تحايل إلكتروني جديد يستهدف عاملات منازل بتهديدهن بـ «مخالفة وتحقيق»

لجأ محتالون إلى استخدام مكالمات هاتفية ومرئية تحمل شعارات جهات رسمية وهمية للإيقاع بالعاملات المنزليات، من خلال استغلال خوفهن من الترحيل أو فقدان الإقامة والعمل، لانتزاع بياناتهن الشخصية أو مبالغ مالية بطرق خادعة تجعلهن يعتقدن أنها إجراءات رسمية.
يستغل المحتالون سهولة الوصول إلى تطبيقات الاتصال المرئي وانتشار الهواتف الذكية لابتكار حيل مرئية وصوتية مقنعة تجعل الضحايا يعتقدون أنهم يتعاملون مع جهة رسمية، في حين أن عدم وعي بعض عاملات المنازل بأحدث أساليب الاحتيال الإلكتروني وإيمانهن بأي مظهر رسمي يجعلهن هدفاً سهلاً لهؤلاء المجرمين، مما يسهل عليهم الحصول على المعلومات التي يبحثون عنها أو مبالغ مالية تحت التهديد.
بينما أفاد أصحاب مكاتب استقدام العمالة المنزلية أنهم يتلقون شكاوى متزايدة من عاملات يتلقون مكالمات هاتفية وفيديوهات من أشخاص يدعون أنهم من الشرطة أو الجهات الرسمية، ويطلبون من خلال الاتصال إرسال صور الهوية أو تحديد مكان الإقامة، أو تحويل مبالغ مالية عن طريق التحويلات البنكية، لتسوية «قضية» وهمية. وفي حالات أخرى، يضطر الضحية إلى فتح روابط إلكترونية يرسلها المحتالون، وتستخدم هذه الروابط لسرقة بيانات الهوية والحسابات المصرفية.
من جهتها، قالت الموظفة في مكتب استقدام عاملات منزلية بالفجيرة، منى أحمد، إن بعض العاملات سلمن معلوماتهن وقامن فعلياً بفتح الروابط المرسلة، بعد تلقي مكالمات فيديو مقنعة، أظهر فيها المتصل بطاقة أو وثائق تحمل شعارات رسمية مزيفة، مؤكدة أن الخوف والحواجز اللغوية وعدم الوعي بالإجراءات الرسمية سهلت تنفيذ تلك الخطط.
وأشارت إلى أن معظم العمالة الوافدة حديثاً إلى الدولة ليس لديها الحد الأدنى من المعرفة الفنية أو الوعي بأساليب الاحتيال الحديثة، مما يجعلهم يصدقون بسهولة كل ما يبدو رسمياً أو يتعلق بالجهات الأمنية أو الحكومية، خاصة عند استخدام عبارات مثل: “تحقيق” أو “إجراء قانوني” و”مخالفة الإقامة”، فيتخيلون أن تجاهل المكالمة قد يؤدي إلى ترحيلهم أو معاقبتهم.
وأشارت إلى أن هناك عمالاً يتعاملون مع هذه المكالمات بارتباك شديد، حيث يدخلون في نوبات بكاء أو خوف من فقدان وظائفهم، فيستجيبون فوراً للطلبات المالية أو لفتح الروابط المرسلة إليهم، دون استشارة أصحاب العمل أو العودة إلى المكاتب التي تم استقدامهم من خلالها، ما يمنح المحتالين مساحة أوسع لتنفيذ عملياتهم دون مقاومة أو شك.
إلى ذلك، أكد صاحب مكتب استقدام العمال، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن المحتالين يستغلون العامل النفسي للفئات الضعيفة. تبدأ المكالمة بنبرة رسمية حازمة تجعل الطرف الآخر يشعر بأنه يواجه سلطة حقيقية. ثم ينتقلون تدريجياً إلى مرحلة التهديد أو الإقناع العاطفي، مثل الادعاء بوجود «بلاغ» أو «قضية» تتطلب تسوية فورية لتجنب السجن أو الترحيل.
وأوضح أن المحتالين يستخدمون أساليب متعمدة لإرباك الضحية، مثل مطالبتها بتنفيذ تعليمات عاجلة مثل فتح رابط إلكتروني، أو تصوير جواز السفر عبر الكاميرا، أو تحويل مبلغ مالي، للتأكد من “براءتها”، مضيفًا أن الاستجابة السريعة لهذه التعليمات في الغالب تكون نتيجة الجهل الفني والخوف، وليس عن الإدانة الكاملة.
من جهتها، روت المواطنة أسماء علي الحمادي، أنها لاحظت انزعاجاً شديداً لدى عاملتها المنزلية بعد تلقيها اتصالاً بالفيديو من شخص يرتدي زي الشرطة، ويتحدث معها بلغة إنجليزية غير صحيحة، ويطلب منها إرسال نسخة من جواز سفرها «للتحقق من صحة الإقامة»، مشيرة إلى أن العاملة كانت على وشك تنفيذ التعليمات لولا تدخل الأسرة في اللحظة الأخيرة.
وقالت إن المتصل استخدم خلفية تحمل شعار الشرطة، وظهر اسم “الشرطة” على شاشة الاتصال بشكل مزيف، فيما كان نص الرسائل المرسلة من نفس الرقم مصحوبا بكلمة “شرطة”، مما جعل العامل يعتقد أن المكالمة قادمة فعلا من جهة أمنية رسمية.
وقالت المقيمة في أكادير عبد الله إن عاملتها تلقت مكالمة مماثلة، أبلغها فيها المتصل بوجود “بلاغ من صاحب عملها السابق”، وأنها مهددة بالترحيل خلال 24 ساعة إذا لم تستجب. وأوضحت أن العاملة أصيبت بالهلع، خوفاً من فقدان إقامتها، قبل أن يتبين أن الرقم دولي والمكالمة احتيالية بالكامل.
من جانبها، قالت كارمن (عاملة منزلية من جنسية آسيوية) إنها تلقت اتصالاً هاتفياً من رجل أبلغها أنه من جهة رسمية، وطلب منها تحويل مبلغ 500 درهم فوراً، تجنباً لـ«مخالفة قانونية»، مضيفة أنها سارعت إلى إبلاغ كفيلها لمساعدتها في عملية التحويل، إلا أن الأخير حذرها من أن ما تتعرض له هو محاولة احتيال إلكتروني، وأخبرها بعدم الرد أو مشاركة أي بيانات مع المتصل.
وأشارت كارمن إلى أن المتصل استمر في إرسال رسائل تهديد، يطالب فيها بمبالغ مالية لتسوية “القضية المزعومة” عبر أرقام مختلفة، ما أثار خوفها ودفعها في النهاية إلى إبلاغ مكتب الاستقدام، لاتخاذ الإجراء اللازم، فيما كان تغيير رقم هاتفها هو الحل الأمثل.
أفاد المواطن عبدالله محمد الشامسي، أن عاملته المنزلية تلقت مكالمة فيديو ادعى خلالها المتصل أنه ضابط شرطة، وطلب منها تحويل مبلغ 1000 درهم لتسوية “بلاغ مزعوم”. كما طلب منها فتح الرابط الذي أرسله عبر الرسالة لحفظ “وثيقة تأكيد الهوية”. واتضح فيما بعد أن الرابط كان بمثابة بوابة لسرقة بياناتها.
إلى ذلك، أكدت المستشارة القانونية أساور المنصوري أن القانون الاتحادي رقم (34) لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية يجرم انتحال الشخصية والاحتيال الإلكتروني، مشيرة إلى أن المادة (40) تفرض عقوبات بالسجن وغرامات مالية قد تصل إلى مليون درهم على من يستولي بطريق الاحتيال على أموال أو بيانات الغير عبر شبكات المعلومات.
من جانبها، دعت القيادة العامة لشرطة الفجيرة أفراد المجتمع إلى الحذر من مكالمات الفيديو والروابط المشبوهة، مؤكدة أن الجهات الأمنية لا تطلب أموالاً أو بيانات بنكية عبر الهاتف أو الرسائل، وأن التحقق من هوية المتصل عبر قنوات الاتصال الرسمية هو السلوك الصحيح. كما دعت إلى الإبلاغ الفوري عن أي محاولات احتيال عبر المنصات الرسمية.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر




