علاقات سوريا وروسيا بعد الأسد براغماتية جديدة وتوازن مصالح

تناولت زيارة الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع إلى موسكو مؤخراً، ولقاؤه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين ملفات استراتيجية وعسكرية، في مقدمتها مستقبل الوجود العسكري الروسي في سورية، لا سيما في قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية على الساحل السوري، حيث يُتوقع تجديد الاتفاقيات الخاصة بهما.
في هذا السياق، قال المستشار رامي الشاعر، المحلل السياسي و الاستراتيجي إن روسيا تسعى إلى شراكة مع سورية تقوم على أساس المنفعة المتبادلة في المجالات العسكرية والأمنية والإنسانية.
وأوضح الشاعر أن قاعدة طرطوس تُمثل نقطة دعم إستراتيجي للأسطول الروسي في البحر الأبيض المتوسط وما وراءه، في إطار اتفاقية طويلة الأمد، بينما تأسست قاعدة حميميم عام 2015 بطلب رسمي من النظام السوري السابق، بهدف مواجهة التنظيمات الإرهابية، والمصنفة وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي.
وأشار الشاعر إلى أن الظروف الراهنة تستوجب إعادة تقييم للوجود العسكري الروسي، مشدداً على أن هذا الوجود “رسمي ومتوافق مع القانون الدولي”، لافتاً إلى أن القيادة السورية الجديدة لم تطلب إنهاءه، بل أبدت استعدادها لمواصلة التنسيق مع موسكو، خصوصاً في استخدام القاعدتين لأغراض لوجستية، من بينها نقل المساعدات الإنسانية إلى أفريقيا.
وأضاف الشاعر أن دمشق ترى في موسكو شريكاً يحترم العلاقات التاريخية الممتدة منذ عام 1944، دون أن تسعى روسيا لفرض نفوذها على القرار السوري.
وخلال الزيارة، أبدى الرئيس أحمد الشرع اهتمام بلاده بتوسيع التعاون مع روسيا في مجالات الطاقة، والزراعة، والمياه، وبناء المصانع، في إطار جهود إنعاش الاقتصاد السوري المتضرر بشدة جراء العقوبات الغربية.
وتعوّل سورية -وفق الشاعر- على روسيا لتجاوز العقوبات الغربية كونها شريكاً إستراتيجياً قادراً على دعمها عبر مشاريع مشتركة، مما يعزز استقرارها الاقتصادي والتنموي. ويرى أن موسكو “شريك موثوق يحترم سيادة دمشق ويسعى لتعزيز العلاقات الثنائية على أسس المنفعة المشتركة”.
وكان بوتين قد أكد، خلال لقائه الشرع، أن البلدين “يتمتعان بعلاقات خاصة على مدى عقود، وأن موسكو استرشدت بمصالح الشعب السوري”. وأضاف “نحترم الاتفاقيات السابقة ونريد إعادة تعريف العلاقات المشتركة”.
فيما قال الرئيس الشرع إن “سورية الجديدة تعيد ربط العلاقات الإستراتيجية مع دول العالم، وعلى رأسها روسيا”، مؤكداً احترام الاتفاقيات السابقة مع محاولة إعادة تعريف العلاقات.
كما أضاف الشاعر أن على ممثلي المعارضة السورية الحالية وخاصة من هم خارج بلدهم الإرتقاء والتحلي بالمسؤولية التي تليق للمساهمة في مساعدة شعبهم وبلدهم بدلاً من التحريض والتخريب و نصب العداء ضد بلدهم في هذه الظروف الصعبة للفترة المؤقتة التي تقودها القيادة السورية الحالية لتجاوز كل المصاعب والتراكمات المعقدة نتيجة الخمسة عشر سنة الاخيرة.
فيما يخص مصير الرئيس السابق بشار الأسد، يؤكد الشاعر أنه لم يتم التطرق رسمياً إلى مسألة تسليمه، وان الرئيس السوري أحمد الشرع يتفهم حساسية هذا الموضوع، معتبراً أياه بأنه ليس أولوية في المرحلة الراهنة.
وفي السياق ذاته، قال الشاعر ان القيادة السورية الحالية المؤقتة تواجه حملة إعلامية خبيثة وممنهجة من بعض الأطراف السورية، خاصة من شخصيات ومعارضين يتواجدون خارج البلاد. وتركز هذه الحملة على تشويه العلاقة بين دمشق وموسكو، عبر تداول معلومات غير دقيقة أو عارية تماماً عن الصحة.
وأضاف الشاعر، أن مثل هذه الحملات لا تخدم المصلحة الوطنية، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها سورية، ويجب أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم، خاصة من هم في صفوف المعارضة، من خلال التركيز على العمل الوطني وتقديم الدعم الحقيقي لخدمة الشعب السوري، بدلاً من إثارة التوترات والنعرات والانقسامات داخل المجتمع السوري الجريح.
وفي هذا الإطار، شدد الشاعر على أن المرحلة الحالية تتطلب تضافر الجهود من قبل كل السوريين، داخل البلاد وخارجها، لتجاوز الأزمات السياسية والاقتصادية، بعيداً عن الخطابات التصعيدية أو محاولات النيل من الاستقرار الداخلي.