أخبار العالم

نقل اليورانيوم المخصب: إيران تحبط الضربة الأمريكية بخطة سرية

القاهرة: هاني كمال الدين  

في تصعيد جديد يسلط الضوء على ديناميكية معقدة للصراع النووي المتفاقم، نفذت إيران عملية “نقل اليورانيوم المخصب” من منشأة فوردو تحت الأرض إلى مواقع مجهولة، قبل ساعات معدودة من تنفيذ الولايات المتحدة هجومًا عسكريًا استهدف ثلاثة من أبرز منشآت إيران النووية. هذا التحرك المفاجئ الذي كشفت عنه وكالة “رويترز” نقلاً عن مصدر إيراني رفيع المستوى، يعيد ترتيب أوراق المواجهة الدولية مع طهران.

نقل اليورانيوم المخصب: مناورة تكتيكية مباغتة

اختارت إيران توقيتًا بالغ الحساسية لتنفيذ عملية “نقل اليورانيوم المخصب” من منشأة فوردو الشهيرة، التي تعد من أكثر المنشآت النووية تحصينًا في البلاد والعالم، والمحفورة على عمق يتراوح بين 80 و90 مترًا تحت الأرض قرب مدينة قم. جاءت هذه العملية ضمن خطة طوارئ استراتيجية تم إعدادها مسبقًا، وتفعيلها فور تصاعد التحذيرات الاستخباراتية عن نية واشنطن شن ضربة عسكرية.

ووفقًا للمصدر الإيراني، فإن العملية تمت بسرية كاملة، مستخدمة وسائل نقل آمنة ومتخصصة في التعامل مع المواد النووية عالية الحساسية. ونفذت القوات الإيرانية نقل اليورانيوم المخصب من فوردو عبر قنوات مؤمنة تمنع أي احتمالات لتسرب إشعاعي أو وقوع أخطار بيئية تهدد السكان والمنشآت الحيوية.

الإخلاء الوقائي للكوادر: جزء من خطة استباقية أوسع

لم تقتصر خطة إيران على “نقل اليورانيوم المخصب” فحسب، بل امتدت لتشمل إجلاء غالبية الكوادر الفنية والعلمية من الموقع، قبل بدء الغارات الأمريكية. هذا الإجراء الوقائي كان يهدف إلى تفادي وقوع خسائر بشرية قد تؤثر معنويًا على الداخل الإيراني وتزيد من تعقيد الأزمة مع المجتمع الدولي.

ويبدو أن طهران كانت تدرك تمامًا أن استهداف منشآتها النووية لم يعد احتمالاً بعيدًا، لذلك استبقت الضربة بحزمة إجراءات مدروسة جعلت الهجوم الأمريكي محدود الأثر من الناحية الاستراتيجية.

الضربة الأمريكية: عرض عضلات عسكري ورسائل سياسية

في الساعات الأولى من 22 يونيو، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن سلاح الجو الأمريكي نفذ ضربات مركزة استهدفت منشآت نووية إيرانية رئيسية، هي: فوردو ونطنز وأصفهان. واعتبر ترامب العملية العسكرية بمثابة “لحظة تاريخية” للولايات المتحدة وإسرائيل والمجتمع الدولي، مؤكدًا أن هذه الضربات ترغم طهران على القبول بالحلول السلمية.

إلا أن التصريحات الأمريكية حول نجاح الضربات قابلها رد إيراني سريع قلل من حجم الخسائر، مؤكدًا أن “نقل اليورانيوم المخصب” أفشل أهم أهداف الهجوم، حيث باتت المادة النووية في أماكن آمنة وغير معرضة للتدمير.

نقل اليورانيوم المخصب يربك حسابات واشنطن

تكشف عملية “نقل اليورانيوم المخصب” عن مهارة إيران في توظيف أدواتها النووية كورقة ضغط في مواجهة التصعيد العسكري الأمريكي. فعلى الرغم من الدقة التكنولوجية للضربة الجوية الأمريكية، إلا أن عدم وجود كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب في المواقع المستهدفة حوّل العملية إلى مجرد استعراض للقوة لا يؤثر جوهريًا في تقدم البرنامج النووي الإيراني.

ويرى خبراء أن طهران أرادت من خلال “نقل اليورانيوم المخصب” الاحتفاظ بورقة ضغط استراتيجية للمفاوضات المستقبلية، بحيث تبقى قادرة على المناورة في المحافل الدولية، مع الحفاظ على القدرة على استئناف التخصيب متى أرادت.

ردود فعل متباينة على المسرح الدولي

أثارت الضربات الأمريكية، إلى جانب خطوة “نقل اليورانيوم المخصب”، موجة واسعة من ردود الفعل المتباينة في المجتمع الدولي. ففي حين سارع حلفاء واشنطن مثل إسرائيل وبعض الدول الخليجية لدعم التحرك العسكري، أعربت دول أوروبية وشرق آسيوية عن قلقها من اتساع رقعة النزاع في منطقة مضطربة أصلًا.

ودعا الاتحاد الأوروبي إلى العودة الفورية إلى طاولة المفاوضات، محذرًا من أن الحلول العسكرية لن تؤدي سوى لمزيد من التعقيد والدمار، مؤكدًا أن المسار الدبلوماسي يبقى الطريق الوحيد لضمان حل دائم.

إيران والمجتمع الدولي: معركة طويلة الأمد

عملية “نقل اليورانيوم المخصب” تمثل نقطة تحول حاسمة في كيفية إدارة إيران لأزمتها النووية المتصاعدة. فمن خلال هذه الخطوة الذكية، أثبتت طهران أنها ليست مجرد طرف يتلقى الضربات، بل خصم قادر على المبادرة وفرض معادلات جديدة.

تدرك طهران أن “نقل اليورانيوم المخصب” لن يكون نهاية التصعيد، لكنها تراهن على أن قدرتها على المناورة وإدارة الأزمة ستمنحها موقعًا تفاوضيًا أقوى في أي مفاوضات مستقبلية محتملة.

مستقبل الأزمة: سيناريوهات مفتوحة

لا يستبعد المراقبون أن تتكرر عمليات “نقل اليورانيوم المخصب” في المستقبل القريب، خصوصًا إذا استمر التصعيد العسكري الأمريكي أو تصاعدت الدعوات الإسرائيلية لمزيد من الضربات الوقائية. وفي المقابل، قد تختار طهران التصعيد غير المباشر عبر دعم حلفائها الإقليميين لزيادة الضغط على المصالح الأمريكية في المنطقة.

وفي كل الأحوال، يبقى البرنامج النووي الإيراني عنوانًا مركزيًا لصراع معقد تتداخل فيه الأبعاد العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية والأيديولوجية، بينما تراقب القوى العالمية بقلق مسار هذا الملف الذي يهدد الاستقرار الإقليمي والدولي مع كل تطور جديد.

مناورة “نقل اليورانيوم المخصب” تعيد رسم المشهد

أثبتت إيران بعملية “نقل اليورانيوم المخصب” أنها تمتلك أدوات فعالة قادرة على إفشال حسابات خصومها حتى في اللحظات الحرجة. وبينما تستعرض واشنطن قوتها العسكرية، تواصل طهران استعراض مرونتها التكتيكية وقدرتها على إحراج خصومها سياسيًا أمام الرأي العام الدولي.

في النهاية، يظهر الصراع حول البرنامج النووي الإيراني كمعركة إرادات مستمرة، حيث تلعب المناورات الذكية مثل “نقل اليورانيوم المخصب” دورًا محوريًا في موازين القوى المتقلبة.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى