4 اتجاهات شكلت قطاع السياحة في نهاية العام.. تجارب هادئة ومحلية وذات مغزى

وقال الدكتور شون لوشري، الأستاذ المشارك في جامعة هيريوت وات دبي وخبير السياحة، إنه مع اقتراب نهاية العام، يشهد قطاع السفر العالمي تحولاً متزايداً نحو التأمل والترفيه والاستكشاف الواعي. وبينما كان فصل الشتاء مرادفًا للعطلات الاحتفالية والزيارات العائلية، يبحث المسافرون اليوم عن تجارب أعمق تتجاوز مجرد الترفيه السطحي، استنادًا إلى الأصالة والمعنى والتواصل الحقيقي مع الأشخاص والأماكن.
وتجسد نهاية موسم 2025 هذا التحول، معلنة ظهور مرحلة جديدة من السفر تعتمد على السياحة البطيئة والتجارب المحلية الغنية والرحلات الهادفة، مما يعيد تشكيل الطريقة التي نكتشف بها العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط.
السياحة البطيئة: إعادة تعريف وتيرة السفر
وقال شون لوشري إنه في عالم تحكمه السرعة والتنقل المستمر، فإن صعود السياحة البطيئة يعبر عن تحول واعي نحو وعي أكبر واستدامة وتواصل ثقافي عميق. فبدلاً من الجداول الزمنية المزدحمة والسفر السريع بين الوجهات، يفضل المسافرون البقاء لفترات أطول في أماكن أقل، مما يتيح لهم فهمًا أعمق لبيئاتهم وتقاليدهم ومجتمعاتهم المحلية.
وخلال فصل الشتاء، برز هذا النمط كأحد أبرز اتجاهات السفر، خاصة في الوجهات التي تشجع على التأمل وإعادة التواصل مع الطبيعة، مثل نزل فينان البيئي في الأردن، ومسفاة العبريين في عمان، والنزل الصحراوية في الإمارات العربية المتحدة. وفي هذه السياقات، يختار المسافرون الإقامة الطويلة وتقليل التنقل لصالح تجارب أكثر ثراءً وهدوءًا.
تجارب محلية مميزة: الاحتفال بالأصالة
وذكر شون لوكري أن مفهوم السفر المحلي المميز يكتسب زخماً متزايداً، خاصة بين المسافرين الشباب الباحثين عن الأصالة والعمق الثقافي. فبدلاً من الانجذاب إلى المنتجات السياحية النمطية، يفضل الزوار التجارب التي تعكس الهوية الاجتماعية والثقافية الحقيقية للوجهة.
وفي الشرق الأوسط، يتجلى هذا الاتجاه من خلال المبادرات التي تحتفي بالتراث الحي، والحرف التقليدية، والسياحة المجتمعية. وتعد قرية رجال ألمع التراثية في المملكة العربية السعودية مثالاً رئيسيًا على ذلك، حيث تقدم تجربة ريفية غامرة تركز على الأصالة والتنوع البيئي وتنمية المجتمع. وقد تم الاعتراف بالقرية من قبل منظمة السياحة العالمية كواحدة من “أفضل القرى السياحية” في العالم، مما يجعلها نموذجًا لكيفية الاستفادة من السياحة في تسليط الضوء على الثقافة المحلية، وتحفيز الاقتصاد الإقليمي، وتعزيز ارتباط الزائر بالمكان وسكانه.
ازدهار الصحة والسياحة الطبيعية
وأشار شون لوشري إلى أن السياحة في مرحلة ما بعد الوباء سلطت الضوء على العلاقة الوثيقة بين الصحة والاستكشاف. وبينما ارتبطت السياحة الصحية في المقام الأول بالمنتجعات الصحية، فإنها اليوم تتضمن تجارب شاملة تهتم بالصحة الجسدية والوضوح العقلي والتحولات العاطفية. ويشكل الشتاء بإيقاعه الهادئ خلفية مثالية لمثل هذه الرحلات. من خلوات التأمل الجبلية في عمان إلى جلسات اليوغا والعلاج الصوتي وسط المناظر الطبيعية الصحراوية في الإمارات العربية المتحدة، يتجه المسافرون بشكل متزايد إلى الطبيعة كملجأ ودليل. وحتى الوجهات الحضرية تتكيف، وتقدم برامج سياحية تركز على الصحة وتجمع بين الأنشطة الخارجية، والانغماس الثقافي، وفرص الابتعاد عن التكنولوجيا. على سبيل المثال، تسلط مبادرة “زوروا دبي” الضوء على مجموعة متنوعة من تجارب الصحة والعافية في المناطق الحضرية من خلال “اكتشف المشهد الصحي في دبي”، حيث تعرض الأنشطة المصممة لتعزيز الحيوية البدنية والاسترخاء العقلي والصحة العامة.
الاستدامة هي جوهر قرارات السفر
وشدد لوخري على أن الوعي البيئي يؤثر بشكل متزايد على خيارات السفر. يعطي المسافرون الأولوية للوجهات وأماكن الإقامة التي تظهر التزامًا ملموسًا بالاستدامة والحفاظ على البيئة ودعم المجتمعات المحلية. تستثمر الحكومات في جميع أنحاء الشرق الأوسط بشكل متزايد في البنية التحتية الخضراء والطاقة المتجددة ومبادرات السياحة المستدامة.
ومن الأمثلة على ذلك نموذج السياحة المتجددة في المملكة العربية السعودية على طول البحر الأحمر، وبرامج القطاع العام مثل دائرة الثقافة والسياحة في أبو ظبي، التي تشجع الشركات على تبني ممارسات مسؤولة بيئياً واجتماعياً من خلال إرشاداتها الخاصة بالسياحة المستدامة. وتهدف هذه المبادرات إلى ترسيخ الاستدامة على جميع مستويات قطاع السياحة، ودعم الحفاظ على البيئة وتنمية المجتمع المحلي.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر


