فن ومشاهير

فيروز.. أيقونة سكنت الأرواح وصوت لا يحده الأفق

فيروز.. أيقونة سكنت الأرواح وصوت لا يحده الأفق     
زيزي عبد الغفار   

يوم 21 نوفمبر لا يمر دون أن يلاحظه أحد؛ إنه التاريخ الذي سطع فيه نجمة لم تختف من سماء الفن العربي، بل أصبحت سفيرة الأجيال والأزمنة، ورفيقة الصباح الحبيبة التي لا يكتمل إشراق شمسها دون أن يتردد صدى صوتها في كل بيت. صوتها ليس مجرد ترددات موسيقية، بل «رمي» الأرواح، وقوة صامتة تعيدنا إلى أول اللقاءات وأبسط المشاعر الإنسانية.

  • فيروز… أيقونة تسكن النفوس وصوت لا يحده الأفق

إنها فيروز؛ تلك التي حملت في حنجرتها صدى صخور لبنان ودفء شمسه، فأصبحت الوجه الهادئ والرائع لشرق مثقل بالضجيج. كل نغمة من أغانيها هي بمثابة ضوء يأتي من بعيد، ينير دواخلنا ويذكرنا بأن الجمال لا يزال ممكنًا.

في ذكرى ميلادها، نبدأ رحلتنا منذ ميلاد نهاد حداد، الاسم الذي أخفى خلفه أعمق الأسرار عام 1935، وصولاً إلى الهالة «الفيروزية» التي أشرقت حين التقت بعبقرية الأخوين رحباني. وهنا لم يكن التعاون فناً خالصاً فحسب، بل كان قدراً كتب قصة حب خالدة، بلغت ذروتها بالزواج من عاصي الرحباني، مما يجعل هذه الشراكة مفتاحاً لأسطورة لم يخفت بريقها إلى يومنا هذا.

  • فيروز... أيقونة تسكن النفوس وصوت لا يحده الأفق
    فيروز… أيقونة تسكن النفوس وصوت لا يحده الأفق

إن ابنة لبنان لم تكن مجرد ابنة السهل والبحر والجبال، بل كانت ابنة كل الأمكنة والأزمنة. إنه مجموع الأزمنة والحضارات والجغرافيا، الذي أخفى في نسيج صوته كل الأسرار، مثل: تدفق الينابيع الأبدية، ومرور الرياح العاتية فوق قمم الجبال المغطاة بالثلوج، وهمس الأمواج الحالم على شاطئ البحر. وفوق كل ذلك، الصوت الذي ينسج المستحيل في حبل من الغناء والطرب الذي لا نهاية له، ويتوجه بالسلام والمحبة.

فيروز وعاصي… لقاء فني:

في رحلتها للبحث عن ذاتها الفنية، عرفت فيروز موهبتها الكبيرة التي تنتظر الشرارة. وتفجرت هذه العبقرية عندما التقت عام 1952 بالأخوين عاصي ومنصور الرحباني. لقد كان لقاء فنيا. عرف الأخوان، بعبقريتهما الاستثنائية، أنهما عثرا على “كنز” بكل معنى الكلمة.

  • فيروز... أيقونة تسكن النفوس وصوت لا يحده الأفق
    فيروز… أيقونة تسكن النفوس وصوت لا يحده الأفق

ومع تدفق الأغاني الخالدة، تخطى التعاون حاجز الفن العظيم إلى الامتلاء بالآخر، والحاجة إليه. قصة حب فيروز وعاصي كانت بمثابة أغنية خالدة عزفها موسيقي لامع وغناها فنان أسطوري، وسرعان ما خفق قلبها لعاصي. فتزوجته عام 1955. وأنجب هذا الزواج أربعة أبناء: زياد الرحباني (31 ديسمبر 1955 – 26 يوليو 2025)، الذي أصبح فيما بعد مكانة فنية كبيرة، ثم هالي (عام 1958، أحد أصحاب الهمم)، ثم ليال (عام 1960، التي توفيت عام 1988). وأخيراً أصبحت ريما من مواليد 1965 كاتبة ومخرجة. في تلك السن المبكرة، وتحديداً عام 1957، بعد حفلاتها العامة الأولى في بعلبك، حصلت فيروز على وسام الاستحقاق من الرئيس اللبناني آنذاك، مما يؤكد أنها أصبحت، ولا تزال، الصوت الكوني الذي يسافر إلى المجرات والأكوان.

  • فيروز... أيقونة تسكن النفوس وصوت لا يحده الأفق
    فيروز… أيقونة تسكن النفوس وصوت لا يحده الأفق

إطلاق “فيروزي” يجتاح العالم:

بعد ذلك، انطلقت فيروز للغناء في أعظم المسارح والقاعات في العالم، من «ألبرت هول» في لندن، إلى «قاعة كارنيجي» في نيويورك، مقدمة عشرات الأغاني والمسرحيات التي تناولت كل تفاصيل الحياة اللبنانية والإنسانية. لكن عبقرية فيروز الكبرى كانت واضحة، تحديداً، في ذلك الصوت الماسي عندما امتزجت بالموسيقى المجنونة التي كان يبدعها الرحابنة. وفي منتصف السبعينيات، حققت فيروز ما لم يحققه سوى عدد قليل من الفنانين في العالم، وهو إصدار طوابع تذكارية في بلدها، تخليداً لمكانتها الفنية التي فاقت المستوى العالمي. ومنذ ظهور نجمها، أصبحت فيروز «طقوساً» يومية لدى الملايين حول العالم. لا يشربون إلا قهوة الصباح وهم مسافرون على صوتها، ينفضون عنهم التعب، ويتكئون على موسيقى الحرير. لا تغرب شموس أمسياتهم إلا وهي منغمسة في أغانيها، ولا تطيب أطياف الحبيب إلا بحضور الصوت الفيروزي، ولا تصح تأملات العاشق إلا بحضور الفيروز بكل بهائه وسحره الأبدي.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مصدر المعلومات والصور : zahratalkhaleej

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى