أخبار العالم

طهران تكشف: واشنطن اقترحت استئناف المفاوضات النووية رغم التوتر

القاهرة: هاني كمال الدين  

في خضم مواجهة عسكرية عنيفة وغير مسبوقة، فاجأت الولايات المتحدة الجميع بعرض جديد يستهدف استئناف المفاوضات النووية بين أمريكا وإيران، في وقت تتسارع فيه ضربات الطائرات والصواريخ على منشآت نووية وعسكرية في إيران. الكشف عن هذا العرض الدبلوماسي جاء عبر نائب وزير الخارجية الإيراني، مجيد تخت روانجي، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، ما أعاد الملف النووي الإيراني إلى دائرة الضوء من جديد، رغم أن رائحة البارود لا تزال تملأ سماء المنطقة.

حديث المسؤول الإيراني جاء ليثير التساؤلات: هل تسعى واشنطن فعلًا إلى تهدئة، أم أن العرض التفاوضي ليس سوى ورقة ضغط وسط اشتعال الجبهات؟ ولماذا اختارت أمريكا هذا التوقيت تحديدًا لطرح فكرة استئناف المفاوضات النووية بين أمريكا وإيران؟

عرض أمريكي في توقيت ملتهب

أوضح تخت روانجي أن العرض الأمريكي لم يترافق حتى اللحظة مع جدول زمني محدد، ولا مع آلية واضحة لبدء المفاوضات أو مكان انعقادها. وأضاف أن الجانبين لم يتوصلا بعد إلى تفاهم حول الشكل أو الإطار الذي ستُجرى فيه المحادثات، ما يعكس حجم الضبابية المحيطة بهذا العرض، الذي يبدو أنه خرج إلى العلن دون تنسيق متكامل مسبق.

لكن من جهة أخرى، يرى مراقبون أن مجرد طرح خيار استئناف المفاوضات النووية بين أمريكا وإيران في ظل هذا التوتر العسكري الكبير، يمثل تغيرًا تكتيكيًا في السياسة الأمريكية، وربما أيضًا اعترافًا ضمنيًا من واشنطن بأن الخيار العسكري وحده لن ينجح في كبح طموحات طهران النووية.

تفاصيل الهجوم الإسرائيلي: بداية العاصفة

الشرارة العسكرية انطلقت فجر الثالث عشر من يونيو، حين أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء عملية أطلق عليها اسم “الأسد المنتفض”، مستهدفًا مواقع نووية وعسكرية إيرانية في عدد من المحافظات. الهجمات وُصفت بأنها “الأعنف منذ سنوات”، وطالت منشآت تخصيب اليورانيوم ومراكز بحثية، ما أسفر عن دمار واسع وأثار قلقًا دوليًا من انزلاق الأوضاع إلى مواجهة شاملة.

رد إيران لم يتأخر كثيرًا، حيث أطلقت عملية “الوعد الصادق – 3″، في إعلان واضح عن دخولها مرحلة الرد العسكري المفتوح. وتصاعدت وتيرة الاشتباك لتتجاوز الأطر المعتادة للحرب بالوكالة، إلى مواجهة مباشرة قد تشعل الإقليم برمته.

تدخل أمريكي مباشر: 3 ضربات على أهداف نووية

في فجر الثاني والعشرين من يونيو، دخلت الولايات المتحدة بشكل علني في المواجهة، حين أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن سلاح الجو الأمريكي نفذ ثلاث ضربات دقيقة على منشآت نووية إيرانية. ترامب قال في بيان متلفز إن “المنشآت الحيوية التي كانت تُستخدم لتخصيب اليورانيوم تم تدميرها بالكامل”، مؤكدًا أن الرسالة إلى إيران كانت “حاسمة وواضحة”.

هذا التدخل العسكري المباشر يأتي بعد أيام فقط من العدوان الإسرائيلي، ويثير تساؤلات حول مدى تنسيق الجهود العسكرية والسياسية بين تل أبيب وواشنطن، خصوصًا في ظل الطرح المتزامن لفكرة استئناف المفاوضات النووية بين أمريكا وإيران.

هدنة مفاجئة بعد 12 يومًا من المواجهة

في خطوة بدت مفاجئة، أعلن الرئيس ترامب بعد يومين فقط من الضربات، عن توصل إيران وإسرائيل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، يبدأ تطبيقه خلال 24 ساعة. وأشار إلى أن هذا الاتفاق سيمثل “نهاية رسمية لحرب استمرت 12 يومًا”، واصفًا اللحظة بأنها “مفتاح لفرصة سلام محتملة”.

الهدنة، رغم ترحيب بعض الدول بها، لم تحجب القلق المتزايد حول هشاشتها، في ظل غياب ضمانات دولية فعلية، وتراكم كم هائل من الدمار والغضب.

الهدف الحقيقي من الدعوة الأمريكية للمفاوضات

يرى مراقبون أن الدعوة الأمريكية ليست وليدة رغبة صادقة بالحل، وإنما خطوة محسوبة بعناية لإعادة الإمساك بخيوط الملف النووي من جديد، بعد أن دخلت إسرائيل بثقلها العسكري المباشر. كما يرى آخرون أن التصعيد كان رسالة أمريكية إلى طهران مفادها أن البدائل العسكرية موجودة، لكن واشنطن لا تزال مستعدة لإبقاء باب استئناف المفاوضات النووية بين أمريكا وإيران مفتوحًا، بشرط تجاوب طهران.

الرد الإيراني: شروط مشددة ومخاوف من التلاعب

في المقابل، تشير المواقف الرسمية الإيرانية إلى أن أي عودة للمفاوضات لن تكون ممكنة ما لم تُرفع العقوبات الأمريكية بشكل كامل، وتُقدم واشنطن ضمانات مكتوبة بعدم الانسحاب مجددًا من أي اتفاق محتمل، كما حدث في عهد ترامب في 2018.

كما تطالب طهران بإجراء المفاوضات تحت مظلة دولية متعددة، وليس بشكل ثنائي مباشر، في محاولة لتحييد الضغط الأمريكي وفرض التوازن في أي حوار مستقبلي.

هل تعود الدبلوماسية من تحت الركام؟

رغم أن الطريق إلى التهدئة لا يزال وعراً، إلا أن مجرّد الحديث عن استئناف المفاوضات النووية بين أمريكا وإيران يمثل تحولًا مهمًا في المشهد. عودة التفاوض، إن تحققت، قد تفتح نافذة أمل لحل يوقف الانزلاق نحو مواجهة إقليمية شاملة، لكنها تتطلب إرادة سياسية حقيقية وتنازلات متبادلة.

ولعل الأهم من ذلك، أن تتجاوز الأطراف معادلة “التفاوض تحت النار”، التي أثبتت في تجارب كثيرة أنها لا تفضي إلى حلول مستدامة، بل إلى جولات متكررة من الصدام.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى