4.7 مليارات دولار لتوسيع النفوذ الصيني بالمنطقة

القاهرة: هاني كمال الدين
في خطوة تُعد من أكبر المشاريع الاستراتيجية في منطقة آسيا الوسطى، انطلقت رسميًا أعمال بناء خط سكك حديدية عملاق يربط الصين بجمهورية قرغيزيا وصولًا إلى أوزبكستان، وذلك بعد عقود من التخطيط والمفاوضات التي جمعت الدول الثلاث.
ويمتد المشروع الجديد على مسافة تتجاوز 530 كيلومترًا، حيث من المقرر أن يعبر مناطق جبلية وعرة ويتطلب بناء 46 جسرًا و27 نفقًا، بما يشكل نحو 40% من المسار الكلي، وتبلغ التكلفة التقديرية للمشروع 4.7 مليارات دولار.
جاء تدشين المشروع في منطقة سوزاك جنوب قرغيزيا، بمشاركة مسؤولين كبار من الصين وقرغيزيا وأوزبكستان، إلى جانب ممثلين عن البعثات الدبلوماسية والشركات العاملة في قطاع النقل. وتم تأسيس شركة ثلاثية لتنفيذ المشروع، تشارك فيها الصين بنسبة 51% من رأس المال، بينما توزعت الحصص المتبقية مناصفة بين قرغيزيا وأوزبكستان.
ووصف مسؤولون المشروع بأنه نقطة تحول إستراتيجية على خريطة التجارة والنقل في المنطقة، مؤكدين أنه سيختصر الزمن والتكلفة لنقل البضائع من الصين إلى دول آسيا الوسطى، ويُعيد الحياة إلى طريق الحرير القديم بأسلوب عصري يعتمد على التكنولوجيا الحديثة والبنية التحتية المتقدمة.
ومن المتوقع أن تمر السكة الحديدية داخل الأراضي الصينية بمسافة 158 كيلومترًا انطلاقًا من مدينة كاشغار حتى معبر تورغارت الحدودي، تليها مسافة 305 كيلومترات داخل قرغيزيا، حيث تم تصميم أجزاء من السكة بمقاييس مزدوجة لتتناسب مع المعايير الصينية والروسية، قبل أن تصل إلى الأراضي الأوزبكية بمسافة 70 كيلومترًا تقريبًا.
وسيكون تنفيذ المشروع تحديًا هندسيًا ضخمًا، حيث يتضمن حفر ثلاثة أنفاق رئيسية يزيد مجموع أطوالها على 37 كيلومترًا، من أبرزها نفق “نارين – جمال دافان” و”كوشتوبا – كازارمان” و”فرغانة الجبلي”، إضافة إلى بناء 20 محطة قطار بينها محطات شحن وحدودية وتقاطع.
ومن المتوقع أن يوفر المشروع أكثر من 20 ألف فرصة عمل مباشرة خلال مرحلة البناء، كما سيساهم في تنشيط قطاعات صناعية وخدمية متعددة في الدول الثلاث، وسيعزز من جاذبية المنطقة كممر تجاري بديل ومستقر يربط شرق آسيا بأوروبا عبر شبكة من الطرق والسكك الحديدية.
من الناحية المالية، وافقت الصين على تقديم قرض ميسر بقيمة 2.35 مليار دولار لتغطية نصف تكلفة المشروع، بينما ستقوم قرغيزيا وأوزبكستان بتمويل الجزء المتبقي وفقًا لنسب الشراكة. كما أعلنت الحكومة الأوزبكية عن تخصيص 255 مليون دولار لتمويل نصيبها، في حين خصصت الحكومة القرغيزية أكثر من 11 مليار سوم لدعم المشروع ضمن ميزانيتها الوطنية.
ويرى مراقبون أن هذا المشروع لن يقتصر على الفوائد الاقتصادية، بل سيعزز من التكامل الجيوسياسي بين الدول الثلاث، ويفتح الباب أمام تحالفات إقليمية جديدة تعيد التوازن إلى خارطة النقل العالمية، لا سيما في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة في محيط أوراسيا.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر