ترامب يدعو إلى انضمام كندا إلى الولايات المتحدة: دعم اقتصادي ودفاعي بلا حدود

القاهرة: هاني كمال الدين
في خطوة جديدة تثير الكثير من الجدل على الساحتين الدولية والكندية، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سكان كندا إلى التفكير بجدية في مستقبل بلادهم من خلال الانضمام إلى الولايات المتحدة الأمريكية كولاية 51. وجاءت هذه الدعوة عبر منشور نشره ترامب على منصته الخاصة “تروث سوشيال”، حيث تحدث مطولاً عن الفوائد الاقتصادية والدفاعية الكبرى التي ستجنيها كندا في حال قبولها هذا المقترح. وقد أشار ترامب إلى أن انضمام كندا إلى الولايات المتحدة سيمثل خطوة استراتيجية من شأنها مضاعفة الاقتصاد الكندي، وخفض الضرائب إلى النصف، وزيادة القوة الدفاعية إلى مستويات غير مسبوقة عالميًا، دون تكاليف إضافية.
ترامب يوضح رؤيته لمستقبل كندا
في منشور صريح ومباشر، خاطب ترامب الشعب الكندي قائلاً:
“اختاروا الشخص الذي يملك القوة والحكمة لخفض ضرائبكم إلى النصف، وزيادة قوتكم العسكرية — مجانًا — إلى أعلى مستوى عالمي، ومضاعفة صناعات السيارات والصلب والألمنيوم والخشب والطاقة وكل القطاعات الأخرى أربع مرات، دون فرض أي رسوم أو ضرائب إضافية، إذا أصبحت كندا الولاية 51 للولايات المتحدة الأمريكية.”
بكلمات حاسمة، رسم ترامب صورة مستقبلية وردية للكنديين، محورها الازدهار الاقتصادي، والقوة العسكرية، والاندماج الكامل في أكبر اقتصاد عالمي، مشددًا على أن انضمام كندا إلى الولايات المتحدة هو الخيار الأمثل لضمان الأمن والاستقرار الاقتصادي في المستقبل.
الموقف الأمريكي الرسمي من ضم كندا
لم تكن تصريحات ترامب بمعزل عن مواقف رسمية؛ فقد أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، في 15 أبريل، أن الرئيس الأمريكي الحالي يدعم بقوة فكرة انضمام كندا إلى الولايات المتحدة.
وذكرت ليفيت أن هذه السياسة تأتي ضمن رؤية ترامب لتوسيع النفوذ الأمريكي وإعادة ترتيب المصالح الاقتصادية والسياسية في نصف الكرة الشمالي.
وأضافت المتحدثة أن الولايات المتحدة، وفق الرؤية الجديدة، لا ترى مصلحة في الاستمرار في دعم الاقتصاد الكندي بمئات المليارات من الدولارات سنويًا دون تحقيق فائدة ملموسة للجانب الأمريكي، معتبرة أن انضمام كندا إلى الولايات المتحدة سيحقق مكاسب متبادلة لا تضاهى.
ترامب: أمريكا تخسر 200 مليار دولار سنويًا بسبب كندا
في أكثر من مناسبة، عبّر ترامب عن امتعاضه مما وصفه بالخسائر الاقتصادية الكبيرة التي تتكبدها الولايات المتحدة بسبب العلاقات التجارية الحالية مع كندا.
وأشار إلى أن بلاده تخسر سنويًا نحو 200 مليار دولار بسبب التسهيلات التجارية والدعم المالي غير المتوازن، مؤكدًا أنه “لن يسمح لهذا الوضع بالاستمرار.”
وأوضح ترامب أن ضم كندا كولاية أمريكية سيوقف هذه الخسائر، ويحول العلاقة إلى شراكة داخلية متماسكة، تضمن نمواً اقتصادياً مشتركاً، وتخفف العبء المالي عن دافعي الضرائب الأمريكيين.
الانتخابات الكندية في قلب المشهد
تزامنت تصريحات ترامب مع انطلاق الانتخابات البرلمانية المبكرة في كندا، المقررة في 28 أبريل.
ويتنافس في هذه الانتخابات 16 حزبًا سياسيًا، حيث ستحدد نتائجها هوية رئيس الوزراء القادم للبلاد.
ويبدو أن توقيت تصريحات ترامب ليس عرضيًا؛ إذ يسعى إلى التأثير في توجهات الناخبين الكنديين، لاسيما أولئك الذين يرون في الولايات المتحدة شريكًا اقتصاديًا واستراتيجيًا لا غنى عنه.
ويرى محللون أن ترامب يراهن على استقطاب فئة واسعة من الكنديين الذين يشعرون بالإحباط من أوضاعهم الاقتصادية والأمنية، في ظل التغيرات العالمية المتسارعة.
ماذا يعني انضمام كندا إلى الولايات المتحدة؟
طرح فكرة انضمام كندا إلى الولايات المتحدة يثير العديد من التساؤلات القانونية والسياسية والاجتماعية.
فمن الناحية القانونية، يتطلب الأمر موافقة الحكومتين والشعبين من خلال استفتاءات وطنية، بالإضافة إلى تعديلات دستورية كبرى على النظامين القانونيين في كلا البلدين.
أما على المستوى الاقتصادي، فإن الاندماج قد يؤدي إلى تحولات ضخمة في الأنظمة الضريبية، والعملة، وأسواق العمل، والنظم الصحية والاجتماعية.
في المقابل، يرى مؤيدو الفكرة أن الفوائد قد تكون ضخمة، تشمل مضاعفة الإنتاج الصناعي، والاستفادة من قوة الدولار الأمريكي، والحصول على حماية دفاعية تعد الأقوى في العالم، خاصة مع التحديات الجيوسياسية المتزايدة.
الآثار المحتملة على الهوية الوطنية الكندية
من أبرز التحديات التي تواجه فكرة انضمام كندا إلى الولايات المتحدة هو الحفاظ على الهوية الوطنية الكندية.
فالعديد من الكنديين يعتزون بثقافتهم المستقلة وتقاليدهم الخاصة ونظامهم الاجتماعي المختلف إلى حد كبير عن النموذج الأمريكي.
ويرى مراقبون أن أي خطوة نحو الاندماج ستثير جدلاً واسعاً داخل كندا بشأن الهوية، والقيم الوطنية، والسيادة، لاسيما أن كندا تعتبر واحدة من أكثر دول العالم تمسكًا بنموذجها الخاص في الحكم والديمقراطية الاجتماعية.
ردود الفعل السياسية في كندا
حتى الآن، لم يصدر رد رسمي مباشر من الحكومة الكندية على تصريحات ترامب، إلا أن بعض الشخصيات السياسية الكندية أعربت عن قلقها من محاولة التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.
وأشار بعض المحللين إلى أن تصريحات ترامب قد تؤدي إلى نتائج عكسية، إذ قد تدفع الكنديين إلى الالتفاف أكثر حول هويتهم الوطنية، ورفض أي محاولات للاندماج مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل الأوضاع الدولية الراهنة.
موقف الأحزاب الكندية من فكرة الانضمام
تتفاوت مواقف الأحزاب الكندية تجاه العلاقة مع الولايات المتحدة.
بينما تدعو بعض الأحزاب إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والدفاعي مع واشنطن، فإن القليل منها يدعم فكرة التبعية أو الانضمام الكامل.
معظم الأحزاب الرئيسية، بما في ذلك الحزب الليبرالي والحزب المحافظ وحزب الديمقراطيين الجدد، تؤكد على ضرورة الحفاظ على استقلال كندا السياسي والاقتصادي والثقافي.
مستقبل العلاقات الأمريكية الكندية
سواء تمضي كندا في طريق الانضمام إلى الولايات المتحدة أم لا، فإن العلاقات بين البلدين ستظل وثيقة بحكم الجغرافيا والاقتصاد والمصالح المشتركة.
ومع ذلك، فإن تصريحات ترامب الأخيرة تشير إلى توجه جديد قد يسعى إلى إعادة صياغة هذه العلاقات بصورة أكثر اندماجاً، وهو ما سيبقى موضع نقاش لسنوات قادمة.
- للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر