فن ومشاهير

هل تُفقد حقن التجميل الأم مشاعرها تجاه طفلها؟

هل تُفقد حقن التجميل الأم مشاعرها تجاه طفلها؟     
زيزي عبد الغفار   

شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في الطلب على العمليات التجميلية غير الجراحية، مثل حقن البوتوكس والفيلر، والتي يتم تسويقها على أنها حلول سريعة لاستعادة النضارة والشباب. لكن وراء هذه الوعود الجمالية، بدأت تظهر أسئلة علمية مزعجة، أبرزها: هل يمكن لهذه التدخلات أن تضعف الارتباط العاطفي بين الأم وطفلها؟

وتشير دراسات علم النفس إلى أن تعابير الوجه ليست مجرد انعكاس للمشاعر، بل لها دور فعال في تكوينها وتعزيزها. فالابتسامة، على سبيل المثال، لا تعكس الفرح فحسب، بل تولده، في حين أن العبوس المتكرر يغذي المشاعر السلبية. تُعرف هذه الظاهرة باسم “فرضية ردود الفعل الوجهية”، والتي تفترض أن الوجه لا يعبر عن المشاعر فحسب، بل يشارك في خلقها.
وفي هذا السياق، يكتسب وجه الأم أهمية خاصة، لأنه يمثل نافذة الطفل الأولى للتواصل مع العالم. يعتمد التفاعل العاطفي بين الأم ورضيعها على ملامح الوجه والحركات الدقيقة التي تنقل الحنان والطمأنينة وأحياناً الغضب.

ولكن عندما تتدخل مواد مثل البوتوكس – الذي يشل عضلات الوجه مؤقتا لتقليل التجاعيد – أو الحشوات التي تملأ الفجوات وتغير ديناميكيات التعبيرات، فإن القدرة على التعبير تتراجع. ويتحول الوجه تدريجياً إلى «قناع جميل»، لكنه بلا حياة.
وأكدت دراسة نشرت عام 2018 في مجلة (PubMed) أن النساء اللاتي خضعن للحقن المتكرر فقدن جزءا كبيرا من الحركات العضلية المسؤولة عن التعبيرات السلبية مثل العبوس أو الغضب، وهو ما انعكس على قدرتهن على التعبير عن المشاعر بوضوح.
ولا يتوقف الأمر عند الجانب التجميلي، إذ تشير أبحاث أخرى إلى أن البوتوكس يضعف القدرة على التعاطف. التواصل العاطفي مع الآخرين، بحسب علم الأعصاب، يعتمد على قدرة الشخص على تقليد تعبيرات من أمامه. ومع تجمد عضلات الوجه، تفقد الأمهات هذه القدرة الطبيعية، ويتراجع وعيهن بمشاعر أطفالهن.

وقد جسدت تجربة شهيرة تُعرف باسم “تجربة الوجه الساكن”، أجراها العالم إدوارد ترونيك في السبعينيات، هذا المفهوم بوضوح: عندما طلب الباحث من الأم إبقاء وجهها خاليًا من التعبير أثناء التفاعل مع طفلها الرضيع لبضع دقائق، بدأ الطفل في البكاء ومحاولة استجداء التفاعل منها. وأظهر هذا أن الاستجابة العاطفية من خلال ملامح الوجه ضرورية لشعور الطفل بالأمان والانتماء.

ولذلك فإن تجمد وجه الأم أو تعابيرها المحدودة بسبب عمليات التجميل قد يعرض طفلها لتجربة مماثلة، مما يضعف التواصل العاطفي ويؤثر على نموه النفسي والاجتماعي.
صحيح أن حقن البوتوكس والفيلر آمنة وسريعة في معظم الحالات، إلا أن الخبراء يحذرون من الإفراط في استخدامها، خاصة للأمهات خلال السنوات الأولى من حياة أطفالهن، حيث يكون الوجه لغة الحب والتواصل الأولى.
وفي النهاية يبقى السؤال:
هل يستحق الوجه المشدود الخالي من التجاعيد المخاطرة بفقدان أصدق مشاعر الأمومة؟

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مصدر المعلومات والصور : lebanon24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى