مال و أعمال

الولايات المتحدة تسعى لتعزيز حضورها في سوق المعادن الأرضية النادرة في آسيا الوسطى

القاهرة: هاني كمال الدين  

في ظل التغيرات الجيوسياسية والتحولات في موازين القوى الاقتصادية العالمية، تزداد أهمية المعادن الأرضية النادرة باعتبارها موردًا استراتيجيًا ذا أبعاد اقتصادية وأمنية بالغة الأهمية. وفي هذا السياق، بدأت الولايات المتحدة في توجيه أنظارها إلى منطقة آسيا الوسطى كمصدر بديل ومهم لتعزيز مخزونها من هذه المعادن الحيوية، وذلك في إطار سعيها لتقليل الاعتماد على الصين التي تحتكر الجزء الأكبر من الإنتاج العالمي.

وبحسب تقرير حديث نشرته مجلة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية، تستحوذ دول آسيا الوسطى، وعلى رأسها كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، على احتياطيات كبيرة من المعادن الأرضية النادرة. وقد دعت مراكز بحثية أمريكية، مثل مركز السياسة القزوينية والمركز الدولي للضرائب والاستثمار، إلى ضرورة تعزيز التعاون الأمريكي مع هذه الدول لتأمين إمدادات مستقرة من هذه الموارد الاستراتيجية.

ما هي المعادن الأرضية النادرة ولماذا تُعد حيوية؟

تتألف مجموعة المعادن الأرضية النادرة من 17 عنصرًا كيميائيًا، أبرزها اللانثانوم والسيريوم والنيوديميوم، وتتميز هذه العناصر بخصائص فيزيائية وكيميائية تجعلها ضرورية في العديد من الصناعات المتقدمة، من بينها تصنيع الهواتف الذكية، وشاشات العرض، والبطاريات عالية الأداء، والتوربينات الهوائية، والمركبات الكهربائية، وأيضًا في الأنظمة الدفاعية مثل الرادارات والليزر وأجهزة التوجيه.

وعلى الرغم من أن الصين تهيمن على نحو 80% من الإنتاج العالمي لهذه المعادن، فإن دولًا مثل أستراليا والولايات المتحدة وروسيا والهند تمتلك أيضًا قدرات إنتاجية. إلا أن الطموحات الأمريكية تتجه اليوم نحو تنويع مصادرها من خلال شراكات جديدة مع دول آسيا الوسطى التي لم تُستغل مواردها بالكامل حتى الآن.

سباق النفوذ في آسيا الوسطى: الصين وروسيا في المقدمة

تتمتع الصين بموقع جغرافي مميز يجعلها في قلب آسيا الوسطى، ما يمنحها ميزة لوجستية واضحة في الوصول إلى المعادن الأرضية النادرة في تلك الدول. وبفضل علاقاتها الاقتصادية والتجارية المتينة، فرضت بكين نفوذًا كبيرًا في المنطقة، وهو ما يعقّد مهمة واشنطن في الدخول بقوة إلى هذا السوق.

كما أن لروسيا علاقات تاريخية واقتصادية راسخة مع جمهوريات آسيا الوسطى، غير أن المتغيرات الإقليمية والدولية تدفع هذه الدول اليوم إلى إعادة تموضعها على الساحة الدولية، من خلال فتح قنوات جديدة للتعاون مع شركاء غربيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

تحركات أمريكية دبلوماسية لتعزيز الشراكة

تشير المعطيات السياسية إلى تنامي الاهتمام الأمريكي بالتعاون مع دول آسيا الوسطى في مجال المعادن الأرضية النادرة. فقد عقد الرئيس جو بايدن في سبتمبر 2023 اجتماعًا مع قادة دول المنطقة، حيث أكد الطرفان في إعلان مشترك على أهمية “المعادن الحيوية” كجزء من استراتيجية تعزيز أمن الطاقة والتنمية المستدامة.

وفي يونيو 2024، تواصلت اللقاءات الرفيعة المستوى، حيث شدد الجانبان على ضرورة “تعزيز التجارة والتكامل الاقتصادي” بين الولايات المتحدة وآسيا الوسطى، مع التركيز على المشاريع الاستثمارية في قطاع التعدين.

وترى واشنطن أن تطوير مشاريع استخراج المعادن الأرضية النادرة في آسيا الوسطى يجب أن يتم بشراكة عادلة، تضمن استفادة الدول المعنية من عوائدها دون الوقوع في فخ الاستغلال أو التبعية.

كازاخستان على الخط الأمامي

تتخذ كازاخستان، الدولة الأكبر جغرافيًا في آسيا الوسطى، خطوات متقدمة في هذا الاتجاه. ففي فبراير 2025، صرح وزير الصناعة آنذاك، قانات شارлапاييف، بأن بلاده ستطرح مناقصات أمام شركات من الولايات المتحدة وأوروبا والصين لاستكشاف واستثمار مناجم المعادن الأرضية النادرة داخل البلاد، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى جذب استثمارات متنوعة وتعزيز الشفافية في القطاع.

اتفاق أمريكي-أوكراني يفتح الأبواب

وفي خطوة متصلة بالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في مجال الموارد، وقعت واشنطن وكييف في مايو 2025 اتفاقًا لتسهيل الاستثمارات الأمريكية في مشاريع استخراج الموارد الطبيعية في أوكرانيا، من ضمنها الألمنيوم والغرافيت والنفط والغاز الطبيعي. ورغم أن هذا الاتفاق يخص أوكرانيا، فإنه يُظهر بوضوح توجه الولايات المتحدة نحو تكوين شبكة دولية من الشراكات في قطاع الموارد، بما في ذلك المعادن الأرضية النادرة، لتقليل المخاطر الجيوسياسية وضمان الاستقلالية الاقتصادية.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Open chat
Scan the code
مرحبا 👋
كيف يمكنا مساعدتك؟