“المرأة الحديدية” الباكستانية تقود النضال من أجل مستقبل أكثر عدلا للجميع

“المرأة الحديدية” الباكستانية تقود النضال من أجل مستقبل أكثر عدلا للجميع
عندما كانت في الحادية والعشرين من عمرها، أصيبت مزاري بجروح بالغة في حادث سيارة أصابها بالشلل من الخصر إلى الأسفل.
ورغم التحديات الهائلة التي واجهتها، واصلت مسيرتها لتصبح فنانة بارزة عُرضت أعمالها في العديد من المعارض المرموقة حول العالم، ومتحدثة تحفيزية عالمية، وناشطة في المجال الإنساني، ومدافعة عن حقوق ذوي الإعاقة، وأول مذيعة تلفزيونية باكستانية مقعدة، وعارضة أزياء، وسفيرة للنوايا الحسنة لدى هيئة الأمم المتحدة للمرأة في باكستان.
وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، شاركت مزاري رحلتها الاستثنائية في الصمود والعزيمة، ورفضها أن تُحدد إعاقتها هويتها، ورؤيتها لمجتمع شامل بحق.
تفاصيل الحوار فيما يلي.
منيبة مزاري: تعلمتُ أنه إذا تحليت بالشجاعة لمواجهة التحديات، وإذا كنت مثابرا وسعيت بإصرار لإحداث فرق لنفسك وللآخرين من حولك، فإن الحواجز تتحول إلى جسور، والمحن تتحول إلى فرص.
إن تعييني مدافعة عن أهـداف التنمية المستدامة هو شرفٌ عظيم، لأنني، كامرأة تستخدم كرسيا متحركا منذ 17 عاما، أعرف تماما شعور التعرض للتمييز، والاستخفاف، والتشكيك، ثم يُقال لك لاحقا إنت لست جيدة بما فيه الكفاية.
لقد أدركتُ أنه إذا كان لديك الشغف للقيام بالأشياء، فإن الناس يفتحون لك الأبواب ويقبلونك بعزيمتك وشغفك. لطالما فعلتُ هذا. وسأظلُّ صوت المهمشين، ليس لأنهم لا يملكون صوتا، ولكن لأنهم بلا منصة تُمكّنهم من التعبير عنه.
يواجه ذوو الإعاقة حول العالم هذه المشاكل والتحيزات. غالبا ما يهمشون. غالبا ما يُهملون ولا يُسمعون، سواء في الفصول الدراسية، أو في أماكن العمل، أو في الأدوار القيادية، وللأسف، حتى في المنازل. بصفتي مناصرة لأهداف التنمية المستدامة فإن مسؤولية تمثيلهم تقع على عاتقي.
أخبار الأمم المتحدة: ذكرت أن الإدماج حق أساسي من حقوق الإنسان، وليس عملا خيريا. كيف يبدو المجتمع الشامل الجامع حقا برأيك، وما هي العوائق التي لا يزال يتعين تجاوزها؟
منيبة مزاري: يعتقد الكثيرون أن الإدماج يعني التعاطف مع الأشخاص ذوي القدرات المحدودة. علينا أن نفهم أن المجتمع الشامل يجب أن يتحلى بعقلية شاملة خالية من التحيزات والتصنيفات والأحكام. يستحيل بناء مجتمع شامل إذا حكمنا على الناس من خلال مظهرهم. بالنسبة لي، الشمول يعني قبول الناس كما هم بمعتقداتهم واحترامهم وضمان عدم شعور أي شخص بالإهمال.
المجتمع الشامل هو مجتمع لا يُصنّف فيه الناس لمجرد اختلافهم وتميزهم، بل هو مجتمع يشعر فيه الجميع بأنهم مرئيون ومسموعون ومرحب بهم. وآمل أن نحقق هذا الحلم يوما ما.
أخبار الأمم المتحدة: أكدت على أهمية وجود حلفاء من الرجال في النضال من أجل المساواة الجنسانية. ما نوع الدعم الذي تعتقدين أن الرجال يستطيعون تقديمه؟
منيبة مزاري: لا يمكن للرجال النجاح بدون النساء، ولا يمكن للنساء النجاح بدون الرجال. لا يمكننا أن نحارب بعضنا البعض. علينا أن نحارب من أجل بعضنا البعض وأن نعمل معا كفريق واحد.
يعلم ابني أن والدته لا تطبخ، لكنها تعمل طوال اليوم وهي شغوفة بعملها، وتساعد الكثيرين من خلال عملها. إذا أردنا حقا أن نرى الفرق، فعلينا تربية أطفالنا في بيئة شاملة.
عندما نتحدث عن منح المرأة حقوقها، فكأننا نطلب من الرجال أن يعطونا حقوقهم حتى نتمكن من النجاح. وهذا غير صحيح. نحن لا ننتزع حقوقا من الرجال ونمنحها للنساء. القضية هي أن الرجال ليسوا مضطرين للمطالبة بحقوقهم الأساسية. بينما نحن نحتاج إلى دعمهم ليقفوا معنا، ويتخلّوا عن كثير من المفاهيم التي تربّوا عليها، وأن يعيدوا التعلم ويدركوا أن على الرجال والنساء العمل معا للنمو والتفوق.
أخبار الأمم المتحدة: كيف تستخدمين الفن ورواية القصص كأداة للتغيير الاجتماعي؟
منيبة مزاري: التعبير الإبداعي ضروري جدا، خاصة في ظل هذا الكم الهائل من الحزن والظلمة والألم المنتشرين في العالم. للفن قدرة على شفاء الناس وتغييرهم، وهذه أفضل طريقة للتواصل معهم على مستوى إنساني أعمق.
خلال رحلتي الشخصية، كان الفن طوق نجاتي، وملاذي الآمن الذي أستطيع عبره أن أكون على سجيتي وأعبر عن ذاتي. نحن بحاجة إلى مزيد من الفنانين لأن العالم بحاجة إلى مزيد من التعافي.
 
أخبار الأمم المتحدة: ما هي أكبر التحديات التي تواجه تحقيق المساواة الجنسانية في باكستان اليوم، وكيف يمكننا التغلب عليها؟
منيبة مزاري: علينا أن نربي أطفالنا على قدم المساواة. التحيزات متجذرة لدرجة أننا لا نعتبرها تحيزا. الطبخ والتنظيف مهارات حياتية أساسية، وليست أدوارا جنسانية، ولكن إذا قام الرجل بغسل الملابس، فإن الناس يسخرون منه. أخي يفعل ذلك في منزلي. يطبخ متى يشاء، أما أنا فلا أطبخ لأنني لا أرغب بذلك. وابني يرى هذا أمرا طبيعيا تماما.
لقد قمنا بعمل رائع في تربية فتيات قويات، ونعرف كيف نجد الطريق ونأخذ زمام المبادرة. ولكن ماذا عن الفتيان الذين لا يعرفون ماذا يفعلون عندما يرون امرأة ناجحة؟ سيشعرون بالخوف والتهديد.
أعتقد أنه من المهم أن ننشئ رجالا أقوياء. وتعريفي للرجل القوي بسيط للغاية: هو الرجل الذي لا يشعر بالتهديد حين يرى امرأة تنجح أو تتفوق في مسيرتها المهنية.
أخبار الأمم المتحدة: ما هي أكثر الثغرات إلحاحا التي تلمسينها في حقوق ذوي الإعاقة وإتاحة الوصول؟
مونيبا مزاري: عدم القبول وغياب الوصول (فيما يتعلق بالإعاقة).
أتذكر عندما بدأت مسيرتي كفنانة ومذيعة تلفزيونية، قيل لي: “أنت امرأة على كرسي متحرك في باكستان، وستكون الأمور صعبة. ستكونين أول من يفعل كل هذا”. وأتذكر أنني قلتُ لنفسي: قد أكون الأولى، لكنني لن أكون الأخيرة، لأن ما أفعله الآن هو تمهيد الطريق للكثيرين الذين سيأتون من بعدي.
لقد رأيت تغيرا في العقليات؛ لقد كان طريقا طويلا وما زال هناك طريق طويل لنقطعه، ولكن دعونا نبدأ بتقبل الناس كما هم ومنحهم الحق في الخروج وعيش الحياة على أكمل وجه.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : un
 
				


