تقارير

الردع الصاروخي الأميركي يواجه تحديات غير مسبوقة

تواجه الدفاعات الصاروخية الأمريكية انتقادات متزايدة حيث تكافح الأنظمة القديمة والصواريخ الاعتراضية لمواجهة التهديدات النووية.

هذا الشهر، أصدر المجلس الأطلسي تقريرا يقول إن الدفاعات الصاروخية الأميركية غير كافية ضد الخصوم المسلحين نوويا، مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية.

ويشير التقرير إلى أنه في حين تدعو استراتيجية الدفاع الوطني لعام 2022 إلى مواكبة القدرات الصاروخية لكوريا الشمالية، مع الاعتماد على الردع الاستراتيجي ضد الصين وروسيا، فإن هذا النهج أصبح غير كاف بسبب التعقيد المتزايد وعدد التهديدات الصاروخية.

وبينما يشير التقرير إلى أن خطة إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن لزيادة الصواريخ الأرضية الاعتراضية بحلول عام 2028 تعد خطوة إلى الأمام، إلا أنها تثير مخاوف بشأن الاستقرار الاستراتيجي مع الصين وروسيا.

ويدعو التقرير إلى إنشاء نظام دفاع صاروخي متعدد الطبقات يدمج التقنيات المتقدمة والإجراءات الهجومية لمنع إطلاق الصواريخ. كما تؤكد على أهمية حماية القوات النووية الأمريكية وأنظمة القيادة والسيطرة لضمان الردع.

ويوصي التقرير بزيادة تمويل الدفاع الصاروخي إلى 1% من ميزانية الدفاع السنوية، وتعزيز الشفافية مع الصين وروسيا للتخفيف من مخاوف سباق التسلح. ويقول إن الهدف النهائي هو إنشاء نظام دفاعي قوي يعقد خطط هجوم الخصوم ويطمئن حلفاء الولايات المتحدة. ويخلص تقرير المجلس الأطلسي إلى أن الأمن القومي الأميركي وقدرتها على استعراض القوة على مستوى العالم من الممكن أن يتقوضا إلى حد كبير دون معالجة هذه التهديدات.

مبادرة

ربما لم يكن الدفاع الصاروخي الأمريكي أولوية منذ إدارة الرئيس السابق دونالد ريجان. في عام 1983، كشف ريغان النقاب عن مبادرة الدفاع الاستراتيجي، وهو نظام دفاع صاروخي مستقبلي متعدد الطبقات يعتمد على تقنيات الفضاء. ومع ذلك، تعرضت مبادرة الدفاع الاستراتيجي لانتقادات بسبب تكاليفها المرتفعة وحقيقة أنه لا يمكن اختبارها دون هجوم نووي.

كما أن فكرة الحماية من الهجوم النووي كانت تتعارض أيضًا مع مفهوم الردع، حيث شجعت السوفييت على التفكير في شن ضربة أولى قبل أن تتمكن الولايات المتحدة من إكمال النظام. تضاءل اهتمام الولايات المتحدة بمبادرة الدفاع الاستراتيجي عندما تم التوقيع على معاهدة ستارت 1 في عام 1991.

المخاطر الفنية

علاوة على ذلك، ذكر الخبيران روبرت بيترز وكيارا جينتري، في تقرير أصدرته مؤسسة التراث، في يونيو/حزيران 2024، أنه على الرغم من إنفاق أكثر من 170 مليار دولار في العقدين الماضيين، فإن القدرة الدفاعية الصاروخية الأمريكية ظلت دون تغيير بشكل أساسي منذ عام 2004.

ويشير بيترز وجينتري إلى أن القاذفات الاستراتيجية الـ 44 التي تمتلكها الولايات المتحدة قد لا تكون كافية لمواجهة ضربة نووية محدودة على البر الرئيسي للولايات المتحدة والتهديدات المستقبلية.

ويقول الخبيران أيضًا إن زيادة عدد القاذفات الاستراتيجية سيكلف 90 مليون دولار لكل منها، وهو مسعى مكلف.

وبينما يهدف برنامج الصواريخ الاعتراضية من الجيل التالي إلى تعزيز الدفاع الصاروخي الأمريكي، ذكر تقرير صادر عن مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية في يونيو 2024 أن البرنامج يواجه مخاطر بسبب تداخل أنشطة التصميم والإنتاج والجدولة وزيادة التكاليف الناتجة عن سلسلة التوريد مشاكل.

وبحسب تقرير مكتب المحاسبة، فإن وكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية لم تعالج بشكل كامل المخاطر الفنية أو متطلبات الأداء المتعلقة بالتهديد، مما أثار مخاوف بشأن قدرة البرنامج على الوفاء بالموعد النهائي للنشر في 2028.

وعلى الرغم من هذه الفجوات في القدرات، فإن الدفاع الصاروخي الأميركي يشكل تحدياً كبيراً للخصوم المسلحين نووياً، وهو ما قد يؤدي إلى سباق تسلح هجومي.

وفي تقرير لمجلة الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، نشر عام 2024، قالت الخبيرة الاستراتيجية أوتاوا ساندرز، إن الصين تخشى أن تؤدي الدفاعات الصاروخية الأمريكية إلى تقويض ردعها النووي من خلال اعتراض ضربة أمريكية أولى باستخدام معظم الصواريخ التي تمتلكها، وبالتالي تدهور قدرتها على الاستجابة لضربة ثانية.

وعلى نحو مماثل، يعتقد ساندرز أن روسيا تشعر بالقلق من أن الدفاعات الصاروخية الأميركية قد تؤدي إلى تآكل قدرتها على الرد على أي ضربة أميركية مضادة.

التوسع النووي

ومن ناحية أخرى، تهدف كوريا الشمالية إلى إبقاء البر الرئيسي للولايات المتحدة عرضة لخطر هجوم نووي مباشر، وتهدد باستخدام الأسلحة النووية لإجبار الأخيرة على اتخاذ قرارات لصالح الأولى. ومع ذلك، ليس من المؤكد أن الدفاع الصاروخي الأمريكي سيكون قادرًا على إحباط التهديدات النووية لكوريا الشمالية.

لقد طور هؤلاء الخصوم المحتملون ترساناتهم النووية بطرق يمكن أن تهزم الدفاع الصاروخي الأمريكي.

ووفقا لتقرير القوة العسكرية الصينية لعام 2024 الصادر عن وزارة الدفاع الأمريكية، فإن التوسع النووي للصين يتقدم بسرعة، وتجاوز مخزونها 600 رأس حربي تشغيلي في عام 2024، في حين من المتوقع أن يتجاوز 1000 رأس حربي تشغيلي بحلول عام 2030.

ويشير تقرير الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم إلى أن الوحدات الصاروخية التابعة للجيش الصيني تقوم بإنشاء 320 صومعة للوقود الصلب، ومضاعفة قوتها من صوامع الوقود السائل إلى 50 صومعة، وهو ما يعزز قدرتها على توفير “الإنذار المبكر بضربة مضادة”.

وتقول وزارة الدفاع الأمريكية إن الصين تمتلك 400 صاروخ باليستي عابر للقارات قادر على حمل عدة رؤوس حربية يمكنها العمل بشكل مستقل.

وبحسب التقرير، تضم الترسانة النووية البحرية الصينية ست غواصات مسلحة بصواريخ باليستية تطلق من الغواصات. وينص أيضًا على أن الصين تعمل على تطوير أسلحة نووية تكتيكية وأنظمة قصف تفوق سرعتها سرعة الصوت، مما يشير إلى طموحاتها لتحقيق التكافؤ الاستراتيجي.

وأفاد الخبراء في مقال لمؤسسة التراث أن هدف الصين المتمثل في تحقيق جيش “عالمي المستوى” بحلول عام 2049 قد يدفع إلى تعزيز الترسانة النووية. ومع ذلك، قد تعمل الصين على بناء قواتها النووية لأغراض أخرى، بما في ذلك الغزو المحتمل. بالنسبة لتايوان، بالإضافة إلى هدفها المتمثل في امتلاك جيش متطور وكرد دفاعي على أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية.

جهود التحديث

وفي حالة روسيا، ذكر تقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونجرس الأمريكي، في نوفمبر 2024، أن روسيا تمتلك نحو 1710 رأسًا نوويًا، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الاستراتيجية.

ويسلط التقرير الضوء على جهود التحديث الروسية، مع التركيز على الصواريخ الباليستية الثقيلة العابرة للقارات من نوع “سمارت” و”SS-27” و”بوراي”.

ويقول التقرير إن استراتيجية روسيا لمواجهة الدفاعات الصاروخية الأمريكية تشمل تطوير أنظمة توصيل متقدمة مثل المركبات الانزلاقية الأسرع من الصوت والصواريخ المجنحة التي تعمل بالطاقة النووية وأنظمة تحت الماء ذاتية التحكم. وتهدف هذه الابتكارات إلى ضمان قدرة روسيا على الرد بعد الضربة الأولى، وبالتالي الحفاظ على الردع الاستراتيجي. يشار إلى أن روسيا نشرت أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا وتجاهلت الجهود الأمريكية للحد من هذه الأسلحة. عن “آسيا تايمز”


القدرات الاستراتيجية

وذكر تقرير لخدمة أبحاث الكونجرس الأمريكي أن المسؤولين الروس أعربوا عن مخاوفهم بشأن قدرة قواتهم الاستراتيجية على البقاء، بسبب التقدم الأمريكي في الدفاعات الصاروخية والضربات التقليدية بعيدة المدى.

أما بالنسبة لكوريا الشمالية، فقد ذكر تقرير لعلماء نوويين، نُشر في يوليو/تموز 2024، أن كوريا الشمالية قد تمتلك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع ما يصل إلى 90 رأسًا نوويًا، ومن المرجح تجميع حوالي 50 منها. ويقول العلماء إن كوريا الشمالية تعمل على تعزيز قوتها بصواريخ استراتيجية جديدة طويلة المدى تعمل بالوقود الصلب، وصواريخ تكتيكية قصيرة المدى، وصواريخ بحرية.

. وليس من المؤكد أن الدفاع الصاروخي الأمريكي سيكون قادراً على إحباط التهديدات النووية لكوريا الشمالية.

. وتقوم الصين بتطوير أسلحة نووية تكتيكية وأنظمة قصف تفوق سرعتها سرعة الصوت، مما يدل على طموحات التكافؤ الاستراتيجي.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى