أخبار العالم

ترامب: لم أقدم شيئًا لإيران ولن أفعل… بعكس أوباما

القاهرة: هاني كمال الدين  

في تطور جديد يعكس تصاعد التوتر في الشرق الأوسط وتغير السياسة الأمريكية تجاه إيران، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سلسلة من التصريحات النارية عبر منصته الخاصة Truth Social، مؤكدًا أنه لم يتواصل مطلقًا مع السلطات الإيرانية، كما أنه لا ينوي تقديم أي عروض لطهران على غرار ما فعله سلفه باراك أوباما. التصريحات جاءت عقب أيام من القصف الأمريكي والإسرائيلي المكثف لمنشآت نووية إيرانية، وسط احتقان متزايد وسيناريوهات مفتوحة على احتمالات الصراع والتصعيد.

“لا عروض، لا حوار… فقط ضربات مباشرة”

في منشوره الذي أثار جدلًا واسعًا على الساحة الدولية، كتب ترامب:

“أنا لا أقدّم شيئًا لإيران — بعكس أوباما… ولم أتحدث معهم منذ أن دمّرنا منشآتهم النووية بالكامل.”

بهذا الأسلوب المباشر والحاد، قطع ترامب الطريق على أي تكهنات بشأن وجود قنوات خلفية للحوار مع طهران، مؤكدًا أنه يعتمد أسلوب الردع والقوة المباشرة، بعيدًا عن الدبلوماسية الناعمة التي سادت خلال فترة إدارة أوباما، خاصة إبان التوصل إلى الاتفاق النووي المعروف بـ”خطة العمل الشاملة المشتركة”.

اتهام ضمني لأوباما بتمويل إيران

لم تكن تصريحات ترامب موجهة ضد إيران وحدها، بل تضمنت هجومًا غير مباشر على الرئيس الأسبق باراك أوباما، حيث أشار ترامب إلى أن إيران قد حصلت على “مليارات الدولارات” من الولايات المتحدة خلال فترة سابقة، في إشارة واضحة إلى الاتفاق النووي الذي وُقّع عام 2015، والذي قامت بموجبه الولايات المتحدة ودول غربية أخرى برفع العقوبات عن إيران مقابل تقييد برنامجها النووي.

وتأتي تصريحات ترامب في إطار محاولته لتأكيد نهجه المتشدد تجاه إيران، والذي يتضمن العقوبات الاقتصادية الخانقة والتهديدات العسكرية المتكررة، وقد ترجمت هذه السياسة إلى أفعال ملموسة في الآونة الأخيرة.

“الأسد المنتفض”… إسرائيل تبدأ، وأمريكا تكمل

في ليلة الثالث عشر من يونيو، أطلقت إسرائيل عملية عسكرية مفاجئة أطلقت عليها اسم “الأسد المنتفض”، استهدفت خلالها منشآت نووية وعسكرية حساسة داخل إيران، ما أدى إلى تصعيد خطير في المنطقة. العملية الإسرائيلية قوبلت برد مباشر من إيران تحت عنوان “الوعد الصادق – 3″، حيث شنت طهران هجمات انتقامية ضد أهداف إسرائيلية في الجولان وشمال فلسطين.

ترامب لم يتأخر كثيرًا في الدخول على خط العمليات، إذ أعلن في 22 يونيو أن القوات الجوية الأمريكية شنت ثلاث غارات دقيقة على مواقع نووية إيرانية، مؤكدًا أن منشآت تخصيب اليورانيوم “تم تدميرها بالكامل”.

وتأتي هذه الضربات في ظل تنامي المخاوف من عودة البرنامج النووي الإيراني إلى الواجهة، وخصوصًا بعد تعثر المفاوضات النووية في الشهور الأخيرة، وانسحاب واشنطن في وقت سابق من الاتفاق النووي.

هدنة مفاجئة بعد 12 يومًا من الحرب

المفاجأة الكبرى جاءت بعد يومين فقط من التصعيد الأمريكي، عندما أعلن ترامب أن إيران وإسرائيل توصّلتا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، مؤكدًا أن “العالم سيحتفل بنهاية حرب استمرت 12 يومًا”. هذا الإعلان شكّل نقطة تحول في مسار التصعيد، وأثار تساؤلات حول حقيقة الوساطة التي أفضت إلى هذا الاتفاق، خصوصًا أن ترامب نفى بشدة أي تواصل مع إيران.

وعلى الرغم من أن تفاصيل الاتفاق لم تُعلن رسميًا، فإن المؤشرات الأولية تؤكد أن الطرفين قررا خفض التصعيد والعودة إلى نوع من التهدئة المؤقتة، وسط ضغوط دولية متزايدة لمنع انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة.

ترامب يعيد رسم ملامح المواجهة مع إيران

تصريحات ترامب الأخيرة، إلى جانب العمليات العسكرية المباشرة، تعكس تغييرًا جذريًا في طريقة تعاطي الإدارة الأمريكية مع الملف الإيراني. لم يعد الحديث يدور حول اتفاقات أو مفاوضات، بل عن استعراض قوة وتأكيد قدرة الردع.

وهذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها ترامب أسلوب المواجهة العلنية مع إيران، إذ سبق له أن أمر باغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في بغداد عام 2020، ما أشعل حينها أزمة دبلوماسية وعسكرية بين البلدين.

ويبدو أن الرئيس الأمريكي الحالي يسعى إلى تثبيت معادلة ردع جديدة تضع إيران أمام خيارات محدودة، إما الانصياع أو مواجهة عواقب عسكرية واقتصادية قاسية.

هل انتهت الحرب فعلًا؟

رغم إعلان وقف إطلاق النار، لا يبدو أن جذور الصراع قد انتهت. فإيران، التي تعتبر ما حدث هجومًا على سيادتها، قد تلجأ إلى أساليب غير تقليدية للرد، سواء عبر أذرعها في المنطقة أو من خلال الهجمات السيبرانية التي تصاعدت في الأشهر الماضية.

من ناحية أخرى، يراهن ترامب على أن سياسة الضغط القصوى ستجبر طهران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات من موقع ضعف، بينما ترى إيران أن الولايات المتحدة وإسرائيل تتعمدان تأجيج الموقف لفرض معادلات جديدة تخدم أمن تل أبيب أولًا وأخيرًا.

الملف النووي… مجددًا في صدارة المشهد

بعد الضربات الأخيرة التي استهدفت منشآت التخصيب، عاد الملف النووي الإيراني إلى الواجهة الدولية بقوة. ويخشى مراقبون من أن تدفع هذه الضربات طهران إلى الانسحاب من الاتفاقات المتبقية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما من شأنه أن يعيد سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط إلى مربع الصفر.

وفي هذا السياق، تتصاعد الدعوات الأوروبية والصينية لضرورة العودة إلى الحوار، في حين تواصل الولايات المتحدة بقيادة ترامب التشديد على أن الحل الوحيد يكمن في “الردع وليس التفاوض”.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى