبك+” بخفض جماعي بلغ مجموعه نحو 5.85 مليون برميل يوميًا، أي ما يعادل قرابة 6% من الإنتاج العالمي، بهدف تحقيق التوازن في السوق العالمية. إلا أن هذا الاتفاق ظل هشًا، في ظل تكرار خروقات من قبل عدد من الدول الأعضاء، مثل العراق والإمارات، والآن كازاخستان التي باتت تتصدر قائمة الدول المتمردة على الالتزامات.

السعودية، التي تحتاج بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي إلى سعر نفط يفوق 90 دولارًا للبرميل لضمان توازن ميزانيتها، عبّرت عن استيائها العميق من حالة التسيب والانفلات داخل التحالف. وردًا على ذلك، قادت الرياض تحركًا لافتًا في بداية الشهر الحالي، تمثل في الإعلان المفاجئ عن تسريع زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من مايو، وهو رقم يفوق ثلاث مرات الزيادة التي كانت مقررة سلفًا.

كما لجأت الرياض إلى سلاح التخفيضات السعرية، وخفّضت أسعار بيع النفط الخام الموجه إلى آسيا لأدنى مستوى خلال أربعة أشهر، في خطوة فسّرها المراقبون على أنها رسالة تحذيرية مشفّرة للدول التي لا تلتزم بالتخفيضات.

إذا قررت السعودية العودة إلى نهج حرب الأسعار كما فعلت في 2014 بهدف إخراج المنتجين ذوي التكاليف المرتفعة من السوق، فإن ذلك سيهدد استقرار أسواق النفط العالمية. ومن شأن هذه الحرب أن تتسبب في انهيار أسعار الخام إلى مستويات تُخرج عددًا من المنتجين من المنافسة، وتمنح الأفضلية للدول منخفضة التكلفة مثل السعودية والإمارات وقطر.

ورغم أن تحالف “أوبك+” كان ناجحًا خلال السنوات الماضية في الإبقاء على أسعار خام برنت ضمن نطاق يتراوح بين 70 و90 دولارًا، إلا أن هذا التماسك يبدو الآن مهددًا بفعل تمرد بعض الأعضاء، خاصة مع دخول الإنتاج الكازاخي مرحلة جديدة من التصعيد.

مصادر مطلعة كشفت لوكالة “رويترز” أن عدة دول في التحالف تستعد لزيادة إنتاجها خلال يونيو المقبل، وهو ما يعني ضخ مزيد من النفط في سوق تعاني أصلًا من تخمة المعروض، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي بسبب التوترات التجارية المرتبطة بسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

التحدي الأكبر الذي يواجه الرياض في هذا التوقيت يتمثل في تحقيق التوازن بين حماية حصتها السوقية، ووقف تدهور الأسعار، والحفاظ على تماسك التحالف. وإذا فشلت جهود الوساطة الدبلوماسية لإقناع كازاخستان بالعودة إلى الالتزام، فإن السعودية قد تجد نفسها مضطرة للرد بقوة عبر إغراق السوق بالنفط، ما ينذر بحرب أسعار واسعة النطاق ستكون نتائجها كارثية على الدول ذات الميزانيات الهشة.

في النهاية، يتوقف مصير “أوبك+” على قدرة السعودية على فرض الانضباط داخل صفوف التحالف، وسط بيئة جيوسياسية واقتصادية تزداد تعقيدًا يوماً بعد يوم.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Open chat
Scan the code
مرحبا 👋
كيف يمكنا مساعدتك؟