كل سيجارة تدمر 20 دقيقة من حياتك: تحذير طبي يحسم الجدل

القاهرة: هاني كمال الدين
السيجارة تقصر العمر… عبارة لم تعد مجرد تحذير تقليدي يتردد على أغلفة علب السجائر أو ضمن حملات التوعية، بل أصبحت حقيقة طبية صارخة مدعومة بأبحاث وأرقام ودراسات معمقة. فوفقًا لما أكده الطبيب النفسي وخبير الإدمان الدكتور روسلان إيسايف في تصريحات خاصة لصحيفة “غازيتا.رو” الروسية، فإن كل سيجارة يتم تدخينها تسرق من حياة المدخن نحو 20 دقيقة في المتوسط. هذا التقدير الصادم لم يعد مجرد افتراض بل هو ثمرة دراسات متقدمة راقبت أثر التدخين على مدى سنوات طويلة.
فهل يمكن حقًا أن تحكم السيجارة على صاحبها بالموت البطيء؟ وهل أصبح الحديث عن أن السيجارة تقصر العمر أمرًا مثبتًا لا يقبل الشك؟
السيجارة تسرق الوقت: 20 دقيقة في كل مرة
تشير الأبحاث الحديثة التي اعتمدها الدكتور روسلان إيسايف إلى أن متوسط الوقت الذي تُنتزع فيه الحياة من المدخن مع كل سيجارة يصل إلى 20 دقيقة:
-
حوالي 17 دقيقة للرجال
-
و22 دقيقة للنساء
ويُعتبر هذا الرقم تطورًا في تقدير الخطر مقارنة بتقديرات سابقة كانت ترى أن كل سيجارة تقلص العمر بنحو 11 دقيقة فقط. السبب؟ أن الدراسات الجديدة استندت إلى قواعد بيانات موسعة وعمليات تتبع سريرية طويلة المدى، ما جعل استنتاجاتها أكثر دقة ومواكبة للواقع الصحي الحالي.
أكثر من دقائق… إنها سنوات تضيع
لا تنحصر خطورة التدخين في دقائق متفرقة تذهب سدى، بل في مجموع تراكمي قاتل. فحسب ما أورده إيسايف، فإن المدخنين يخسرون نحو 10 سنوات من حياتهم مقارنة بأقرانهم غير المدخنين. ليست مجرد سنوات أقل على عدّاد الحياة، بل سنوات يُعاني فيها المدخن من تدهور تدريجي في نوعية حياته، ويواجه أمراضًا مزمنة وتدهورًا جسديًا ونفسيًا مبكرًا.
الأمراض المزمنة تسبق النهاية
من ضمن الأثر الأشد فتكًا الذي يثبته التقرير، أن التدخين لا يؤدي فقط إلى تقليص العمر، بل يفتح الباب أمام أمراض مزمنة مثل:
-
أمراض القلب وتصلب الشرايين
-
السرطان بأنواعه
-
أمراض الجهاز التنفسي
-
داء الانسداد الرئوي المزمن
-
الجلطات الدماغية والدموية
وهذه ليست حالات محتملة، بل سيناريوهات متكررة على أرض الواقع، أثبتتها الحالات السريرية وأكدتها الهيئات الصحية في مختلف أنحاء العالم.
السيجارة تقصر العمر… وتهدد الشيخوخة الصحية
أبرز ما شددت عليه الدراسة أن تأثيرات التدخين لا تقتصر على الشباب، بل تظهر بقوة في الشيخوخة. فبحسب بيانات المعهد الوطني الأمريكي لمكافحة تعاطي المخدرات (NIDA)، فإن المدخنين فوق سن الستين يعانون من ضعف معدلات الوفاة مقارنة بغير المدخنين، وغالبًا ما يفقدون 6 سنوات من عمرهم قبل الأوان.
هل فات الأوان؟ أبدًا…
في ظل هذه المعطيات القاتمة، يحمل التقرير بصيصًا من الأمل. إذ يؤكد إيسايف أن الإقلاع عن التدخين ممكن ومجدي في أي مرحلة عمرية. حتى لو بدأ الشخص التدخين في سن متأخرة، فإن الإقلاع عنه يمكن أن يعيد لجسمه القدرة على التعافي، ويطيل من متوسط عمره ويحسن نوعية حياته.
لماذا يصعب الإقلاع؟
يفكك الطبيب نظريًا أسباب صعوبة الإقلاع عن التدخين فيطرح وجهة نظره التي تجمع بين الطب البيولوجي والنفسي:
-
النيكوتين يؤثر في النظام الكيميائي للدماغ
-
الجسم ينتج “نيكوتين داخليًا” ينظم التوازن العصبي
-
إدخال نيكوتين خارجي يربك هذه المنظومة، ما يؤدي إلى الإدمان
-
الإقلاع ليس مسألة “إرادة” فقط، بل حالة طبية تستدعي علاجًا سريريًا
السيجارة تقصر العمر… فكيف ننقذ ما تبقى؟
ينصح إيسايف بالتعامل مع الإدمان على أنه مرض قابل للعلاج، ويوصي بالتالي:
-
بدء خطة علاج تحت إشراف طبي
-
الاعتماد على بدائل النيكوتين (لصقات، علكة، بخاخات)
-
الانخراط في جلسات علاج سلوكي فردية أو جماعية
-
الدعم النفسي من الأسرة والمجتمع
-
استخدام تطبيقات ذكية لتتبع الحالة وتسجيل التقدم
خسائر اقتصادية فادحة للتدخين
الحديث عن أن السيجارة تقصر العمر لا يقتصر على المستوى الصحي، بل يشمل أيضًا خسائر اقتصادية ضخمة تتحملها أنظمة الصحة العامة، بسبب الإنفاق على علاج الأمراض الناتجة عن التدخين، إضافة إلى فقدان القوى العاملة نتيجة الوفاة المبكرة أو العجز الصحي المزمن.
المسؤولية مشتركة… لكن البداية فردية
في ختام حديثه، شدد إيسايف على أن مواجهة التدخين لا تقتصر على الفرد، بل تستوجب تدخلًا جماعيًا، تشريعيًا وطبيًا وتوعويًا. ومع ذلك، تبقى نقطة الانطلاق من داخل كل شخص. القرار بالإقلاع يبدأ من هنا… والنتائج تستحق.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر