فن ومشاهير

"جسر للتقارب الحضاري".. تفاصيل جلسات ملتقى الترجمة الدولي 2025


يكمل المنتدى الدولي للترجمة 2025، نظمتها هيئة الآداب والنشر والترجمة تحت شعار "من المملكة العربية السعوديةنحن نترجم المستقبل"الجلسة الأولى بعنوان "التحولات الثقافية في الترجمة: قراءة في التجربة السعودية الصينية" أبعاد التبادل الثقافي بين المملكتين ودور الترجمة في مد جسور المعرفة وتعزيز التواصل الإنساني، بمشاركة الدكتورة نجاح سليمان الأستاذة بجامعة عين شمس المتخصصة في الترجمة والدراسات الأدبية المقارنة، فيما أدار الحوار رشيد الجبرين من وزارة الثقافة، وسط حضور لافت من الباحثين والمترجمين والأكاديميين والمهتمين بالدراسات اللغوية والثقافية.

وأشارت الدكتورة نجاح سليمان إلى أن البرنامج الثقافي السعودي الصيني العام الذي أطلقته وزارة الثقافة يعد من أبرز المبادرات الهادفة إلى توطيد العلاقات الثقافية بين البلدين، من خلال المشاريع والمبادرات المتنوعة التي تشمل الترجمة والنشر والفنون وتبادل الخبرات الأكاديمية والمهنية.

التجربة السعودية الصينية

وأكد سليمان أن الترجمة اليوم أصبحت ممارسة ثقافية تساهم في تشكيل الوعي الجمعي وبناء الصورة الثقافية للشعوب، وأن التجربة السعودية الصينية تمثل نموذجا متطورا للتعاون المعرفي القائم على الاحترام والتفاعل المتبادل بين الثقافتين.

وأشارت إلى أن الاهتمام السعودي المتزايد بالترجمة من وإلى اللغة الصينية يعكس التحول الاستراتيجي الذي تشهده المملكة لتعزيز حضورها الثقافي عالمياً، من خلال مبادرات ومشاريع الترجمة واسعة النطاق التي أطلقتها هيئة الآداب والنشر والترجمة، والتي ساهمت في إثراء المكتبة العربية بمختلف الأعمال الصينية في الفلسفة والعلوم والتاريخ والأدب، مقابل اهتمام متزايد في الصين بترجمة الأدب السعودي الحديث ودراسة ملامحه الفكرية والإنسانية.

وأكدت الجلسة أن الترجمة تشكل جسراً حيوياً للتقارب بين اللغات والثقافات، من خلال مشاريع مشتركة تجمع المترجمين السعوديين والصينيين في مختلف المجالات الأدبية والثقافية، بما يعكس عمق الروابط الإنسانية بينهما. البلدين.

الأدب السعودي الحديث

كما استعرضت الجلسة نماذج من الترجمات المتبادلة بين اللغتين العربية والصينية، والتي شملت نقل روائع الأدب الصيني الكلاسيكي إلى اللغة العربية، وترجمة الأدب السعودي الحديث إلى اللغة الصينية، مما يسهم في توسيع آفاق التبادل المعرفي وتعزيز الحضور الثقافي المتبادل.

وشهدت الجلسة نقاشاً تفاعلياً بين الحضور حول تحديات ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الصينية وبالعكس، وسبل تطوير برامج التدريب والتأهيل للمترجمين، وتعزيز حضور المترجمين السعوديين. في الأسواق الآسيوية من خلال شراكات مع دور النشر الصينية الكبرى.

وأكد المشاركون أن العلاقة الثقافية بين السعودية والصين شهدت نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مدفوعة برؤية المملكة 2030، التي أعطت للثقافة والترجمة مكانة محورية في تعزيز التواصل الثقافي والانفتاح المعرفي، ووصفوا الترجمة بأنها أداة استراتيجية في بناء جسور التفاهم بين الشعوب، وركيزة أساسية في نقل الخبرات وتوسيع التعاون الأكاديمي والثقافي بين البلدين.

فنون الترجمة الأدبية

الجلسة الثانية كانت بعنوان "فنون الترجمة الأدبية: لغة المشاعر ولغة المشاعر" حضور واسع للمترجمين والباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي، بمشاركة المترجم والكاتب محمد آيت حنا، والدكتور سلفادور بينيا من جامعة ملقة في إسبانيا، والدكتور إبراهيم الفريح من جامعة الملك سعود، وأدار الحوار الأستاذة نسيبة القصار من مكتبة الكويت الوطنية.

وتناولت الجلسة الأبعاد الجمالية والإبداعية في ترجمة النصوص الأدبية بين اللغات والثقافات المختلفة، مبينة أن الترجمة الأدبية لم تعد مقتصرة على النقل الحرفي كما كان في الماضي. بل أصبح يعكس فهماً أعمق للنص ومعانيه الثقافية والعاطفية، وأن المترجم أصبح شريكاً في الإبداع، ناقلاً الشعور والجوهر الثقافي للنص الأصلي، في عملية تتطلب حساسية لغوية وثقافية عالية وقدرة على الموازنة بين الصدق والإبداع.

وشددت الجلسة على أن الترجمة الأدبية تعد من أهم الجسور التي تربط الحضارات وتساهم في تعزيز التفاهم الثقافي والتقارب الإنساني، مؤكدة ضرورة الاستثمار في تأهيل المترجمين وصقل مهاراتهم بما يعزز صناعة الترجمة. في المملكة والعالم العربي، وتمكينهم من المساهمة في نقل المعرفة والأدب العالمي بطريقة احترافية.

وشدد المشاركون على أن الإبداع في الترجمة لا يعني تجاوز النص الأصلي، بل التعامل معه بروح فنية تحقق التوازن بين الصدق والدقة من جهة، والجمال والأسلوب من جهة أخرى، لافتين إلى أن المترجم الأدبي يلعب دوراً إبداعياً لا يقل عن المؤلف في إعادة صياغة التجربة الفنية بلغة جديدة تراعي خصوصية الثقافات واختلاف البيئات الإبداعية.

الضحك بلغة أخرى

وفي الجلسة الثالثة بعنوان "الضحك بلغة أخرى: ترجمة الكوميديا ​​عبر الثقافات"وناقش المشاركون الأبعاد الثقافية واللغوية لترجمة الكوميديا والتحديات التي تواجه نقل روح الفكاهة بين الشعوب مع الحفاظ على المعنى الأصلي للنص وتأثيره، بمشاركة الدكتورة عبير القحطاني من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والدكتورة سارة راموسبينتو من جامعة ليدز البريطانية، فيما أدار الحوار الدكتورة عبير الفيفي من جامعة الملك عبد العزيز، بحضور نخبة متنوعة من المترجمين والباحثين والمهتمين. مهتم بالشؤون الثقافية واللغوية.

وبينت الجلسة أن الترجمة الكوميدية هي من أكثر فروع الترجمة تعقيدا، نظرا لاعتمادها الكبير على الاختلافات الثقافية والسياقات الاجتماعية التي قد لا يكون لها نظير مباشر في اللغة الهدف، مؤكدة أن الفكاهة ليست عنصرا لغويا فحسب، بل هي انعكاس لثقافة المجتمع وتصوراته وقيمه.

وأوضحت أن المترجم الكوميدي يواجه تحديا مزدوجا يتمثل في الحفاظ على المعنى من جهة، ونقل التأثير النفسي والإيقاع الإبداعي للنص من جهة أخرى، وهو ما يتطلب وعيا عميقا بالبيئة الثقافية للنص الأصلي والجمهور المستهدف لضمان نجاح عملية النقل دون فقدان الروح. الطابع الساخر أو المحلي للنص.

وأكد المنتدى الدولي للترجمة 2025 من خلال هذه الجلسات أن الترجمة ليست مجرد عملية لغوية، بل هي مشروع حضاري شامل يساهم في بناء الوعي الثقافي وترسيخ التواصل الإنساني بين الشعوب، ويعزز مكانة المملكة كمركز معرفي عالمي رائد في تطوير صناعة الترجمة والتواصل الثقافي الدولي، ومواكبة التحولات التقنية والثقافية وترجمة أهداف رؤية المملكة 2030 في بناء اقتصاد معرفي منفتح على العالم.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى