تقارير

غزة تتضور جوعا: نداءات استغاثة في خضم شح المساعدات

غزة تتضور جوعا: نداءات استغاثة في خضم شح المساعدات     

في قطاع غزة تقول الأمم المتحدة إن آخر سبل الحياة في القطاع تنهار يوما بعد يوم, ملايين المدنيين محتجزون في مساحة ضيقة، يصارعون الجوع والمرض والنزوح المتكرر. عبر عدسة مراسلنا في غزة، تتجلى مشاهد المعاناة القاسية التي تعصف بالطرقات والمستشفيات.

 ارحموا أطفالنا

“هل هذا صالح للأكل؟ لقد جمعته من الأرض كي تُطعم به أطفالها. ارحمونا ياناس! ارحموا أطفالنا. انظروا إلينا بعين الرحمة”. هذه الكلمات الممزوجة بالقهر، أطلقتها سيدة فلسطينية تأثرت لحال رفيقتها التي اضطرت لالتقاط بقايا الطعام من الأرض بعد نفاد ما في المطبخ المجتمعي بأحد مخيمات النازحين العشوائية في غزة. 

ورغم أنها لم تحصل على نصيبها من وجبة العدس اليومية الوحيدة، إلا أن صرختها لم تلقَ استجابة، في ظل عجز عن تقديم مساعدة إنسانية مستمرة وموثوقة. تحت أشعة الشمس الحارقة، يصطف المئات – نساءً ورجالا وأطفالا- متلهفين لوجبة بالكاد تسد رمقهم. ومع وصول الطعام، يتحول الانتظار إلى صراع محموم، حيث يتدافع الجياع للحصول على حصتهم، خشية ألا يعودوا بأوعية فارغة.

وفي ظل هذا الواقع القاسي، أصبحت المطابخ المجتمعية المحدودة الملاذ الوحيد للعديد من العائلات، حيث توفر لهم وجبة واحدة يوميا، تكون في الغالب من العدس، في محاولة يائسة لسد رمق الجوع.

ينتظر أطفال غزة تحت أشعة الشمس الحارقة بصبر المساعدات الغذائية، تعكس وجوههم الإرهاق والقدرة على الصمود والأمل الصامت في غد أفضل.

دوامة سوء التغذية حادة

مراسل أخبار الأمم المتحدة زار مستشفى الرنتيسي التخصصي للأطفال في غزة، حيث رأى توافد عشرات العائلات مع أطفالهم الذين يعانون من الهزال وسوء التغذية. ووصف له الطبيب راغب ورشغا الوضع المذري في المستشفى الذي قال إنه يستقبل يوميا “حالات حادة” تتطلب معالجة داخلية. وقال: “المشكلة أن الأمهات أنفسهن يعانين من سوء التغذية، مما يؤدي إلى نقص الحليب وسوء تغذية لدى الأطفال، أحيانا إلى درجة الوفاة بسبب الالتهابات وضعف المناعة”.

 نرى أطفالنا يموتون ولا نملك شيئا

وقفت والدة الطفلة شام مقاط إلى جانب سرير رضيعتها عاجزة. فهي لا تأكل ما يكفي من الطعام لتدر الحليب لترضعها، ولا يوجد حليب أطفال في القطاع لإنقاذها. وقد شرحت مأساتها لمراسلنا بالقول: “لا يوجد حليب، ولا أستطيع إرضاعها طبيعيا. صحتها تتدهور. نأمل أن يتم إدخال الغذاء والحليب والحفاضات للأطفال. نحن نرى أطفالنا يموتون ولا نملك شيئا”.

أما والدة الطفل حسام الترامسي، فقالت إن أحوال عائلتها تدهورت بسبب الحرب، وغالبا لا تجد شيئا لتطعم به طفلها. وأضافت: “إنها مجاعة. لا أستطيع تلبية احتياجات طفلي. دخلنا المستشفى يوم الجمعة، ومنذ ذلك الحين يعيش ابني على المحاليل الطبية، وهو لا يستطيع المشي”.

أحد الآباء الموجودين في مستشفى الرنتيسي قال إن طفليه التوأم يعانيان أيضا من سوء تغذية حاد، وأضاف: “لا نجد لهما الحليب، ولا نعرف كيف نتصرف”.

طفل مصاب بسوء التغذية الحاد يرقد في مستشفى عبد العزيز الرنتيسي في  قطاع غزة.

أسواق خاوية

أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن “السكان الباحثين عن الغذاء يخاطرون بحياتهم” لمجرد الحصول على لقمة يسدون بها رمقهم، فيما تتعرض الحشود اليائسة لإطلاق نار يوميا من قبل القوات الإسرائيلية. وفي الأثناء، بدت الأسواق في مدينة غزة شبه خالية من المواد الغذائية، مع ارتفاع كبير في أسعار السلع القليلة المتوفرة.

تحدث مراسلنا مع نور صبح، نازح من بلدة بيت لاهيا، والذي قال إنه ظل يبحث عن الدقيق منذ الصباح ولم يجد ما يستطيع شراءه. وقال: “المجاعة عصفت بأطفالنا، فهم ينامون دون طعام. خرجت صباحا بحثا عن الخبز، وزوجتي الآن ترقد في المستشفى. أبحث منذ ساعات عن الطعام ولم أجده. الأسعار المرتفعة تفوق قدرتنا، فكيلو الدقيق وصل إلى نحو 200 شيكل، ونحن بلا دخل. أكثر ما نعاني منه اليوم هو الجوع، وأطفالنا ينامون جياعا”.

أما إبراهيم أبو نعمة، أحد السكان المحليين، فأكد أن غزة دخلت “مرحلة المجاعة القصوى”، وأضاف: “خرجت من البيت لأُحضر طعاما فلم أجد شيئا. لا أستطيع شراء الباذنجان الذي وصل سعره إلى 30 شيكلا، ولا أقدر على شراء الدقيق الذي بلغ سعر الكيلو الواحد حوالي 160 شيكلا. أحتاج كل يوم كيلو دقيق ليأكل أولادي فقط الخبز. ماذا أملك اليوم؟ وماذا سأملك غدا؟ لا يوجد لدي شيء، ولا أجد ما أشتريه بما أملكه من مال”.

وطالب بسام داود العالم بالضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات، وقال: “إغلاق المعابر هو السبب في معاناتنا من جوع. لدينا أطفال وشيوخ كبار في السن. نحن كرجال يمكن أن نتحمل، لكن الأطفال لا يمكنهم التحمل. نناشد العالم أجمع إنقاذ أطفالنا”.

وحذر مكتب أوتشا من أن الحرمان الجماعي للسكان في قطاع غزة أصبح أمرا طبيعيا، مشيرا إلى أن كل يوم يجلب المزيد من الوفيات التي يمكن الوقاية منها، والنزوح، واليأس. وأكدت أن وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى غزة “التزام قانوني وأخلاقي”، داعية إلى تسهيل إدخال الإغاثة الفورية للمدنيين.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مصدر المعلومات والصور : un

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى