زئير «الأسود» وبريق «النحاس» وإرث «الفراعنة».. صراع الهويات في كأس إفريقيا

تشكل ألقاب المنتخبات الـ24 المشاركة في بطولة كأس الأمم الإفريقية 2025 بالمغرب مرآة تعكس التنوع الثقافي والجغرافي للقارة الإفريقية. وفي أفريقيا، لا ينظر إلى لقب المنتخب الوطني على أنه مجرد اسم مشجع، بل هو إعلان للهوية الوطنية، وارتباط وثيق بين التاريخ القديم والموارد الطبيعية والقيم المجتمعية التي تميز كل شعب عن غيره.
سلط الموقع الرسمي للجنة الأولمبية الدولية الضوء على الألقاب التي اشتهرت بها المنتخبات المشاركة في كأس الأمم الإفريقية، والتي شهدت هيمنة ساحقة لرموز الغابة والقوة البدنية، حيث تهيمن الكائنات البرية على ألقاب 18 فريقا في البطولة، وهو اتجاه يعكس الارتباط الوثيق بالبيئة الطبيعية، ويأتي “الأسود” في مقدمة هذه الرموز، إذ يطلق على الفريق المغربي اسم “أسود الأطلس” نسبة إلى سلالة الأسود التي كانت تسكن البلاد. جبال الأطلس، بينما يحمل منتخب الكاميرون لقب “الأسود المجهولة”. “تامر”، وهو الاسم الذي تم اعتماده رسميًا مطلع السبعينيات بقرار رئاسي لتعزيز الروح القتالية. وفي السنغال، يبرز لقب “أسود التيرانجا”، حيث تجمع الكلمة بين القوة والقيمة الاجتماعية للضيافة (تيرانجا) في لغة “الولوف” المحلية.
ولا تقتصر الرموز على الحيوانات المفترسة فقط، بل تمتد لتشمل “الأفيال” في كوت ديفوار، وهو لقب مستمد من تجارة العاج التاريخية التي ميزت البلاد، و”النسور” التي تحلق في سماء تونس (نسور قرطاج) ومالي ونيجيريا.
تم تغيير اسم المنتخب النيجيري من “النسور الخضراء” إلى “النسور الممتازة” بعد حصوله على المركز الثاني في نسخة 1988 من البطولة القارية، رغبة رسمية في إضفاء جو من التفوق والسيادة على أداء الفريق.
تبرز بعض العناوين كوثائق جغرافية ومعدنية. يُعرف المنتخب الزامبي باسم “الرصاص النحاسي”، وهو لقب يشير مباشرة إلى المورد الاقتصادي الأساسي للبلاد، حيث تعد زامبيا واحدة من أكبر منتجي النحاس في العالم.
وفي تنزانيا، يبرز لقب “نجوم الطائفة”، حيث أن كلمة “طائفة” باللغة السواحيلية تعني “الأمة”، مما يربط الفريق بشكل مباشر بالوحدة الوطنية.
أما السودان، فيشتق لقبه “تمساح النيل” من النهر الذي يمثل شريان الحياة للبلاد، بينما تبرز جزر القمر بلقبها “سيلاكانث”، وهو نوع نادر من الأسماك يعتقد أنه انقرضت منذ ملايين السنين قبل اكتشافها في مياه الأرخبيل، مما يعكس الطبيعة البحرية المميزة للبلاد.
ترتبط العناوين الأخرى بالجذور الثقافية. ويمثل لقب «الفراعنة» للمنتخب المصري أقوى ارتباط بالحضارة المصرية القديمة، فيما يستذكر المنتخب التونسي إرث إمبراطورية «قرطاج» التي كانت مركز قوة في البحر الأبيض المتوسط. وفي زيمبابوي، يعكس لقب “المحاربون” روح المقاومة التاريخية للسكان الأصليين.
بينما قرر منتخب بنين عام 2022 التخلي عن لقب “السناجب” بعد عقود من استخدامه، والتحول إلى “الفهود”، في خطوة تهدف إلى تغيير الصورة الذهنية للمنتخب من حيوان صغير إلى حيوان مفترس مخيف، سعيا لتحسين النتائج الفنية. كذلك، تبرز القيمة القانونية والتجارية للألقاب في حالة جنوب أفريقيا، حيث اضطر الاتحاد المحلي إلى الدخول في نزاعات قانونية طويلة ودفع مبالغ ضخمة من المال لضمان ملكية لقب “بافانا بافانا” (الأولاد)، بعد أن تم تغيير الاسم من جماهير تهتف بعد انتهاء الفصل العنصري إلى علامة تجارية بملايين الدولارات.
هذه الألقاب في كأس الأمم الأفريقية 2025 لا تؤدي وظيفة رياضية فحسب، بل هي بمثابة جسر ثقافي يربط المشجع العالمي بالقصص المنسية والخلفيات العميقة لكل بلد، مما يجعل كل مباراة بمثابة صراع بين الهويات التاريخية والطبيعية التي تتجاوز حدود المستطيل الأخضر.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر




