الفقر والنزوح وانعدام الأمن الغذائي كوابيس تلاحق الغزيين

ورغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة، بعد عامين متواصلين من حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الظروف الإنسانية والمعيشية لا تزال قاسية للغاية. ولا تزال الغالبية العظمى من السكان تعاني من النزوح والنزوح، وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية والفقر المدقع والنقص الحاد في الغذاء والمياه، بالإضافة إلى حالة من القلق المستمر والخوف من تجدد العدوان في أي لحظة، مما يجعل التعافي والاستقرار في غاية الصعوبة.
وباتت الأمور أكثر تعقيداً وأسوأ من الأسوأ الذي كان سائداً في القطاع، إذ فقد غالبية المواطنين مصادر رزقهم، سواء التجارية أو الاقتصادية أو العمل الحر. ولم تترك الحرب شيئا إلا دمرته، فتساوى الجميع في الفقر والعوز. ولم يعد أغلبهم قادرين على توفير الطعام لأطفالهم، ولا كسوتهم، ولا حتى الأمن والأمان والطمأنينة التي ينبغي أن يتمتعوا بها، وهو أدنى مستوى من الحياة البشرية.
لقد أصبحت الأوضاع في قطاع غزة أكثر تعقيدا وأسوأ، وتتجاوز المعاناة التي كانت قائمة قبل العدوان الإسرائيلي. وفقد غالبية المواطنين مصادر رزقهم سواء من الأعمال التجارية أو الخاصة، ولم يترك العدوان شيئاً إلا دمر. لقد أصبح الفقر والعوز واقعاً يعاني منه الجميع، لدرجة أن الكثير من المواطنين غير قادرين على توفير الغذاء أو الملبس لأبنائهم، بالإضافة إلى فقدان أبسط مقومات الحياة الكريمة، كالأمن والاستقرار والطمأنينة، وهي حقوق أساسية لا غنى عنها لحياة أي إنسان.
في كل خيمة وزقاق ومكان يلجأ إليه الناس في قطاع غزة، يمكن سماع أنين الفقر يطرق أبواب القلوب قبل الأذان. هذا أب عاجز عن توفير الطعام لأبنائه، وآخر لا يستطيع سوى توفير وجبة واحدة في اليوم، وآخر لم يكن أمامه إلا الاعتماد على التبرعات والمساعدات الخيرية. أما بالنسبة للملابس فلا حرج فيها. ومضى عامان دون أن يتمكن المواطنون من الحصول على ملابس جديدة. وهم الآن يرتدون ملابس متهالكة بالية، لم تعد تقيهم من برد الشتاء أو حرارة الصيف، ولم تعد صالحة حتى لأداء غرضهم الأساسي.
ويعرب المواطن أيهم العمور عن خشيته من استمرار الوضع الصعب في غزة لفترة طويلة، وما يقلقه الآن هو أنه رغم توقف العدوان الإسرائيلي فإن أسعار المواد الغذائية الأساسية لا تزال مرتفعة وليست في متناول جميع المواطنين، خاصة في ظل قلة فرص العمل وارتفاع نسبة البطالة.
بحسب ما أبلغت عنه "وفا" وتشير إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تسمح بدخول أنواع محددة من المواد الغذائية، وأغلبها غير ضرورية، مثل "اندومي" ومشروبات القهوة سريعة التحضير والنسكافيه، ومنع دخول الخضار والفواكه والدواجن والبيض واللحوم الحمراء، لافتاً إلى أن المواطنين في قطاع غزة بحاجة ماسة إلى هذه الأطعمة، خاصة التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن، بعد موجة المجاعة التي عاشوها خلال العدوان.
فيما يقول المواطن غسان عليوة إن ارتفاع الأسعار وشح المواد الغذائية والخضار وارتفاع أسعارها، حرم المواطنين من تناول الأطعمة الصحية، وأصبحوا يعتمدون على المواد المصنعة مثل المعلبات التي تحتوي على مواد حافظة وتضر بصحة المواطنين.
وأضاف أن البقوليات والأرز أصبح لها حضور قوي على موائد سكان غزة بعد غياب الخضار واللحوم، التي تتعمد قوات الاحتلال عدم إدخالها إلى القطاع، بهدف زيادة الأمراض ونقص المناعة، خاصة لدى الأطفال في مرحلة البناء والحوامل الذين يحتاجون إلى المكملات الغذائية والفيتامينات والمعادن.
في حين يؤكد المواطن رائد العرجا أن الأهالي في غزة لم يعودوا قادرين على الحصول على الغذاء الصحي والطازج والنظيف بسبب العدوان والحصار. وسعى معظم النازحين للحصول على طعامهم من خلال الدور التي تركز على أنواع محددة من الطعام، وتكرر ذلك أكثر من مرة أسبوعياً، الأمر الذي كان له أثر سلبي على صحتهم، التي ظهرت عليها علامات الوهن والضعف.
ويشير إلى أن أسعار الخضار والفواكه مرتفعة للغاية، وأصبح المواطنون خائفين من مطالبة أبنائهم بهذه المواد، لعدم قدرتهم على توفيرها، في ظل قلة السيولة وارتفاع سعر الصرف مقابل الشيكل.
ويؤكد العرجا أنه عند شراء هذه المواد تكون الأسعار مضاعفة، إذ يحسب البائعون سعر الصرف النقدي ويضيفونه إلى السعر النقدي للسلع، ما يزيد المعاناة، لافتاً إلى أن الأسعار تختلف من مكان إلى آخر ومن بائع إلى آخر، وهذا بحد ذاته يعتبر حرباً اقتصادية على المواطنين.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا): إن جميع الأراضي الزراعية في غزة تقريبًا مدمرة أو لا يمكن الوصول إليها، والأسر التي كانت تعيش على الأراضي الزراعية في غزة ليس لديها دخل الآن بسبب تدميرها.
وأضافت الأونروا أن الأهالي في قطاع غزة لا يستطيعون شراء المواد الغذائية من الأسواق ويجب إدخال المساعدات حتى يتعافى القطاع الزراعي في القطاع، مشيرة إلى أن الاحتلال دمر حوالي 88% من الأراضي الزراعية، وهو ما سيجبر القطاع على استيراد المنتجات الزراعية خلال الفترة المقبلة.
بينما دعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، إلى أن تكون حقوق الإنسان في قلب جهود الإنعاش في القطاع، مشددا على ضرورة استعادة إمكانية الوصول إلى الغذاء والماء والمأوى والرعاية الطبية بشكل عاجل، وضمان حق الفلسطينيين في تقرير المصير مع اتخاذ خطوات سياسية حقيقية نحو حل الدولتين.
بينما قال برنامج الغذاء العالمي إنه بسبب إغلاق المعابر الشمالية الرئيسية، لم نبدأ أي عملية توزيع في مدينة غزة، ولم تصل سوى إمدادات غذائية محدودة.
أكدت مصادر طبية في قطاع غزة، ارتفاع حصيلة شهداء عدوان الاحتلال على القطاع إلى 67967 شهيداً و170179 جريحاً، منذ 7 أكتوبر 2023."
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر