إقبال كبير على الشهادات الذهبية في تركيا: الحكومة تستقطب مدخرات المواطنين إلى النظام المالي الرسمي

القاهرة: هاني كمال الدين
تزايد الطلب بشكل ملحوظ على الشهادات الذهبية في تركيا في الآونة الأخيرة، وهو ما انعكس على القيمة السوقية لهذه الشهادات، حيث سجلت زيادة قياسية في الأسعار. وقد دفع هذا الارتفاع في الطلب إلى تحول ملحوظ في توجهات المستثمرين، مما يعكس رغبة الحكومة في تحويل المدخرات المخزنة من قبل المواطنين إلى النظام المالي الرسمي. هذا التوجه جاء نتيجة لتقلبات الأسواق العالمية وزيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن.
ارتفاع غير مسبوق في سعر الشهادات الذهبية
وفقا للتقرير الصادر عن شركة الوساطة المالية “Gedik Yatirim”، شهدت الشهادات الذهبية المتداولة في بورصة إسطنبول زيادة غير مسبوقة في العلاوة، حيث ارتفعت العلاوة بنسبة 21% خلال الأسبوع الحالي. وبينما تمثل هذه الشهادات 0.01 جرام من الذهب الفعلي، فإن هذا التفاوت الكبير في القيمة يعود إلى الزيادة المفاجئة في الطلب من قبل المستثمرين الذين يسعون للاستفادة من الارتفاع المستمر في أسعار الذهب في الأسواق العالمية.
وقد أشار المحلل بوراك بيرلانتا من شركة “Gedik Yatirim” إلى أن التوترات الاقتصادية والجيوسياسية في العالم كانت وراء هذه الزيادة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب، وزيادة اهتمام المستثمرين في تركيا به كأداة استثمارية آمنة.
أسباب الإقبال على الشهادات الذهبية
تعتبر تركيا من أكبر الدول المستهلكة للذهب في العالم، حيث يفوق استيرادها المعدل المحلي للإنتاج، ما يجعلها تعتمد بشكل كبير على الذهب المستورد. وفي هذا السياق، تتميز الشهادات الذهبية بميزات عدة تجعلها جذابة للمستثمرين. أولاً، توفر الشهادات طريقة بسيطة للتداول عبر التطبيقات الرقمية، مما يسهل الوصول إلى السوق. ثانيًا، تتمتع هذه الشهادات بفوارق سعرية ضيقة بين الشراء والبيع، فضلًا عن إعفائها من الضرائب.
كما تتيح هذه الشهادات للمستثمرين إمكانية تحويلها إلى سبائك ذهبية فعلية عند الحاجة، مما يزيد من جاذبيتها مقارنة بشراء الذهب الفعلي. وقد أشار الخبراء إلى أن المستثمرين في هذه الشهادات غالبًا ما يكونون ذوي معرفة مالية عالية، ويفضلون الأدوات السائلة التي تتيح لهم مرونة في اتخاذ القرارات الاستثمارية.
الدور الحكومي في تعزيز الشهادات الذهبية
تحاول الحكومة التركية منذ سنوات عديدة استقطاب المدخرات التي يحتفظ بها المواطنون في منازلهم إلى النظام المالي الرسمي. ومن هذا المنطلق، أطلقت الحكومة الشهادات الذهبية في نوفمبر 2022 كأداة بديلة لجذب هذه المدخرات. يهدف هذا النظام إلى تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال زيادة احتياطي الذهب في البنوك المركزية التركية.
ويلاحظ أن الشهادات الذهبية تُعتبر جزءًا من محاولات الحكومة التركية للحد من استخدام الذهب كأداة ادخار غير رسمية في البيوت، وتحويله إلى أداة استثمارية قانونية توفر مزايا ضريبية وتجارية للمستثمرين.
التحديات المستقبلية لتفاوت الأسعار بين الشهادات الذهبية والذهب الفعلي
على الرغم من الزيادة الكبيرة في الطلب على الشهادات الذهبية في تركيا، إلا أن هناك توقعات تشير إلى أن التفاوت الكبير في الأسعار بين الذهب الفعلي والشهادات قد لا يستمر طويلاً. يرى العديد من المحللين أن هذا التفاوت يعكس توجهات مضاربية من قبل بعض المستثمرين، ولا يعكس بالضرورة زيادة حقيقية في الطلب على الذهب في السوق الأوسع.
وقد أكد مستشار “Metals Focus”، تشاغداس كيوتشوكميروغلو، أن الطلب على الشهادات الذهبية يبدو أنه أكثر موجهًا إلى فئة المستثمرين الذين يفضلون التفاعل مع السوق المالي، وهو ما قد يؤدي إلى تصحيح السعر في المستقبل القريب.
آفاق مستقبلية للقطاع الذهبي في تركيا
من المتوقع أن يستمر الطلب على الشهادات الذهبية في تركيا خلال الفترة القادمة، خاصة في ظل استمرار تقلبات الأسواق العالمية، وزيادة التوترات الجيوسياسية. وفي هذا السياق، يعتقد الخبراء أن هناك احتمالية كبيرة لنمو السوق التركي للذهب بشكل عام، بما في ذلك الشهادات الذهبية، ما يعزز مكانة تركيا كواحدة من أكبر أسواق الذهب في العالم.
تسعى الحكومة التركية إلى استغلال هذه الفرصة لتوسيع نطاق استخدام الشهادات الذهبية، وتوجيه المزيد من المدخرات إلى النظام المالي الرسمي، وهو ما سيعزز الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر