هل تعود الشركات الأجنبية إلى روسيا؟ مسار محفوف بالشكوك

القاهرة: هاني كمال الدين
في ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها الساحة السياسية والاقتصادية العالمية، بدأت الشركات الغربية التي غادرت روسيا عقب بدء العمليات العسكرية في 2022، بإعادة تقييم الموقف والنظر في إمكانية العودة إلى السوق الروسي. ورغم أن هذه العودة تبدو مغرية للبعض، فإن الطريق إليها ليس مفروشًا بالورود، إذ يتطلب الأمر مواجهة العديد من التحديات السياسية والاقتصادية، فضلاً عن ردود الفعل المتباينة داخل روسيا نفسها.
التحولات السياسية والاقتصادية: هل تصبح العودة ممكنة؟
منذ المكالمة المثيرة للجدل بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الشهر الماضي، بدأت التوقعات بشأن إمكانية عودة الشركات الغربية إلى روسيا تتزايد. وعلى الرغم من أن البعض ينظر إلى هذه العودة باعتبارها فرصة لتحسين الوضع الاقتصادي، فإن هناك من يعتبرها تهديدًا للمصالح الروسية. والواقع أن المسألة تبدو أكثر تعقيدًا من مجرد رغبة في عودة الشركات الأجنبية، حيث يتداخل العامل السياسي مع الاعتبارات الاقتصادية بشكل معقد.
من جانبها، أكدت صحيفة “موسكوفسكي كومسوموليتس” الروسية في تقرير حديث أن “الشركات الأمريكية ترغب في العودة إلى روسيا، لكن هذه العودة ستكون وفقًا للقواعد الروسية الجديدة”، وهو ما يعكس التغيرات الكبيرة التي حدثت في السوق الروسي خلال السنوات الأخيرة. قد تبدو هذه العودة فرصة لبعض الشركات التي ترغب في استئناف عملياتها في روسيا، لكن الوضع لا يخلو من تعقيدات.
الصراع السياسي داخل روسيا: المؤيدون والمعارضون للعودة
تتباين مواقف الأوساط السياسية والاقتصادية الروسية بشأن العودة المحتملة للشركات الغربية. من جهة، هناك بعض الشخصيات التي تدعم الفكرة، سواء من رجال الأعمال أو بعض السياسيين الذين يرون أن عودة هذه الشركات قد تكون مفتاحًا لتعزيز النمو الاقتصادي وتحديث التكنولوجيا في السوق الروسي. إلا أن هذه الآراء لا تخلُ من الانتقادات، حيث يرفضها آخرون الذين يرون أن عودة الشركات الغربية قد تؤدي إلى تقويض الصناعة المحلية وتدمير ما تم بناؤه خلال السنوات الماضية.
أحد الأصوات المعارضة البارزة هو أليكسي نيتشاييف، زعيم حزب “الناس الجدد”، الذي حذر من أن عودة الشركات الغربية قد تضر بمصالح روسيا على المدى الطويل. وقال نيتشاييف: “لا يجب أن نسمح بإلغاء ما حققته الصناعة الوطنية من تقدم خلال السنوات الثلاث الماضية”. وأكد أن السياسة الروسية يجب أن تكون واضحة وبسيطة: “إذا كانت الشركات الغربية تقدم فائدة حقيقية لروسيا، فلتواصل عملها، ولكن إذا كانت روسيا قادرة على تلبية احتياجاتها بنفسها، فإننا لا نحتاج إليها”.
مصالح القطاع الخاص: الدوافع الاقتصادية وراء العودة
على الجانب الآخر، يعتبر بعض رجال الأعمال، خصوصًا في القطاعات الاستراتيجية مثل النفط والغاز، أن عودة الشركات الغربية قد تحمل فرصة لتعزيز النمو الصناعي والتكنولوجي في روسيا. هذه الشركات تأمل في أن تأتي الشركات الغربية بشروط قاسية، مما يمكن أن يساعد في استعادة التكنولوجيا المتقدمة والاستثمارات التي كانت مفقودة.
وفي هذا السياق، يلاحظ المراقبون أن بعض الشركات الكبرى في روسيا تتطلع إلى أن يكون الغرب شريكًا في عمليات معينة، وتبحث عن شراكات جديدة مع الشركات الغربية في مجالات مثل الطاقة. ومن الجدير بالذكر أن العودة المحتملة ستكون مليئة بالضغوط الاقتصادية والسياسية، مما يجعل هذا المسار محفوفًا بالمخاطر.
موقف الكرملين: خطوات حذرة نحو العودة
على الرغم من تصريحات بعض المسؤولين الروس بشأن العودة المحتملة للشركات الغربية، يبدو أن الكرملين يتبع نهجًا حذرًا. في حديثه في منتدى الصناعيين الروسي، أكد الرئيس بوتين أنه لن تكون هناك “عودة جماعية” للشركات الغربية في القريب العاجل، مشيرًا إلى أن أولويته هي جذب الشركات التي لم تُعلن عن مغادرتها بشكل علني أو تلك التي قد تكون منتجاتها ضرورية للسوق المحلي. وبالرغم من هذه التصريحات، يبقى من غير الواضح ما إذا كانت الشركات الكبرى مثل فيزا وماستركارد ستعود إلى روسيا في المستقبل القريب، في ظل استمرار العقوبات والتوترات السياسية.
- للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر