“نيويورك تايمز”: مستشار ترامب للتكنولوجيا يستغل منصبه لمصالحه الشخصية

وفي يوليو/تموز الماضي، بدا ديفيد ساكس، أحد أبرز مستشاري التكنولوجيا في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، متألقا أثناء صعوده إلى منصة داخل قاعة كلاسيكية جديدة مصممة على بعد خطوات من البيت الأبيض. وكان ساكس قد جمع كبار المسؤولين الحكوميين وقادة شركات التكنولوجيا الكبرى من… "وادي السيليكون" في منتدى لمناقشة طفرة الذكاء الاصطناعي.
وكان ضيف الشرف هو ترامب نفسه، الذي كشف "خطة عمل الذكاء الاصطناعي" وشارك ساكس في صياغته، وشدد في كلمة مطولة على أن الذكاء الاصطناعي يمثله "واحدة من أهم الثورات التكنولوجية في تاريخ العالم"ثم وقع سلسلة من الأوامر التنفيذية لتسريع نمو القطاع.
لكن وراء هذا المشهد اللافت للنظر، كان ساكس (53 عاما) نفسه مستفيدا رئيسيا من هذا الاتجاه الجديد لإدارة ترامب، لأنه بينما كان يشغل أحد أكثر المناصب نفوذا في البيت الأبيض كمستشار للذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، كان يواصل أيضا عمله الاستثماري في وادي السيليكون.
بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" وفي أمريكا، منح ساكس حلفاءه في القطاع وصولا غير مسبوق إلى البيت الأبيض، كما دفع من أجل إزالة القيود المفروضة على شركات الذكاء الاصطناعي، مما مهد الطريق أمام عمالقة التكنولوجيا لجني مكاسب تقدر بمئات المليارات من الدولارات.
وتشير التحقيقات "نيويورك تايمز" يحتفظ ساكس بـ 708 استثمارات تكنولوجية، منها 449 استثمارًا مرتبطًا بالذكاء الاصطناعي والتي يمكن أن تستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر من السياسات التي روج لها أثناء عمله في البيت الأبيض.
وسلطت الصحيفة الضوء على بعض المحطات التي اعتبرتها أبرز ملامح تضارب المصالح المحتمل، حيث قدم ساكس دعما سياسيا من شأنه أن يعزز مبيعات الشركات الكبرى مثل "نفيديا"والتي من المتوقع أن تجني ما يصل إلى 200 مليار دولار من القرارات التي تدعمها.
كما تعارضت توصيات ساكس بشأن سياسة الذكاء الاصطناعي في بعض الأحيان مع التحذيرات الأمنية، مما أثار قلق بعض مساعدي البيت الأبيض، في حين استمرت استثماراته الخاصة في النمو، وخاصة في شركات الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، على الرغم من تأكيده على امتثاله للوائح الأخلاقيات الحكومية.
وكانت إدارة ترامب قد منحته إعفاءين أخلاقيين بعد أن أعلن بيع معظم أصوله في العملات المشفرة والذكاء الاصطناعي، لكن الإفصاحات الرسمية لم توضح توقيت البيع أو حجم الأصول المتبقية، مما أثار المزيد من الشكوك حول مكاسبه المحتملة من عمله الحكومي.
ومع ذلك، دافعت المتحدثة باسم البيت الأبيض عن ساكس، مستشهدة بتجربته "نفيس" ولتحقيق هدف ترامب المتمثل في تعزيز الهيمنة التكنولوجية الأمريكية، وصف المنتقدون في إدارة ترامب ما يحدث بأنه مثال صارخ على قوة… "التكنولوجيا تتطور بسرعة داخل البيت الأبيض".
بدأ نفوذ ساكس السياسي منذ سنوات، بفضل شبكة علاقاته مع إيلون ماسك وغيره من قادة قطاع التكنولوجيا الأميركي، وأصبح شخصية مؤثرة في الحزب الجمهوري، وممولاً رئيسياً لعدد من المرشحين، قبل أن يستدعيه ترامب رسمياً للعمل في إدارته.
وفتح ساكس أبواب البيت الأبيض أمام رواد التكنولوجيا، وأبرزهم جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي للشركة "نفيديا" بالنسبة للرقائق الإلكترونية، حيث عمل ساكس على إلغاء قيود التصدير التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن على رقائق الذكاء الاصطناعي.
ووثّقت الصحيفة استثمارات ساكس المستمرة في الشركات التي قد تستفيد بشكل مباشر من السياسات التي صاغها بنفسه، بما في ذلك شركات الدفاع التكنولوجي مثل "أندوريل"والتي حصلت مؤخرًا على عقد بقيمة 159 مليون دولار من الجيش الأمريكي لتطوير نظارات الرؤية الليلية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.
ساعد ساكس أيضًا في الضغط من أجل إقرار القانون "عبقري" لتنظيم العملات المستقرة، وهو القانون الذي احتفلت به الشركة "بت جو"إحدى استثمارات ساكس، قبل أن تعلن عن استعدادها لطرح أسهمها للاكتتاب العام بقيمة تتجاوز 130 مليون دولار.
وتحول ظهور ساكس المتكرر مع كبار مسؤولي الإدارة الأميركية إلى إعلان ذهبي لبرنامجه الشهير على الإنترنت "أولا في"الذي قفزت إيراداته من المؤتمرات إلى نحو 21 مليون دولار سنويا، فيما حضر ترامب نفسه لتصوير مشاهد خاصة مع مقدمي البرنامج داخل البيت الأبيض.
وكان من المفترض أن يستضيف البودكاست قمة للذكاء الاصطناعي في يوليو الماضي، مع السماح للرعاة بدفع مليون دولار لكل منهم للوصول الحصري إلى ترامب، الأمر الذي أثار مخاوف داخل البيت الأبيض، ودفع كبير موظفيه سوزي وايلز للتدخل ووقف الأمر، لكن على الرغم من الاحتواء الرسمي، فإن القمة تجسد مثالا بارزا على مدى تقاطع مصالح ساكس الشخصية مع سياسات حكومته.
وفي ختام الحدث، وبعد توقيع ترامب على عدة أوامر تنفيذية، سلم الرئيس الأميركي قلمه الرئاسي إلى ديفيد ساكس، في مشهد يلخص حجم النفوذ الذي يتمتع به رجل الأعمال داخل أروقة السلطة الأميركية.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر



