نازحون في جنوب قطاع غزة ينتظرون العودة إلى الشمال لدفن جثامين أقاربهم

ينتظر المواطن عاهد الشوا، بفارغ الصبر، العودة إلى مكان إقامته في مدينة غزة، بعد الدخول في اتفاق “وقف إطلاق النار”. ودخل حيز التنفيذ يوم الأحد الماضي.
فر الشوا مع عائلته إلى رفح جنوب قطاع غزة، في الأشهر الأولى من حرب الإبادة الإسرائيلية، بحثاً عن “مكان آمن”. وتحميهم من غارات الاحتلال العشوائية، حيث لجأوا إلى أحد المنازل، لكن الاحتلال لم يترك أي مكان في القطاع من الشمال إلى الجنوب دون استهدافه بقصف الطائرات والدبابات والزوارق العسكرية، إضافة إلى التوغلات البرية.
وفي ليلة 26 مارس 2024، قصف الاحتلال المنزل الذي لجأت إليه عائلة الشوا، ما أدى إلى استشهاد زوجته علا وابنته تمام. وأصيب هو وأبناؤه الأربعة بإصابات مختلفة، حيث بُترت ساقي نجله الأكبر عاصم، وأصيب مهند ومحمد بجروح متوسطة، وأمضى نجله الأصغر عبد الله أياما في العناية المركزة. ولا يزال الشوا يعاني من ألم فقدان الأحبة، وألم إصابات أبنائه، والتعطش للعودة إلى منزله. وفي خيمة النزوح التي لجأ إليها مع أطفاله الأربعة، قال الشوا (63 عاماً) لـ”وفاء”: “أشتاق للعودة إلى منزلي لجمع ما تبقى منه، ونقل رفات زوجتي”. وابنتي وادفنهما بالقرب من مكان إقامتي».
أما المواطن سامي أبو سالم، فيعاني آلاماً متجددة كل يوم بعد هروبه إلى جنوب غزة هرباً من القصف شماله. وتلقى أبو سالم نبأ قصف منزله، وأعرب عن أمله في استعادة جزء مما فقده. ويعيش أبو سالم معاناة معقدة. خسارة منزله الذي كان يحمل ذكريات عائلته، وفقدان شقيقه يوسف الذي استشهد في العدوان الأخير على شمال قطاع غزة. وقال أبو سالم لوفا: إنه متلهف للعودة لدفن شقيقه واستخراج وثائق مهمة من تحت الطوابق الأربعة التي يتكون منها منزل العائلة. وفي وسط قطاع غزة تتجسد معاناة أخرى لعائلة أم محمود التي لجأت من بيت لاهيا إلى خيمة نصبتها في أرض خالية بعد أن فقدت منزلها نتيجة قصف الاحتلال مطلع العام الماضي عدوان. تعيش الأسرة ظروفاً مأساوية في ظل خيمة لا تحميهم من برد الشتاء ولا حر الصيف. وتقول أم محمود إن أطفال الأسرة الأربعة محرومون من أساسيات الحياة من تعليم وماء وكهرباء، في ظل الظروف القاسية التي فرضها النزوح. وقالت أم محمود، إن الخيام التي كان من المفترض أن تكون مأوى مؤقتاً، تحولت إلى واقع طويل الأمد. وسط هذه المأساة، لا تزال أم محمود تنتظر يوماً لإنهاء معاناتها وتمكينها من العودة إلى الحياة التي فقدتها تحت الركام. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن 92% من المنازل في قطاع غزة، أي نحو 436 ألف منزل، دمرت أو تضررت نتيجة العدوان الإسرائيلي، فيما شرد 90% من المواطنين من منازلهم. وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في فلسطين الدكتور ريك بيبركورن: “الإعلان عن وقف إطلاق النار يبعث الأمل، لكن التحدي الذي ينتظرنا مذهل”. وأضاف: “إن معالجة الاحتياجات الهائلة واستعادة النظام الصحي ستكون مهمة معقدة وصعبة، نظراً لحجم العمليات وتعقيدها والقيود الناتجة عنها”. أكد المستشار الإعلامي والناطق باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عدنان أبو حسنة، أن عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة تفوق قدرات الوكالة، نظراً للضرر والدمار الكبير الذي لحق بكافة مناحي الحياة. في قطاع غزة. وأضاف: “يمكن للوكالة أن تساهم في تأهيل البنية التحتية في المخيمات، وعودة الموظفين للعمل داخلها، وتشغيل آبارها”. وبحسب الموقع الرسمي للمنظمة، قال أبو حسنة، إن عمل الوكالة تضاعف خلال اليومين الماضيين بعد دخول أكثر من ألف شاحنة مساعدات، فيما يعمل آلاف الموظفين بأقصى طاقتهم في عملية توزيع المواد الغذائية، لافتاً إلى أن أن الحديث عن البنية التحتية الخدمية في القطاع يحتاج إلى التركيز. على الأساسيات، مثل تمكين البلديات من إعادة تشغيل المياه وخطوطها وإصلاح الآبار، وكذلك شركات الكهرباء التي تحتاج إلى أسلاك ومولدات وخطوط ضغط عالي. وأوضح أن البحث عن المفقودين الذين يتجاوز عددهم آلاف الجثث تحت الأنقاض، يحتاج إلى تخطيط وعمل فرق خاصة ذات خبرة، خاصة فيما يتعلق بالقذائف غير المنفجرة التي يقدر عددها بعشرات الآلاف بحسب التقارير. الأمم المتحدة، معربا عن قلقه إزاء الممارسات الإسرائيلية والعراقيل التي تواجهها الوكالة. والعاملين فيها، والمعوقات التي ستترتب على ذلك. ويواصل الاحتلال الإسرائيلي خرق الاتفاق من خلال استهداف المدنيين العزل الذين يحاولون العودة إلى أماكن سكنهم وتفقد ما حدث لمنازلهم، مما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى خلال الأيام الثلاثة الماضية.
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن اتفاق “وقف إطلاق النار” في قطاع غزة، يقدم “بصيص أمل”، رغم التحديات الكثيرة. وأضاف خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي أمس الاثنين، أن الأمم المتحدة تقوم بدورها لضمان التوسع السريع للعمليات الإنسانية، داعيا إلى ضمان أن يؤدي هذا الاتفاق إلى وقف دائم لإطلاق النار في غزة. وشدد على أنه “يجب ترجمته على أرض الواقع إلى أربعة إجراءات متزامنة على الأقل: يجب على كيانات الأمم المتحدة، بما في ذلك العمود الفقري لاستجابتنا الإنسانية، الأونروا، أن تكون قادرة على أداء وظائفها دون عوائق، وتوسيع نطاق إيصال المساعدات الأساسية وتوفير المساعدة الإنسانية”. تتطلب الخدمات ظروفًا آمنة وبيئة عمل مواتية، بما في ذلك السماح بمعدات الحماية والاتصالات واستعادة النظام العام. ويجب أن يكون الناس قادرين على الوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة، كما يجب السماح للإمدادات التجارية الكافية بالدخول إلى غزة. يجب حماية المدنيين، ويجب أن يحصل أولئك الذين يسعون إلى العودة إلى مجتمعاتهم على ممر آمن”. منذ 7 أكتوبر 2023، بدأت قوات الاحتلال عدوانها على قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 47,107 مواطنين، بينهم 17,581 طفلا، ونحو 12,048 امرأة، وإصابة أكثر من 111,147 آخرين، فيما سقط آلاف الضحايا البقاء تحت الأنقاض. p>
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر