"النقد السينمائي" يناقش دور المدن والمهرجانات في تشكيل الوعي

ال النقد السينمائي الدولي2025، بتنظيم من لجنة الفيلمبقصر الثقافة بحي السفارات في الرياضوتضمنت فعاليات يومها الثاني جلسات وورش عمل تناولت العلاقة بين المكان والإنسان في السينما العالمية، مؤكدة أن المدينة ليست مجرد فضاء تصويري، بل كائن حي ينبض بالذاكرة والرموز والتحولات الاجتماعية.
بدأ الفيلسوف والقيّم الفني نيكولاس ديفيد اليوم بورشة عمل بعنوان "رواية المكان واستحضار الذاكرة: الفضاء السينمائي في السينما الإيطالية"وتحدث فيه عن البعد الفلسفي للمكان في العمل السينمائي، مشيراً إلى ذلك "المكان ليس مجرد مكان للتصوير، بل هو ذاكرة تجسد المشاعر وتكشف عن ملامح الهوية الثقافية"
وأوضح أن النقد السينمائي هو الوسيلة التي تحافظ على هذا الارتباط بين المكان والإنسان وإعادة قراءته عبر الزمن كأحد ركائز الفهم الجمالي للصورة.
التحولات الحضرية
وفي جلسة أخرى بعنوان "ما وراء النقد: إعادة تصور مدينة مكسيكو – التحولات الحضرية على الشاشة من العصر الذهبي إلى السينما العائلية"وأوضح الباحث د. أدرينا فرنانديز ذلك "قدمت السينما المكسيكية انعكاسا واقعيا لعلاقة المدينة بالناس، حيث تتقاطع مشاهد الفقر مع الفرح، ويقابل الثراء أحيانا الشعور بالتعاسة. ومع ذلك، تظل هذه الأعمال قريبة من ضمير الشعب المكسيكي."
وأضافت أن قراءة المدن سينمائيا تسمح بفهم أعمق للتحولات الاجتماعية والسياسية، وأن نقد المكان في السينما هو في جوهره نقد للوعي الإنساني نفسه، بما يحمله من مشاعر وذكريات وطبقات روائية.
تجربة بصرية شعرية
واختتم هذا الموضوع بعرض الفيلم البلجيكي. "أخبار من المنزل" للمخرجة شانتال أكرمان (1976)، التي قدمت تجربة بصرية شعرية عن الغربة والحنين والذاكرة عبر رسائل صوتية وصور لمدينة نيويورك في السبعينيات، مجسدة كيف يتحول المكان إلى مرآة الذات والعالم في الوقت نفسه.
سينما بلا حدود
في جلسة المناقشة "السينما تتجاوز الحدود" وناقش مخرجون عرب، أدارها الكاتب والناقد حسين الضو، مفهوم الهوية السينمائية المتجاوزة للجغرافيا، ودور المبدع في صياغة ذاكرة الصورة وتمثيل الهوية المتحركة.
وشارك في الجلسة المخرجة لمياء قيقا، والمخرج محمد قبلاوي، والمخرج محمد الدراجي، الذين قدموا قراءات عن تجاربهم الإبداعية بين الانتماء والغربة.
وأكدت لمياء قعيقة ذلك "السينما توازي النقد والإنتاج الفني خارج البلاد، وهي هجينة ذات هوية متنوعة، تختلف باختلاف عدد المخرجين والدول المنتجة. الهوية ليست ثابتة، لكن المخرج هو الأهم."
تجارب غنية
بينما أوضح محمد قبلاوي ذلك "المخرجون من أصل عربي يقيمون في الخارج ينتمون إلى أجيال مختلفة وعاشوا تجارب غنية، وتحمل أعمالهم رسائل لا يفهمها إلا المواطن العربي، حتى لو تم إنتاجها في الخارج.".
أما محمد الدراجي فقد أبدى رأيه بذلك "يصور المخرجون العرب في المهجر أعمالهم وفق هويات متنقلة تحكمها الذاكرة والحنين، وتجمع بين الغضب والنقد والجمال."
وأعرب المشاركون عن أن التجارب السينمائية العابرة للحدود تفتح مساحات جديدة لتعريف الانتماء، وتظهر كيف يمكن للصورة أن تكون لغة مشتركة تتجاوز الجغرافيا وتستحضر الذاكرة الإنسانية المشتركة.
المهرجانات تصنع الجمهور
واختتم اليوم الثاني بجلسة حوارية خاصة مع الناقد والمدير الفني السابق لمهرجان برلين السينمائي الدولي كارلو شاتريان الذي تحدث في جلسة بعنوان "حوار حول السينما" وأدارها عبد الجليل الناصر مدير عام تطوير القطاع وجذب الاستثمار بهيئة السينما.
وأكد شاتريان ذلك "تمثل المهرجانات السينمائية القلب النابض لصناعة السينما، وتلعب دورًا حاسمًا في تشكيل الذوق الفني للمجتمعات"موضحاً أن المهرجانات الكبرى مثل كان وبرلين والبندقية تؤثر على انتشار الأفلام عالمياً، في حين "المهرجانات الصغيرة تخلق جماهير حقيقية وتعمق علاقتها بالسينما"
وأضاف أن المهرجانات ليست مجرد مساحة للعرض والمنافسة، بل هي مختبر حي تتلاقى فيه المدارس والأساليب وتتطور الرؤى الجمالية.
تعزيز الوعي الثقافي
وأشار إلى أهمية الصحافة السينمائية في مواكبة هذا الحراك، مؤكدا أن النقد المهني يثري الحوار بين الجمهور وصناع السينما، ويعزز الوعي الثقافي، فيما تساهم الخبرة والتجربة في صقل الإبداع وتحقيق التميز.
واختتم. واليوم، نؤكد أن السينما والنقد شريكان في قراءة العالم المعاصر، وأن الصورة تظل الوسيلة الحقيقية لفهم تحولات الإنسان والمكان عبر الزمن، ضمن مشهد نقدي عالمي يعزز مكانة المملكة على خريطة الثقافة السينمائية العالمية.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر


