فن ومشاهير

الفنان نبيل الحلفاوي.. فارس الأدوار المركّبة وصوت الوعي على الشاشة

الفنان نبيل الحلفاوي.. فارس الأدوار المركّبة وصوت الوعي على الشاشة     
زيزي عبد الغفار   

في ذكرى رحيله، يستذكر الوسط الفني والثقافي سيرة الفنان القدير نبيل الحلفاوي، أحد أبرز نجوم التمثيل، والحضور الاستثنائي الذي جمع بين الصرامة والعمق والأداء الهادئ والقوة الداخلية، ليصنع مسيرة فنية متميزة ظلت علامة فارقة في الدراما والسينما والمسرح.

 

البدايات…وتكوين المواهب

ولد الفنان نبيل الحلفاوي في 15 أبريل 1947، وتخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية، حيث تشكلت ملامح وعيه الفني المبكر، متأثرا بالمسرح الجاد والفكر التنويري. كان من جيل يؤمن بدور الفن في طرح الأسئلة الكبيرة، وليس مجرد الترفيه.

بدأ مشواره الفني على المسرح، الذي صقلت أدواته التمثيلية ومنحته قدرة استثنائية على التحكم في الإيقاع الداخلي للشخصية، قبل أن ينتقل إلى التلفزيون والسينما، حاملاً معه إحساس الممثل المثقف القادر على قراءة النص وتحويله إلى حالة إنسانية نابضة بالحياة.

صعود نجم

برز الفنان نبيل الحلفاوي بقوة في الدراما التليفزيونية، خاصة خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، حيث ارتبط اسمه بأدوار معقدة تعكس صراع الإنسان مع السلطة والمجتمع والنفس. ولم يكن ممثلاً يعتمد على البطولة التقليدية، بل على قيمة الدور وتأثيره.

ومن أبرز أعماله التلفزيونية:

“رأفت الهجان” الذي قدم فيه شخصية ضابط المخابرات الإسرائيلية بعمق وهدوء ملحوظين، “زيزينيا” الذي جسد فيه نموذج المثقف الوطني “الزيني بركات”، أحد أهم الأعمال التاريخية السياسية في الدراما العربية، “المرسى والبحار”، “الملك فاروق”، “الليل والنهاية”، بالإضافة إلى أعمال أخرى تركت بصمة واضحة في ذاكرة المشاهد.

السينما والمسرح

وفي السينما، لم يكن نبيل الحلفاوي غزير الإنتاج، لكنه كان دقيقا جدا في اختياراته، مؤمنا أن الظهور الصغير المؤثر أفضل من الحضور المتكرر الذي لا قيمة له. شارك في عدد من الأفلام التي عكست وعيه الفني، منها: «الطريق إلى إيلات»، و«المصير»، و«الهروب»، حيث قدم شخصيات ذات أبعاد فكرية وسياسية متحررة من الصور النمطية.

أما المسرح، فقد ظل مكان حبه الأول، وشارك في عروض مسرحية مهمة أكدت انتمائه للمسرح الجاد، وحرصه على أن يكون الفن أداة للتوعية والتنوير.

– الحضور الإنساني

ولم يقتصر تأثير الفنان نبيل الحلفاوي على الشاشة فقط، بل امتد إلى مواقفه وآرائه العامة، إذ عرف بصوته المستقل، واهتمامه بالشأن العام، ومتابعته الدقيقة للقضايا الثقافية والسياسية. لقد كان نموذجاً للفنان الواعي المنخرط في مجتمعه.

وعلى مستوى الأداء، تميز بأسلوب تمثيلي يعتمد على الاقتصاد في التعبير، والنغمة الهادئة، والقدرة على نقل المشاعر العميقة دون مبالغة، مما جعله قريباً من ضمير الجمهور ويحظى باحترام النقاد.

– الرحيل والبقاء

رحل الفنان نبيل الحلفاوي لكنه ترك إرثا فنيا وإنسانيا غنيا، مؤكدا أن الفن الحقيقي لا يشيخ، وأن الممثل المخلص لفكره وقيمه يبقى حاضرا في الذاكرة مهما غاب الجسد.

في ذكرى رحيله، يظل نبيل الحلفاوي أحد فرسان الدراما المصرية، وصوتًا صادقًا للفن الذي يثير التساؤلات، ويخلق الوعي، ويمنح المشاهد متعة التفكير قبل متعة المشاهدة.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى