“سقوط الهيمنة وصعود الأقطاب: كيف غيرت توسعات ‘بريكس’ موازين القوى وهزت عرش الدولار في 2025؟”
الدولار في مهب الريح

كتبت : منى حمدان
بينما نودع عام 2025، يبدو أن خارطة القوى الاقتصادية في العالم قد أعيد رسمها بالكامل.
لم يعد مصطلح “تعدد الأقطاب” مجرد نظرية سياسية، بل أصبح واقعاً رقمياً تترجمه لغة الأرقام في البنوك المركزية من “ريو دي جانيرو” إلى “بكين”.
بعد مرور عام كامل على التوسع التاريخي لمجموعة بريكس (BRICS+)، نقدم لكم هذا التقرير الصحفي المعمق حول الزلزال الاقتصادي الذي هز عرش “مجموعة السبع” وأعاد تشكيل مستقبل الدولار.
زلزال الأرقام: “بريكس” تلتهم حصة الأسد من الناتج العالمي
شهد عام 2025 تحولاً جذرياً في موازين القوى؛ حيث أكدت تقارير صندوق النقد الدولي (IMF) أن دول مجموعة بريكس باتت تسيطر على أكثر من 40% من الاقتصاد العالمي (بناءً على تعادل القوة الشرائية PPP)، متجاوزة بذلك “مجموعة السبع” (G7) التي تراجعت حصتها إلى قرابة 28%.

الفجوة في معدلات النمو:
مجموعة بريكس: سجلت متوسط نمو بلغ 3.4% في 2025، مدفوعة بنمو هائل في الهند (6.2%) وإثيوبيا (6.6%).
مجموعة السبع: كافحت للحفاظ على وتيرة نمو هادئة لم تتجاوز في المتوسط 1.2%، مع معاناة بعض الاقتصادات الأوروبية من الركود التقني.
عرش الدولار يهتز: هل بدأ عصر “إلغاء الهيمنة”؟
كان السؤال الأبرز في 2025 هو: “إلى أي مدى تأثر الدولار؟”.
الحقيقة أن الدولار لم يسقط، لكنه لم يعد اللاعب الوحيد في الملعب.
نظام “بريكس باي” (BRICS Pay):
أطلق التكتل رسمياً منصة تسوية قائمة على تقنية “البلوك تشين”، مما سمح للدول الأعضاء (بما فيها المنضمون الجدد كالسعودية والإمارات ومصر) بإتمام صفقات الطاقة والتجارة البينية بالعملات المحلية.
أرقام صادمة عن العملة الخضراء:
تجارة الطاقة: لأول مرة، تمت تسوية أكثر من 20% من صفقات النفط العالمية بعيداً عن الدولار.
احتياطيات الذهب: رفعت دول بريكس حصة الذهب في احتياطياتها من 6% في 2022 إلى نحو 13% بنهاية 2025، كدرع واقي ضد تقلبات العملة الأمريكية والسياسات الجمركية المتشددة.
التوسع الاستراتيجي 2025: عندما تجتمع الطاقة مع التكنولوجيا
لم يكن انضمام دول مثل إندونيسيا والجزائر ونيجيريا (كدولة شريك) مجرد زيادة عددية، بل كان “ضربة ” جيوسياسية.
“نحن لا نبني جداراً ضد الغرب، بل نبني جسراً لجنوب عالمي أكثر عدلاً” – من مخرجات قمة ريو دي جانيرو 2025.
بفضل هذا التوسع، أصبح التكتل يسيطر على:
- 50% من إنتاج النفط والغاز العالمي.
- أكثر من 45% من سكان كوكب الأرض.
- سلاسل إمداد المعادن النادرة الضرورية لصناعات الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة.
المواجهة الصامتة: كيف ردت “مجموعة السبع”؟
لم تقف واشنطن وحلفاؤها مكتوفي الأيدي؛ ففي عام 2025، شهدنا “حروباً جمركية” استباقية.
لوح الجانب الأمريكي بفرض رسوم تصل إلى 100% على الدول التي تحاول الالتفاف على الدولار بشكل كامل، مما خلق حالة من التوازن القلق في الأسواق العالمية.
خلاصة التقرير: عالم بقطبين ومصير واحد
بحلول نهاية 2025، أصبح المشهد الاقتصادي يتسم بـ “المنافسة التعاونية”. فرغم رغبة بريكس في الاستقلال المالي، إلا أن التداخل التجاري مع الغرب يمنع الانهيار الكامل للنظام القديم.
نحن نعيش الآن في عصر “النظام الموازي”، حيث يوجد دولار قوي للاحتياطيات الدولية، ويوان وروبل وريال وعملات رقمية للتجارة الإقليمية.
إن صعود بريكس ليس نهاية العولمة، بل هو بداية “عولمة أكثر إنصافاً” تمنح الدول النامية صوتاً لم تكن تملكه منذ عقود.



