ختام اللقاء التشاوري الإقليمي حول التقدم في تطبيق إعلان مراكش

ختام اللقاء التشاوري الإقليمي حول التقدم في تطبيق إعلان مراكش
الرباط في 16 أكتوبر/وام/ احتضنت العاصمة المغربية الرباط، خلال الفترة من 11 إلى 13 أكتوبر، أعمال اللقاء التشاوري الإقليمي الختامي حول التقدّم في تطبيق إعلان مراكش، برئاسة معالي الشيخ عبد الله بن بيّه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي رئيس منتدى أبو ظبي للسلم، وبتنظيم مشترك بين المنتدى، وشبكة صنّاع السلام الدينيين والتقليديين، ومبادرة JISRA الهولندية، في إطار جهود متواصلة لتفعيل مضامين إعلان مراكش التاريخي الصادر عام 2016، تحت رعاية جلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة، وبالشراكة بين المنتدى ووزارة الأوقاف المغربية، والذي يعنى بالتأصيل لقيم المواطنة الشاملة والعيش المشترك في المجتمعات الإسلامية.
ويأتي اللقاء ضمن سلسلة المشاورات الإقليمية الرامية إلى تقييم مسار تنفيذ إعلان مراكش، في محاولة لاستشراف السبل الكفيلة بتحويل مضامينه من مبادئ نظرية إلى برامج عملية ومؤسساتية، قادرة على التأثير في السياسات العمومية، والفضاءات العامة. واختتم معالي العلامة عبد الله بن بيه، اللقاء التشاوري، مؤكدا أن التحديات الوجودية التي يواجهها عالمنا اليوم تزيد من الحاجة إلى حماية الحريات الدينية لأتباع مختلف الديانات، والتصدي للنزعات الإقصائية وأشكال التطرف التي تهدد قيم التعايش والتفاهم الإنساني.
وأضاف :وفي مقابل هذه التوجهات، تقدّم دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجا رائدا في ترسيخ ثقافة التسامح والعيش المشترك، حيث تتعايش على أرضها عشرات الأديان والثقافات والأعراق في أمن وسلام واحترام.
واستحضر معاليه التشجيع والتنويه الذي تلقاه مؤتمر حقوق الأقليات الدينية بمراكش سنة 2016، من جلالة الملك محمد السادس، في الرسالة الملكية الموجهة للمؤتمر عندما قال:” نود أن ننوه بالجهود التي بذلتها وزارتنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية لتنظيم هذا اللقاء والتحضير له، وعقده تحت الرعاية السامية لجلالتنا، كما نود أن نعبر عن رضانا لما وفرته من أسباب نجاحه، ونعرب عن شكرنا لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الذي يترأسه الشيخ عبد الله بن بيه وتدعمه دولة الإمارات العربية المتحدة”.
وشدد معاليه على أن الإعلان أصّل لمفهوم المواطنة التعاقدية بوصفه أساسًا صالحًا للتعايش في المجتمعات المسلمة الحديثة، وخيارًا تزكيه القيم وترشّحه التجربة التاريخية لتفعيل المشترك الإنساني، وتحييد عناصر الإقصاء والصراع، ومن أبرز المبادئ الكبرى التي بُني عليها هذا الإعلان الجمع بين حق الحصرية في الاعتقاد وفضيلة التعددية في الممارسة، ضمن إطار الدولة الوطنية الحديثة التي تحتضن التنوع الديني والثقافي والعرقي، وترسّخ المواطنة السعيدة والعيش المشترك.
كانت أعمال اللقاء انطلقت بجلسة افتتاحية جمعت بين قيادات دينية وفكرية وفعاليات المجتمع المدني، برئاسة سعادة الشيخ المحفوظ بن بيه، الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسلم، وبمشاركة الدكتور محمد السنوسي، عضو لجنة الحريات الدينية التابعة للكونغرس الأميركي، والمدير التنفيذي لشبكة صنّاع السلام الدينيين والتقليديين، والمفكر المغربي الدكتور حسن أوريد، والدكتور عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، و الدكتور عبد الحميد عشاق، مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية – جامعة القرويين، و عبد الرفيع حمضي، مدير حقوق الإنسان بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والدكتورة آمنه سعيد الشحي، مدير مكتب منتدى أبو ظبي للسلم بالرباط، وممثلين للجمعيات المدنية الفنلندية والهولندية، وأكاديميين وعلماء من المملكة المغربية، وشخصيات أخرى من الفعاليات المدنية بشمال إفريقيا والشرق الأوسط. وأكد سعادة الشيخ المحفوظ بن بيه، في كلمته الافتتاحية، على أن إعلان مراكش يشكّل ثمرة نضج في التفكير الإسلامي المعاصر، إذ يعيد قراءة النصوص في ضوء مقاصدها الكبرى، ويجسّد رؤية حضارية للرواية الصحيحة للإسلام.
وأوضح الأمين العام للمنتدى أن هذا اللقاء يأتي استمرارا لمسار طويل بدأه منتدى أبوظبي للسلم منذ سنوات، وفق الرؤية السديدة لقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، من أجل جعل الخطاب الديني أداة لبناء السلام، مؤكدا أن الطريق إلى تفعيل إعلان مراكش يمر عبر شراكة حقيقية بين العلماء، وصانعي القرار، ومؤسسات المجتمع المدني، داعيا إلى تجديد الالتزام الجماعي بتعزيز ثقافة التعايش واحترام التنوع، باعتبارها ضمانة أساسية للسلم والتنمية. وأكدت المداخلات على أهمية إنتاج المعرفة المرتبطة بقضية الأقليات الدينية، مؤكدا أن الإعلان هو الوريث الشرعي لصحيفة المدينة، وتجديد القضايا الكبرى التي عرفتها مضامينه، ارتباطا بالتحولات الكبرى العالمية، مركزا على أهمية البعد الدولي للإعلان، وأن قيمه يمكن أن تسهم في تصحيح الصورة النمطية عن الإسلام في المجتمعات الغربية، من خلال إبراز أن الإسلام دين يقوم على الكرامة والعدل والرحمة.
كما تناول المشاركون الأسس المعرفية والعلمية لفكرة إعلان مراكش، والذي يؤصل للكرامة الإنسانية ويعتبرها مقدمة على الكرامة الإيمانية، كما يؤصل للمواطنة المتساوية والانتماء إلى الأرض وإلى الوطن الواحد معتبرين أن التصاعد الخطير لخطاب الكراهية يقتضي إعادة إحياء إعلان مراكش وراهنيته في العالم، الذي يشهد تهديدا صريحا للتعددية الدينية من داخل بعض المجتمعات باسم الدين ومن خارجها باسم القومية، وأن العالم اليوم يعيش أزمة ضمير أخلاقي ديني عالمية.
وأكد المشاركون في ختام الجلسة على ضرورة تكاتف الجهود للانتقال بمقتضيات الإعلان من التأصيل إلى التنزيل، مع مختلف الشركاء ، وبلورة مضامينه، التي استندت على الرؤية الإسلامية لموضوع الأقليات، في تعزيز مواطنة شاملة حاضنة للتنوع، معتبرين أن هذا اللقاء التشاوري الإقليمي حول إعلان مراكش يشكل خطوة متجددة في مسار طويل لبناء عالم أكثر عدلا وسلاما، حيث تتلاقى القيم الدينية والإنسانية في خدمة كرامة الإنسان، أيًّا كان دينه أو عرقه أو ثقافته.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : wam