تقارير

خلال مؤتمر دولي: الأمم المتحدة وتركمانستان يدعمان 570 مليون شخص في الدول غير الساحلية

 

بقلم الدكتور/ عبد الرحيم إبراهيم عبد الواحد

أفازا – عشق آباد “تركمانستان”– في حدث تاريخي يعكس الدور الريادي المتصاعد لتركمانستان في القضايا الدولية والتنمية المستدامة، تستضيف منطقة أفازا السياحية في تركمانستان المؤتمر الثالث للأمم المتحدة المعني بالدول النامية غير الساحلية (LLDCs)، والذي يُعقد تحت شعار “الابتكار والتعاون والتنمية من أجل مستقبل مشترك”.

ويجمع هذا المؤتمر الدولي رفيع المستوى، الذي تنظمه الأمم المتحدة بالتعاون مع حكومة تركمانستان، قادة الدول غير الساحلية، ورؤساء حكومات، وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية، وخبراء التنمية، وشركاء القطاع الخاص، وذلك لمناقشة التحديات التي تواجه هذه الدول في مجالات النقل، التجارة، التغير المناخي، والتكامل الإقليمي.

وتعني مبادرة استضافة هذا المنتدى التمثيلي واسع النطاق تعني التنفيذ المتسق للسياسة البناءة، التي نُفذت بقيادة الرئيس سردار بردي محمدوف والزعيم الوطني للشعب التركماني قربان قولي بردي محمدوف، والتي تهدف إلى دعم التعاون الدولي من أجل التنمية المستدامة، وخلق مستقبل عادل ومزدهر للجميع.

تركمانستان… منبر للحوار وشريك في التنمية

اختيار تركمانستان لاستضافة هذا الحدث العالمي الهام لم يكن من قبيل المصادفة، بل يُعد اعترافًا دوليًا بالدور البناء والدبلوماسي النشط الذي تلعبه عشق آباد في تعزيز مبادئ التعاون الإقليمي والشراكة العالمية، خصوصًا في سياق تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.

ومن جانبه، أكّد رئيس تركمانستان، سردار بردي محمدوف، التزام بلاده التام بدعم أجندة الأمم المتحدة وتعزيز مكانة الدول غير الساحلية على الخارطة الاقتصادية العالمية، وشدّد على أن هذا المؤتمر يشكل فرصة استراتيجية لتبادل الخبرات وتعزيز آليات الدعم المتعدد الأطراف بما يمكّن الدول غير الساحلية من التغلب على التحديات الجغرافية واللوجستية التي تعوق تقدمها.

تعزيز الاتصال الإقليمي وتيسير التجارة العابرة

تركّز المناقشات ضمن أعمال المؤتمر على سبل تعزيز البنية التحتية للنقل والربط الإقليمي، وتطوير ممرات تجارية مستدامة وآمنة تمكّن الدول غير الساحلية من الوصول إلى الأسواق العالمية. وتم طرح نماذج لمشاريع استراتيجية للنقل العابر والموانئ الجافة، إلى جانب دعوات لتطوير شراكات مبتكرة بين الحكومات والقطاع الخاص.

وقد تم تسليط الضوء على تجربة تركمانستان في هذا المجال، حيث بادرت بتنفيذ عدد من المشاريع الإقليمية مثل خط السكك الحديدية العابر بين آسيا الوسطى وإيران، وممر “لازوردي” الذي يربط آسيا بأوروبا، ما يجعلها مثالًا يُحتذى به في ربط الدول غير الساحلية بشبكة التجارة العالمية.

قضية المناخ في صلب النقاشات

لم تغب قضايا المناخ والبيئة عن جدول أعمال المؤتمر، إذ تواجه الدول النامية غير الساحلية تحديات مضاعفة نتيجة التغيرات المناخية، مثل التصحر، ندرة المياه، وضعف التنوع البيولوجي. ودعا المشاركون إلى تعزيز التمويل المناخي وتبني استراتيجيات وطنية للتكيّف، إلى جانب دعم المبادرات الإقليمية التي تجمع بين الاستدامة البيئية والتنمية الاقتصادية.

الأمم المتحدة تشيد بدور تركمانستان

من جهته، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالة مسجلة، بالجهود التي تبذلها تركمانستان في دعم التعاون الدولي، مؤكدًا أن المؤتمر يمثل نقطة تحول مهمة في مسار تحقيق “برنامج عمل فيينا” والدفع باتجاه جدول تنمية مستدامة أكثر شمولًا وإنصافًا للدول النامية غير الساحلية.

كما أشارت رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن تمكين هذه الدول اقتصاديًا يتطلب توافر بنية تحتية ذكية، وبيئة قانونية منفتحة، وتعاون إقليمي مبني على الثقة والربح المتبادل.

نتائج وتوصيات مرتقبة

من المتوقع أن يصدر عن المؤتمر إعلان عشق آباد، الذي سيتضمن خارطة طريق مشتركة للفترة المقبلة، تشمل التزامات طوعية للدول المشاركة، وتوصيات عملية لتيسير التجارة، دعم الاستثمارات، تعزيز القدرات المؤسسية، وتحقيق التكامل بين خطط التنمية الوطنية والإقليمية والدولية.

كما سيتم رفع نتائج المؤتمر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، باعتبارها مرجعية لصياغة السياسات المستقبلية الخاصة بالدول النامية غير الساحلية.

ثقافة تركمانستان الحاضرة في المشهد الدولي

وعلى هامش المؤتمر، نُظمت فعاليات ثقافية تعكس الهوية التركمانية الغنية، من عروض فنية تراثية إلى معارض حول التاريخ والابتكار والتنمية. وقد أضفت هذه الفعاليات بعدًا إنسانيًا وثقافيًا على الحدث، وشكّلت فرصة لتبادل القيم الحضارية وتعزيز الدبلوماسية الثقافية.

هذا الحدث يشكل أهمية عالمية يرتبط بالتغييرات التي طرأت على حياة أكثر من 570 مليون شخص يعيشون في 32 دولة موزعة على قارات مختلفة، ساعيا إلى حل مشاكلهم الخاصة، والمتمثلة في التغلب على عزلتهم الجغرافية، وتوسيع فرص الوصول إلى الاستثمار، وأسواق التجارة العالمية، والاندماج في الاقتصاد العالمي، ارتباطًا وثيقًا بتحقيق أهداف التنمية المستدامة المشتركة للبشرية جمعاء.

وكان مؤتمر الأمم المتحدة الأول المعني بالبلدان النامية غير الساحلية عُقد في ألماتي، كازاخستان، في أغسطس/آب 2003، وكان موضوعه الرئيسي تلبية الاحتياجات الخاصة للبلدان النامية غير الساحلية ضمن إطار عالمي جديد للتعاون في مجال النقل العابر بين البلدان النامية غير الساحلية وبلدان النقل العابر النامية.

 

في 11 أبريل/نيسان 2025، وخلال الجلسة العامة الثالثة والستين للدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، اعتُمد بالإجماع قرار “معلومات إضافية حول آليات مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالبلدان النامية غير الساحلية”، الذي ينص على عقده في أغسطس/آب من هذا العام في تركمانستان بمنطقة “أفازا” السياحية الوطنية، حيث مثّل هذا القرار تأكيدًا آخر على الشراكة الاستراتيجية بين الأمم المتحدة وتركمانستان، واعترافًا بمكانتها الدولية، ومشاركتها الفاعلة في الشؤون العالمية.

 

جدول الأعمال

وسيتضمن المؤتمر منتدى برلمانيًا بمشاركة قادة البلدان النامية غير الساحلية ورؤساء برلماناتها، ليتمكنوا لاحقًا من قيادة عمليات تنفيذ القرارات وأن يصبحوا القوة الدافعة لها. يهدف المنتدى إلى تطوير حوار للنهوض ببرنامج العمل. وبناءً على نتائجه، من المتوقع اعتماد وثيقة لتعزيز التنمية المستدامة في البلدان النامية غير الساحلية خلال العقد المقبل.

وينص مشروع برنامج المؤتمر الثالث للبلدان النامية غير الساحلية، الذي نشرته الأمم المتحدة، على فعاليات ما قبل الافتتاح. ومن المقرر على وجه الخصوص افتتاح منتدى المجتمع المدني، ومنتديات الشباب والبرلمان، في الرابع من أغسطس. ومن المقرر أيضًا انعقاد منتدى القطاع الخاص والحوار بين الأجيال في الخامس من أغسطس. كما ستُعقد على هامش المؤتمر اجتماعات للقيادات النسائية وفعاليات موازية أخرى.

وسيتضمن المؤتمر العديد من الفعاليات ذات الطابع السياسي والدبلوماسي والتجاري والاقتصادي والثقافي والإنساني. ستغطي الفعاليات القادمة سبع مجالات رئيسية، ومنتديات رفيعة المستوى، وفعاليات ذات صلة تُنظمها الدول المشاركة في المؤتمر، والمنظمات والمؤسسات الدولية، بالإضافة إلى الجانب التركماني.

ومن بين هذه الفعاليات، منها مُخصصة للنقل البري والاتصالات، والسنة الدولية للسلام والثقة، وسياسات الشباب، والطاقة المستدامة، والاقتصاد الدائري؛ ومعارض؛ والأيام الوطنية لدول آسيا الوسطى، بالإضافة إلى حفل موسيقي لشخصيات ثقافية وفنانين.

 

بصمات الزعيم الوطني للشعب التركماني

وفي معرض حديثه عن أهمية المؤتمر القادم، أشار الزعيم الوطني للشعب التركماني إلى ضرورة اتباع نهج متكامل في جميع مراحل العمل التحضيري، خلال اجتماع العمل الذي عقده في اليوم نفسه رئيس هيئة المصالحة قربانقولي بردي محمدوف، إلى أن الوزارات والهيئات الصناعية في البلاد تُجري حاليًا أعمالًا ذات صلة في إطار التحضير لهذا الحدث الدولي الكبير. وتطرق الاجتماع إلى قضايا تحسين أراضي المنطقة السياحية الوطنية “أفازا”، وتهيئة الظروف المناسبة في الفنادق لتقديم خدمات عالية الجودة للضيوف الأجانب، بما في ذلك الخدمات الطبية والتجارية.

وقال الزعيم الوطني:” إنه لشرف عظيم لبلدنا أن يستضيف ممثلين عن عشرات الدول والشعوب على أرض وطننا الأم ذي السيادة، إن وفد حق استضافة مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالبلدان النامية غير الساحلية إلى تركمانستان هو نتيجة التنفيذ المتواصل للسياسة الخارجية المحبة للسلام والمحايدة والبناءة التي وضعها البطل أركاداغ في عصر نهضة العصر الجديد للدولة القوية بقيادة الرئيس سردار بردي محمدوف”.

 

https://vt.tiktok.com/ZSSfhBfts/

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى