الرئيس الكازاخي يطلق أجندة إصلاحية شملت 20 مهمة للتحول الرقمي والتحديث طويل الأمد

بقلم الدكتور/ عبد الرحيم إبراهيم عبد الواحد
أستانا – في خطاب شامل بعنوان “كازاخستان في عصر الذكاء الاصطناعي: المهام الأساسية وحلولها عبر التحول الرقمي”، قدم الرئيس قاسم جومارت توكاييف رؤية استراتيجية بعيدة المدى لمستقبل كازاخستان. تضمنت خطته إنشاء وزارة جديدة للذكاء الاصطناعي والتنمية الرقمية، وإصلاحات اقتصادية واسعة، وتحولات جذرية في الاستثمار والطاقة والبنية التحتية، إلى جانب إصلاحات سياسية عميقة تشمل التوجه نحو برلمان أحادي الغرفة. هذا الخطاب يمثل خارطة طريق وطنية تضع كازاخستان في موقع ريادي عالمي في عصر التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
وقد أعلن توكاييف عن 20 مهمة رئيسية وأجندة إصلاحية واسعة النطاق تضع كازاخستان في طليعة التحول الرقمي والتحديث طويل الأمد. تحت شعار «كازاخستان في عصر الذكاء الاصطناعي: المهام الأساسية وحلولها عبر التحول الرقمي»، أعلن الرئيس عن إنشاء وزارة الذكاء الاصطناعي والتنمية الرقمية، وتأسيس صندوق الدولة للأصول الرقمية، وقانون مصرفي جديد لتطوير التكنولوجيا المالية وتحرير الأصول الرقمية.
كما استعرض الرئيس خططًا لإعادة هيكلة جذرية لنظام الاستثمار، وإدخال مؤشر الجاذبية الاستثمارية الإقليمي، وتحويل كازاخستان إلى المركز الجوي الرائد في أوراسيا من خلال تحديثات كبرى في النقل واللوجستيات.
سياسيًا، اقترح توكاييف إجراء استفتاء وطني عام 2027 للانتقال نحو برلمان أحادي الغرفة، في خطوة تُعد تحولًا دستوريًا تاريخيًا. وعلى صعيد الطاقة، أكد إطلاق أول محطة نووية في كازاخستان إلى جانب أهداف طموحة في الطاقة المتجددة، كما أعلن عن تأسيس مدينة ألاطاو كمركز ابتكار رقمي متكامل.
وأكد الرئيس أيضًا أهمية تنويع الاقتصاد في قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة، وتنفيذ إصلاحات تعليمية وصحية يقودها الذكاء الاصطناعي، وتعزيز سياسة خارجية متوازنة، إلى جانب التشديد على سيادة القانون، والسياسات الاجتماعية، وحماية البيئة، وذلك في إطار خطة وطنية شاملة تضمن صمود كازاخستان وريادتها في عصر الذكاء الاصطناعي.
20 مهمة رئيسية
وتضمنت المهام الرئيسية في خطاب الرئيس:التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، سياسة الاستثمار والتحديث الاقتصادي، تطوير ممرات النقل والعبور، سياسة خارجية متوازنة وإصلاح الأمم المتحدة، الإصلاح البرلماني، التحول في قطاع الطاقة، بما يشمل الطاقة النووية والفحم النظيف، الاستقرار الاقتصادي الكلي والقطاع المالي، مدينة ألاطاو كمركز ابتكار جديد، تنويع الصناعة والإنتاج، الاستكشاف الجيولوجي وتحديث بيانات الثروات الباطنية، الزراعة والأمن الغذائي، إصلاح قطاع السياحة، البنية التحتية والمرافق والمدن الذكية والشراكات بين القطاعين العام والخاص، الأمن المائي وحماية البيئة، نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، رفع القيود المفرطة وتعزيز الذكاء التنظيمي، تنمية رأس المال البشري والتعليم ومهارات الذكاء الاصطناعي، تحديث الرعاية الصحية، الثقافة والرياضة، السياسة الاجتماعية والديموغرافيا، وسيادة القانون والثقافة المدنية والوحدة الوطنية.
ودعا الرئيس إلى الإسراع في اعتماد «مدونة رقمية شاملة» تغطي الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة واقتصاد المنصات، موجهاً الحكومة إلى ضمان دمج الذكاء الاصطناعي في جميع قطاعات الاقتصاد.
إلى جانب التحول الرقمي، ركز الرئيس على الاستثمار والتحديث الاقتصادي، داعيًا إلى تجديد منظومة جذب الاستثمارات، مشيرًا إلى أن البيروقراطية المفرطة أضعفت الكفاءة. وقال: «جذب الاستثمارات أولوية تتطلب مقاربات جديدة»، مشددًا على أن رئيس الوزراء مسؤول مباشرة عن الإشراف على هذا الملف. كما اقترح إدخال مؤشر الجاذبية الاستثمارية الإقليمي لمحاسبة الحكومات المحلية على أدائها الاقتصادي، وحث على إعادة التفكير في دور الصندوق الوطني. وقال: «يجب استخدام موارد الصندوق بحكمة لتمويل المشاريع الواعدة ذات الإمكانات السوقية العالية».
كما احتل النقل واللوجستيات مكانة بارزة، حيث أكد الرئيس أن كازاخستان تعزز دورها كجسر حيوي بين أوروبا وآسيا. وأعلن عن الانتهاء الوشيك من مشروع سكة حديد دوستيك–موينتي المزدوجة، واصفًا إياه بأنه «ذو أهمية خاصة لممر الشرق–الغرب»، متعهدًا بالتقدم في مشاريع سكة حديدية أخرى مهمة.
وفي السياسة الخارجية، جدد الرئيس التأكيد على نهج كازاخستان المتعدد الأبعاد، مشددًا على أهمية التوازن والانخراط البنّاء. وأشاد بنتائج القمم الأخيرة، بما في ذلك الحوار الأميركي–الروسي في ألاسكا وجهود السلام بين أذربيجان وأرمينيا، كما أبرز تنامي شراكات كازاخستان مع الصين وتركيا وآسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
إصلاح الأمم المتحدة
وعلى الصعيد الدولي، شدد توكاييف على الحاجة إلى إصلاح الأمم المتحدة، وخاصة مجلس الأمن، قائلاً: «لا يوجد بديل للأمم المتحدة، لكن الإصلاح بات متأخرًا، وخاصة لجهازها الرئيسي، مجلس الأمن». وأضاف أنه سيعرض رؤية كازاخستان بشأن الإصلاح العالمي خلال الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
واقترح الرئيس أيضًا إصلاحًا مؤسسيًا كبيرًا ستكون له تبعات سياسية طويلة الأمد، يتمثل في الانتقال إلى برلمان أحادي الغرفة، ليُحسم الأمر باستفتاء وطني عام 2027.
كما أعلن عن أولويات وطنية أوسع، من بينها: منح مدينة ألاطاو مكانة خاصة كمركز ابتكار جديد، اعتماد قانون البناء الجديد بحلول نهاية العام، إنشاء خريطة رقمية موحدة لموارد الأراضي، وضع استراتيجيات طويلة الأمد للأمن الغذائي وإدارة المياه، استمرار مشاريع استعادة بحر آرال وحماية بحر قزوين، وتسريع استخدام التقنيات المتقدمة لتوفير المياه.
وفي السياسة الاجتماعية، دعا الرئيس إلى إصلاح نظام المزايا الاجتماعية الواسع لضمان استدامته وعدالته، إلى جانب تعزيز أنظمة التقاعد، وتوسيع نطاق الرعاية الصحية، وتحسين الثقافة المالية للمواطنين.
وفي ختام خطابه، شدد توكاييف على مبادئ الوحدة والقانون والنظام باعتبارها أسسًا لمواجهة التحديات العالمية. وقال: “إذا كان شعبنا موحدًا والوضع الداخلي مستقرًا، فسنتغلب على جميع الصعوبات ونواجه أي اختبار”