التوترات الدولية في 2024: تصعيد أم تحول؟

القاهرة: هاني كمال الدين
يعد عام 2024 نقطة فارقة في السياسة العالمية، حيث شهد تحولات لافتة تبرز بشكل جلي التوجهات الجديدة التي بدأت بالظهور في النظام السياسي العالمي. كما يمثل العام اختبارًا حاسمًا لما سيحدث في المستقبل القريب في العالم، سواء من خلال الأزمات المستمرة أو الانتخابات الهامة التي ستشكل ملامح التغيير.
أحداث محورية تشكل مسار السياسة العالمية
أبرز ثلاث قضايا شغلت الساحة الدولية في عام 2024، كانت تتمثل في الصراعات المستمرة في أوكرانيا ومنطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية. تشكلت حول هذه القضايا العديد من التطورات الثانوية، لكن هذه الثلاثة كانت الأبرز.
الحرب في أوكرانيا والأزمات في الشرق الأوسط: تصعيد مستمر واحتدام المواجهات
فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، استمر التصعيد في العنف والمواجهات العسكرية بين الأطراف المتنازعة، حيث برزت أهمية الحرب في تغير موازين القوى في أوروبا والعالم. في الوقت نفسه، تصاعدت الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، وتحديدًا في غزة ولبنان وإيران، مما عزز من دور هذه الأزمات في تحديد التوجهات العالمية.
تسببت هذه الصراعات في تضاعف حالات الغموض والتقلب في السياسة الدولية، ما دفع بعض المحللين إلى التفكير في سيناريوهات تدور حول اندلاع حرب عالمية جديدة، وهو ما كان موضوعًا مطروحًا في بعض التوقعات التي أشار إليها الخبراء السياسيون.
الانتخابات الأمريكية: مفاجآت وأزمات سياسية تضع العالم في حالة ترقب
في الولايات المتحدة، كان عام 2024 حافلًا بمفاجآت انتخابية غير مسبوقة. فانسحاب الرئيس جو بايدن المفاجئ من سباق الانتخابات، ثم الترشيح السريع لنائبة الرئيس كامالا هاريس، إضافة إلى محاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس السابق دونالد ترامب، أبرزت عمق الأزمة السياسية التي تواجهها البلاد، والتي أثرت بشكل كبير على استقرار العالم بأسره.
كما وضع هذا الوضع جميع الدول، سواء حلفاء الولايات المتحدة أو خصومها، أمام تساؤل مركزي: ما تأثير وصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض على العلاقات الدولية والمواقف السياسية؟
دور الانتخابات الأمريكية في إعادة تشكيل النظام الدولي
كان عام 2024 يشير إلى مفترق طرق رئيسي في النقاش حول النموذج الدولي السائد: هل سيظل نظام العولمة هو المسيطر، أم أن النزعات القومية والانعزالية ستصبح هي النموذج الأكثر تأثيرًا؟ أثرت هذه الأسئلة على جميع الدول الكبرى، بما فيها تلك المتورطة في الأزمات في أوكرانيا والشرق الأوسط، حيث كانت كل دولة تحاول تحديد كيفية التعامل مع المعادلة الجديدة.
تحولات غير تقليدية: تصاعد الفوضى السياسية في العالم
إن الصعود المستمر للاضطراب في السياسة الدولية، والحدود الرفيعة بين التوترات الكبرى، دفع بعض الدول إلى تبني سياسات مستقلة وغير منسقة مع حلفائها التقليديين. فقد شهد العالم العديد من المبادرات الفردية التي انتقلت بالسياسة إلى مستويات غير مسبوقة من المخاطرة.
إسرائيل: سياسات منفردة تثير ردود فعل حادة
واحدة من أبرز الحالات التي تجسد هذا التوجه كانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو، حيث أطلق سياسات عسكرية في غزة ولبنان وإيران دون الالتفات إلى مواقف حلفائها، بما في ذلك الولايات المتحدة، مما جعل هذه التحركات محط انتقاد على الساحة الدولية.
المجر: تحركات منفردة في وقت حساس
في الاتحاد الأوروبي، تبنى رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، دورًا قياديًا غير تقليدي، حيث قرر القيام بمبادرة دبلوماسية تتضمن زيارة إلى أوكرانيا وروسيا والصين، على أمل التأثير في الصراع القائم. على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي سارعت إلى التبرؤ من هذه المبادرة، إلا أن أوربان ظل يمثل نموذجًا للدول التي تسعى لتحديد مساراتها السياسية دون الالتزام بالقواعد التقليدية.
فرنسا: محاولات لجمع الدعم في وقت حرج
في ذات السياق، حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تشكيل ائتلاف غربي لإرسال قوات إلى أوكرانيا، لكنه واجه اعتراضات شديدة من قادة الدول الأوروبية الأخرى ومن قيادة حلف الناتو، ما يعكس حالة من الفوضى الدبلوماسية التي تميزت بها السنة السياسية العالمية.
تحولات جديدة: آفاق عام 2025 والبحث عن حلول استراتيجية
في ختام العام، أصبحت صورة السياسة العالمية أكثر تعقيدًا، حيث باتت القوى الكبرى تتحرك بشكل أكثر استقلالية وتعقيدًا، ما يجعل من الصعب التنبؤ بكيفية تطور الأزمات. مع اقتراب 2025، يبقى السؤال المحوري: ما هي الخطوط العريضة للهيكل الدولي القادم؟ وهل ستسود سياسات التنسيق الدولي أم ستغرق الدول الكبرى في التنافس والتفرد بمواقفها؟
- للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر