تصعيد جديد في الحرب التجارية: الصين توقف استيراد طائرات بوينغ

القاهرة: هاني كمال الدين
في خطوة تصعيدية جديدة في إطار الحرب التجارية المستمرة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت الحكومة الصينية عن قرار حظر استيراد طائرات بوينغ الأمريكية وكذلك جميع المعدات وقطع الغيار المتعلقة بها. هذا القرار يشمل شركات الطيران الصينية، ويأتي كإجراء ردّي على السياسات التجارية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبحسب ما ذكرته وكالة بلومبرغ نقلاً عن مصادر مطلعة، فإن هذا الإجراء يُعتبر جزءًا من الصراع المستمر بين أكبر اقتصادين في العالم، والذي بدأ بالتفاقم منذ إعلان ترامب فرض تعريفات جمركية على المنتجات الصينية بنسبة تصل إلى 145%.
خلفية القرار: الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة
بدأت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة في عام 2018، عندما فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية على مجموعة واسعة من المنتجات الصينية، وكان الهدف المعلن من هذه السياسات هو تقليص العجز التجاري مع الصين ومعالجة ما وصفته واشنطن بممارسات تجارية غير عادلة، مثل سرقة الملكية الفكرية. من جهتها، ردّت الصين باتخاذ تدابير مماثلة، بما في ذلك فرض تعريفات على المنتجات الأمريكية، وهو ما أدى إلى تصعيد التوترات الاقتصادية بين البلدين.
القرار الأخير، الذي يشمل حظر استيراد طائرات بوينغ، يعكس تدهور العلاقات التجارية بين البلدين وتأثير تلك السياسات على الصناعات العالمية. ففي حين كانت طائرات بوينغ تعد من أبرز الصادرات الأمريكية إلى الصين، يبدو أن الصين قررت الاستفادة من هذه الفرصة لتقليص الاعتماد على التقنيات الأمريكية، خاصة في مجال الطيران المدني.
التداعيات على صناعة الطيران الصينية
تُعد هذه الخطوة ضربة كبيرة لشركات الطيران الصينية التي تعتمد على طائرات بوينغ الأمريكية. فوفقًا للمصادر التي نقلت عنها وكالة بلومبرغ، سيتعين على هذه الشركات البحث عن بدائل لتلبية احتياجاتها من الطائرات والمعدات. وفي ظل تنامي سوق الطيران في الصين، التي أصبحت واحدة من أكبر أسواق الطيران في العالم، كانت الشركات الصينية تعتمد بشكل كبير على طائرات بوينغ التي كانت تُعتبر الخيار الرئيسي بسبب تميزها في كفاءة الوقود والتكنولوجيا الحديثة.
لكن في الوقت نفسه، يواجه هذا القرار تحديًا آخر، حيث من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة التكاليف بالنسبة لشركات الطيران الصينية التي تستخدم طائرات بوينغ. وبالتالي، قد تصبح العمليات الجوية أكثر تكلفة، مما يضغط على الشركات في ظل المنافسة الشديدة في صناعة الطيران.
دور الحكومة الصينية في حماية مصالحها الاقتصادية
من المتوقع أن تتخذ الحكومة الصينية إجراءات لمساعدة شركات الطيران التي قد تتأثر من هذا الحظر، لا سيما تلك التي تعتمد على طائرات بوينغ المستأجرة. وحسب ما أوردته وكالة بلومبرغ، فإن بكين تفكر في تقديم دعم مالي لتلك الشركات لمواجهة زيادة التكاليف نتيجة الحظر، وبالتالي ضمان استمرار العمليات التجارية دون تأثيرات كبيرة على قطاع الطيران المحلي.
الاستثناءات المحتملة: بعض الصفقات قد تُستكمل
على الرغم من الحظر المفروض على استيراد طائرات بوينغ، هناك استثناءات محتملة قد تسمح لبعض الشركات الصينية باستكمال صفقاتها السابقة. حيث أشارت التقارير إلى أن بعض الوثائق المتعلقة باستيراد طائرات بوينغ قد تم تقديمها قبل إعلان التعريفات الجمركية التي فرضتها الصين في 11 أبريل الماضي، والتي دخلت حيز التنفيذ في 12 أبريل. وبالتالي، فإن الطائرات التي تم الاتفاق على شرائها قبل هذا التاريخ قد تُسمح بدخولها إلى الصين في إطار استثناءات محددة.
التأثير على الاقتصاد الأمريكي والصناعات المتعلقة بالطيران
من جانب آخر، يعتبر هذا القرار من الصين ضربة إضافية لشركة بوينغ التي كانت تأمل في تعزيز مكانتها في السوق الصينية. ووفقًا لتوقعات بعض الخبراء، فإن هذا القرار قد يُسهم في تراجع مبيعات شركة بوينغ في السوق الآسيوي، الذي يُعد من أهم الأسواق العالمية في صناعة الطيران. وفي الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تعزيز صادراتها في ظل الحرب التجارية، فإن فقدان هذا السوق المهم سيكون له تأثيرات كبيرة على النمو الاقتصادي الأمريكي.
وتكمن أهمية السوق الصينية في كونها سوقًا ضخمًا للطائرات التجارية، حيث يقدر عدد الركاب في الصين بحوالي 700 مليون شخص سنويًا، مما يجعلها واحدة من أكبر أسواق الطيران في العالم. وبالتالي، فإن فقدان الوصول إلى هذا السوق سيؤثر على المستقبل المالي لشركة بوينغ بشكل كبير.
التقارير الاقتصادية: تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد الصيني
وفي سياق متصل، أوردت وكالة بلومبرغ تقارير تشير إلى أن الاقتصاد الصيني قد يشهد تباطؤًا في العام 2025 بسبب تأثيرات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة. فقد خفضت مجموعة UBS السويسرية توقعاتها للنمو الاقتصادي الصيني من 4% إلى 3.4% في ظل تزايد التعريفات الجمركية المفروضة على المنتجات الصينية. هذا التباطؤ قد يكون له تأثيرات سلبية على الصناعات المحلية في الصين، بما في ذلك قطاع الطيران الذي يعتمد بشكل كبير على المواد والمعدات المستوردة من الخارج.
الآفاق المستقبلية للعلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة
على الرغم من استمرار التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، فإن هناك أملًا في أن تتمكن الحكومتان من الوصول إلى اتفاقيات تجارية جديدة من شأنها تهدئة الأوضاع. ومن المتوقع أن تتواصل المفاوضات بين الجانبين خلال الفترة المقبلة، وقد يتم التوصل إلى حلول تهدف إلى تخفيف الأعباء الاقتصادية على الشركات والأفراد في كلا البلدين.
لكن في الوقت الحالي، تظل الأزمة التجارية قائمة، وتحمل آثارًا سلبية على الشركات العالمية في مختلف القطاعات، من بينها صناعة الطيران. وفيما تواصل الصين تعزيز قدراتها الإنتاجية من خلال تطوير تقنيات محلية في مجالات متعددة، قد يصبح الحظر المفروض على طائرات بوينغ أحد العوامل المؤثرة في إعادة ترتيب الأولويات الاقتصادية لكلا البلدين.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر