أخبار الخليج

خبراء: تحليل للشعر قد يكشف جوانب خفية لأسباب التوحد

خبراء: تحليل للشعر قد يكشف جوانب خفية لأسباب التوحد     

أبوظبي في 21 أبريل / وام / دعا خبيران في التحاليل الطبية إلى ضرورة مراعاة العوامل البيئية والوراثية والتغذوية قبل الولادة لفهم أعمق لأسباب ارتفاع معدلات الإصابة باضطراب طيف التوحد، في حين شدد طبيب متخصص على أهمية البحث عن وسائل جديدة للكشف المبكر عن مسببات المرض، ومنها تحليل الشعر الذي يُسهم في الكشف عن السموم والمعادن الثقيلة المرتبطة بالإصابة.

وأكد البروفيسور كارميلو ريزو بجامعة نيكولو كوسانو في روما، والمتخصص في التغذية والحساسية، والباحث في اضطرابات النمو العصبي منذ أكثر من ثلاثة عقود، أن الارتفاع الملحوظ في معدلات اضطراب التوحد خلال السنوات الأخيرة يرتبط بعدة عوامل بيئية وفسيولوجية، داعيا إلى تبني نهج شامل يبدأ من مراحل الحمل الأولى للحد من هذه الظاهرة المتنامية.

وأوضح ريزو، في تصريح لوكالة أنباء الإمارات “وام” على هامش مشاركته في “المؤتمر الدولي الثالث للمستجدات في أبحاث التوحد” بأبوظبي، أن الإحصاءات الحديثة تكشف عن ارتفاع مثير للقلق في نسب الإصابة، حيث انتقل المعدل في إيطاليا من طفل واحد بين كل 600 إلى طفل واحد من بين كل 34، مما يستدعي مراجعة جدية للعوامل البيئية بالتوازي مع العوامل الوراثية.

وأشار إلى أن من أبرز العوامل البيئية المساهمة في اضطرابات النمو العصبي هي سوء التغذية لدى الأمهات أثناء الحمل، وعمر الأم، وطبيعة الحمل، إضافة إلى النشاط البركاني، لافتًا إلى أن البراكين تُعد مصدرا رئيسيا لانبعاث المعادن الثقيلة في الهواء.

وقال: “في إيطاليا، هناك بركانان نشطان يقذفان الحمم والغازات يوميًا، وقد لاحظنا علاقة بين المناطق القريبة من البراكين وارتفاع نسب التوحد، وهي ظاهرة رُصدت في بلدان أخرى أيضًا”.

وشدّد البروفيسور ريزو على أن التلوث البيئي يُعد عاملًا خطيرًا، خاصة حين يقترن بالاستعداد الوراثي لدى الأطفال، مؤكدًا أن العامل الجيني ليس سببًا مباشرًا، بل محفزًا عند وجود ظروف بيئية محفوفة بالمخاطر.

ودعا إلى تبني منظور متكامل في التعامل مع اضطراب التوحد، يشمل توعية المعلمين، ومقدمي الرعاية، والأمهات، مشيرًا إلى أن العديد من المصابين بالتوحد يشغلون اليوم مناصب مرموقة في التعليم والصحة ومجالات دقيقة، مما يُبرز أهمية برامج التأهيل الفردية التي تتناسب مع احتياجات كل حالة.

وفي إطار محاضرته بعنوان “العوامل الغذائية قبل الولادة واضطرابات النمو العصبي”، أشار ريزو إلى أنه يُجري حاليًا أبحاثًا في مجال “الفيزيولوجيا المرضية للتغذية”، ضمن ورشة علمية ناقشت جذور التوحد على مستوى الجينات، والخلايا الدبقية، والجهاز العصبي المركزي.

وأضاف أن بعض الاضطرابات قد تنشأ خلال الولادة أو حتى قبلها، وتتأثر بطريقة الولادة نفسها، سواء كانت طبيعية أو قيصرية، مما يُبرز أهمية التحليل البيوكيميائي والفحوص الدقيقة للكشف المبكر عن أي اختلال غذائي أو نقص في العناصر الحيوية.

كما حذّر من الاستخدام العشوائي للمكملات الغذائية، خاصة لدى الأطفال، مؤكدًا أن النظام الغذائي المتوازن يغني عن الحاجة إليها في معظم الحالات.

من جانبه، أكد الدكتور رامز سعد، المتخصص في تحليل المعادن والسموم في الشعر والأغذية والتربة، والمشرف على مختبر “MS-ICP” في كندا، أن تحليل الشعر يُعد أداة دقيقة وفعالة لرصد تراكم السموم والمعادن الثقيلة في الجسم، والتي قد تكون من العوامل المسببة لاضطرابات مثل التوحد ومشكلات الجهاز الهضمي لدى الأطفال.

جاء ذلك خلال محاضرته بعنوان “توفر تقنية فيتوتشيلاتين العديد من الفوائد للأفراد المشخصين باضطراب طيف التوحد”، ضمن فعاليات المؤتمر، حيث استعرض خبرته التي تمتد لأكثر من 30 عامًا في كندا، ودوره في تطوير تقنيات متقدمة باستخدام جهاز مطياف الكتلة بالبلازما المقترنة بالحث (ICP-MS).

وأوضح أن هذا النوع من التحاليل يُمكن من الكشف عن عناصر سامة مثل الزئبق، والتي قد تختزن في أنسجة الجسم دون أن تظهر في التحاليل التقليدية مثل الدم أو البول، مما يجعل تحليل الشعر وسيلة أكثر فعالية في تتبع السموم المزمنة.

وأشار إلى أن التعرض البيئي للسموم، وسوء التغذية، والالتهابات المعوية من العوامل التي قد ترتبط بارتفاع معدلات الإصابة بالتوحد، مؤكدًا أن العديد من الأطفال الذين خضعوا لتحليل الشعر كانوا يعانون من مشكلات هضمية، أو فطريات مثل الكانديدا، أو حساسية تجاه الجلوتين والكازين.

وبيّن الدكتور رامز أن تحليل الشعر يُستخدم لرصد تراكم معادن ثقيلة مثل الألمنيوم، الزئبق، والرصاص، وهي مواد قد تؤدي إلى اضطرابات عصبية تؤثر سلبًا على النمو والسلوك، لا سيما لدى الأطفال ذوي الاستعداد الوراثي أو ضعف في المناعة.

وأضاف أن ارتفاع مستويات هذه المعادن قد يرتبط بأعراض سلوكية تشمل فرط النشاط، ضعف التركيز، اضطرابات النوم، ونوبات الغضب المفاجئة، وهي مظاهر تتقاطع مع سمات اضطراب طيف التوحد، مما يعزز أهمية التحليل كأداة داعمة للتشخيص المبكر.

وفيما يتعلق بالحلول العلاجية، أوضح أن بعض الحالات قد تستفيد من بروتوكولات العلاج بالاستخلاب التي تهدف إلى تخليص الجسم من المعادن السامة، إلى جانب تحسين النظام الغذائي ودعم الكبد والكلى بمكملات مناسبة.

كما شدد على أهمية التمييز بين تحاليل المختبرات العامة وتلك المتخصصة، داعيًا أولياء الأمور إلى طلب فحوص دقيقة، والاعتماد على تفسيرات علمية مدروسة بعيدا عن القراءات العامة أو العشوائية.

وأكد الدكتور سعد في ختام محاضرته أن الكشف المبكر والتدخل العلاجي المدروس يمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا في حالة الأطفال المصابين بالتوحد، مشددًا على أهمية التوعية المجتمعية لتمكين العائلات من اتخاذ قرارات صحية مبنية على أسس علمية تعزز من صحة أبنائهم على المدى الطويل.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مصدر المعلومات والصور : wam

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى