الأمم المتحدة تحيي صمود الشعب السوري وشجاعته وتؤكد التزامها بالعمل لإنجاح الانتقال

الأمم المتحدة تحيي صمود الشعب السوري وشجاعته وتؤكد التزامها بالعمل لإنجاح الانتقال
أنطونيو غوتيريش قال – في بيان أصدره مساء الأحد – إن ما ينتظر سوريا يتجاوز بكثير مجرد انتقال سياسي، “فهو فرصة لإعادة بناء المجتمعات المدمرة ومداواة الانقسامات العميقة ولَبناء وطن يستطيع فيه كل سوري بصرف النظر عن العرق أو الدين أو الجنس أو الانتماء السياسي أن يعيش بأمن ومساواة وكرامة”.
وأكد التزام الأمم المتحدة الكامل بالعمل مع السوريين لإنجاح هذا الانتقال، قائلا إن “التحديات كبيرة لكنها ليست مستعصية. وقد أظهر العام الماضي أن التغيير الحقيقي ممكن عندما يتم تمكين السوريين ودعمهم لقيادة الانتقال بأنفسهم”.
وأشار الأمين العام إلى أن المجتمعات في مختلف أنحاء سوريا تعمل اليوم بفعالية على تشكيل المؤسسات والهياكل الحاكمة التي ستحدد مستقبلهم، وتواصل النساء السوريات قيادة المسيرة من أجل الحصول على حقوقهن وتحقيق العدالة والمساواة.
دعوة إلى المجتمع الدولي
وبينما لا تزال الاحتياجات الإنسانية في البلاد هائلة، أشار الأمين العام إلى إحراز تقدم في استعادة الخدمات الأساسية وتوسيع نطاق الوصول الإنساني وخلق سبل لعودة اللاجئين والنازحين. كما تبذل جهود لإنشاء آليات للعدالة الانتقالية بينما سيسهم توسيع المشاركة المدنية في وضع أسس لسوريا شاملة للجميع وخاضعة للمساءلة.
ودعا أنطونيو غوتيريش المجتمع الدولي إلى ضرورة الوقوف بقوة خلف هذا الانتقال بقيادة وملكية سورية وذلك من خلال ضمان احترام سيادة سوريا وإزالة العوائق أمام إعادة الإعمار وتمويل النداءات الإنسانية وتعزيز التنمية الاقتصادية وضمان أن يحقق الانتقال فوائد ملموسة للسوريين على الأرض.
واختتم بيانه بالقول: “في هذه الذكرى نقف متحدين في الهدف من أجل بناء أسس السلام والازدهار وتجديد التزامنا بسوريا حرة ذات سيادة موحدة وشاملة للجميع”.
سقوط نظام الأسد فتح المجال أمام جهود تحقيق العدالة
رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الخطيرة في سوريا، روبرت بيتي قال إن سقوط نظام الأسد فتح المجال أمام جهود تحقيق العدالة التي طالما واجهت العراقيل، مبينا أن الآلية كثفت خلال العام الماضي الجهود لحفظ المعلومات وتعزيزها وتحليلها، وهي معلومات أساسية للإجراءات الجارية والمستقبلية، “ونواصل مستودعنا المركزي للمعلومات وأدلة النمو مما يعزز الأساس اللازم لدفع مسار المساءلة الشاملة قدما”.
وتابع قائلا: “منذ بدء عملنا، دعمنا 255 تحقيقا وتلقّينا أكثر من 530 طلب مساعدة من جهات قضائية حول العالم”.
تطور مهم يستحق الترحيب
ووصف روبرت بيتي إنشاء اللجان الوطنية السورية للعدالة الانتقالية والمفقودين هذا العام بأنه تطور مهم وجدي يستحق الترحيب؛ “على الرغم من أن العديد من الأسئلة الحاسمة لا تزال قائمة حول شكل ونطاق العدالة الانتقالية في سوريا”.
وأشار بيتي إلى العديد من التحديات التي تواجه سوريا، بما فيها بناء ثقة الشعب السوري من خلال استجابات عادلة وفعّالة للجرائم المرتكبة منذ 8 كانون الأول/ديسمبر. ومع ذلك، أكد أن “الفرص المتاحة أمامنا اليوم لم تكن موجودة قبل عام، وتحويل هذه الفرص إلى نتائج ملموسة سيتطلب التزاما مستمرا وثابتا من جميع الفاعلين، السوريين والدوليين على حد سواء”.
مهمة شاقة تتطلب دعما وصبرا
أما لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا فقد هنأت الشعب السوري على الخطوات العديدة التي اتُخذت لمعالجة الجرائم والانتهاكات والاعتداءات التي ارتُكبت خلال العقود الماضية، بما فيها إنشاء هيئات وطنية معنية بالعدالة الانتقالية والمفقودين.
اللجنة وصفت المرحلة الانتقالية في سوريا بأنها “هشة”. ففي وقت يحتفل الكثيرون في أنحاء البلاد بهذه الذكرى، “يخشى آخرون على أمنهم حاليا، وسيضطر الكثيرون إلى النوم في الخيام مرة أخرى هذا الشتاء. كما لا يزال المصير المجهول لآلاف الأشخاص الذين اختفوا قسرا جرحا مفتوحا. وسيتطلب تجاوز الإرث المروع نتيجة 14 عاما من الحرب والدمار الهائل، إلى جانب معالجة العنف الذي أعقب 8 كانون الأول/ديسمبر، الكثير من القوة والدعم والصبر”، وفقا بيان أصدرته اللجنة اليوم الأحد.
وفي هذا السياق، ذكّرت اللجنة بشعور الأمل والتفاؤل بمستقبل جديد في كانون الأول/ديسمبر 2024، وناشدت جميع السوريين والمجتمع الدولي العمل معا لمواجهة هذه التحديات بشكل مباشر.
عودة أكثر من ثلاثة ملايين سوري
مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أفادت بعودة أكثر من ثلاثة ملايين سوري إلى ديارهم حتى الآن في أعقاب سقوط نظام الأسد، الذي فتح “نافذة أمل استثنائية للسلام والاستقرار في سوريا”، إلا أنها أكدت الحاجة الماسة لدعم دولي أكبر للحفاظ على هذا التوجه وضمان الاستقرار.
من بين العائدين أكثر من 1.2 مليون سوري عادوا طواعية من الدول المجاورة، وأكثر من 1.9 مليون نازح داخلي عادوا إلى مناطقهم الأصلية منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي، وقد أعرب كثيرون آخرون عن رغبتهم في العودة، وفقا للمفوضية.
ووصف المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي هذه العودة بأنها “فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في الجيل للمساعدة في إنهاء واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ولكن بدون دعم عالمي عاجل، ستغلق نافذة الأمل هذه”.
وأضاف: “السوريون مستعدون لإعادة البناء – والسؤال هو ما إذا كان العالم على استعداد لمساعدتهم على القيام بذلك”.
عودة كريمة ومستدامة
وقالت المفوضية إنها بدأت في تسهيل العودة الطوعية من الدول المجاورة لضمان أن تكون العودة كريمة ومستدامة. فمن لبنان وحده، قدمت الوكالة المشورة ونماذج العودة ومنحا نقدية للعودة إلى 45 ألف شخص. وقالت إنها أوقفت دعم اللاجئين لحوالي 379 ألف سوري في البلاد اعتبارا من نهاية كانون الثاني/نوفمبر بناء على عودتهم المؤكدة أو المفترضة.
لكن المفوضية شددت على أنه لا ينبغي إجبار اللاجئين على العودة، مشيرة إلى أن الوضع الأمني داخل سوريا لا يزال متقلبا في بعض المناطق، ولا تزال البلاد يواجه تحديات هائلة بعد أن دمرتها 14 عاما من الحرب. كما يفتقر العديد من العائدين إلى الوثائق المدنية، مما يعيق حصولهم على حقوق الملكية والخدمات الأساسية.
وقالت مفوضية اللاجئين إنها تعمل على تحسين الظروف للعائدين، بما في ذلك من خلال الدعم النقدي والنقل وإعادة تأهيل المنازل المتضررة وتوفير مواد الإغاثة، فضلا عن المساعدة القانونية والمساعدة في تلبية احتياجات التوثيق المدني.
الدعم الدولي ومسؤولية الحكومة
وعلى الرغم من هذه الجهود، إلا أن نداء الأمم المتحدة لعام 2025 بشأن الوضع في سوريا – والذي تبلغ قيمته 1.5 مليار دولار – ممول بنسبة 33% فقط، مما يترك ملايين الأشخاص بدون مأوى مناسب وخدمات أساسية ودعم لمواجهة فصل الشتاء القادم.
وذكّرت مفوضية اللاجئين بأن ما يقرب من 4.5 مليون لاجئ سوري لا يزالون في البلدان المجاورة، يعيش معظمهم تحت خط الفقر، وأكدت ضرورة دعمهم ودعم البلدان المضيفة لهم.
وحثت المفوضية على زيادة التمويل لتوسيع نطاق التعافي وإعادة الإعمار، وتوسيع برامج التدريب، وضمان استمرار الحماية والمساعدات الإنسانية، مع دعم البلدان التي لا تزال تستضيف ملايين السوريين. وقالت: “هذا من شأنه أن يحافظ على الاستقرار ويمنع عمليات العودة غير الآمنة وغير المستدامة”.
كما أشارت المفوضية إلى أن الحكومة السورية تتحمل المسؤولية الأساسية “لخلق بيئة آمنة وقائمة على الحقوق تدعم العودة الطوعية”، مضيفة: “في سوريا الجديدة هذه، يجب ألا نشهد سوى عودة طوعية، وليس عمليات نزوح جديدة”.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : un




