سفير أنغولا : الإمارات وأنغولا تتشاركان رؤية موحدة لأفريقيا مزدهرة ومتكاملة

سفير أنغولا : الإمارات وأنغولا تتشاركان رؤية موحدة لأفريقيا مزدهرة ومتكاملة
أبوظبي في 12 نوفمبر/ وام/ أكد سعادة جوليو مايـاتو سفير فوق العادة لجمهورية أنغولا لدى الدولة، أن دولة الإمارات وأنغولا تتشاركان رؤية موحدة لأفريقيا مزدهرة ومتكاملة، وتمتلكان معًا القدرات والإرادة لترجمة هذه الرؤية إلى إنجازات عملية تعود آثارها الإيجابية على القارة بأسرها.
وأشاد سعادته في حوار مع وكالة أنباء الإمارات /وام/، بعمق العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وبلاده، ووصفها بأنها أضحت واحدة من أكثر الشراكات ديناميكية وأهمية استراتيجية على امتداد محور الربط بين أفريقيا ومنطقة الخليج، وهي شراكة تقوم على الاحترام المتبادل، والرؤية المشتركة، والالتزام الصادق بالتنمية المستدامة.
ونوه بزيارة دولة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، إلى أنغولا خلال شهر أغسطس من هذا العام، بعد زيارات سابقة قام بها فخامة الرئيس الأنغولي جواو مانويل غونغالف لورينزو إلى دولة الإمارات، واصفا الزيارة بأنها كانت بمثابة محطة تحول مفصلية في مسار العلاقات الثنائية دشّنت لمرحلة جديدة من التعاون تقوم على الثقة والاستثمار والابتكار.
وأوضح أن الشراكة بين البلدين أثمرت تقدمًا ملموسا في عدد من القطاعات ذات الأولوية، بما يتوافق مع الأهداف التنموية طويلة المدى للبلدين، مشيرا إلى أنه بوجود 44 اتفاقية ثنائية تشمل مجالات متعددة من الذكاء الاصطناعي إلى التعاون الجمركي، فإن الشراكة بين البلدين مرشحة لإحداث أثر اقتصادي كبير وتوليد فرص عمل واسعة، فضلًا عن تعزيز دور دولة الإمارات جسرا محوريا يربط أفريقيا بالعالم العربي وأوروبا وآسيا.
وأكد أنه انسجامًا مع رؤية دولة الإمارات 2030، ومع توجه أنغولا نحو تنويع اقتصادها الوطني، تبرز الشراكة بين البلدين اليوم بوصفها نموذجا متقدما للتعاون الثنائي والتنمية المشتركة.
وقال سفير أنغولا إن قطاع الطاقة يبرز محورا أساسيا في هذه الشراكة، حيث تعمل شركة مصدر على توسيع استثماراتها في مجال الطاقة المتجددة في أنغولا، مستفيدة من الإمكانات الكبيرة لبلاده في هذا الشأن بما يسهم في تنويع مصادر الطاقة وتعزيز مرونة البنية التحتية.
وأوضح أن التعاون الاستثماري بين البلدين بلغ مستويات غير مسبوقة، مع خطط دولة الإمارات للاستثمار بقيمة 6.5 مليار دولار في مشاريع جديدة ضمن 44 اتفاقية تمتد عبر قطاعات متعددة.
وشدد على أن حكومة أنغولا ترى في قطاع الاتصال والإعلام ركيزة أساسية لتعزيز التواصل على المستويين الوطني والدولي، وبما ينسجم مع الأطر التنظيمية والمعايير العالمية المعتمدة، مؤكدا سعي بلاده لتعزيز التعاون الإعلامي بين البلدين بقطاعاته كافة بوصفه أحد ركائز تعزيز العلاقات الثنائية بين الإمارات وأنغولا.
وأكد سعادة السفير، خلال لقائه المسؤولين في قطاع المحتوى الإخباري في وكالة أنباء الإمارات / وام/ ، حرص بلاده على تعزيز التعاون الإعلامي مع دولة الإمارات، مشيرا في هذا الصدد إلى ما شهده العام 2025 من توقيع اتفاق للتبادل الإخباري بين وكالة الأنباء الأنغولية / أنغوب/ ووكالة أنباء الإمارات / وام/ ، يقضي بتبادل الأخبار والصور والمواد المرئية بشكل يومي ومجاني باللغات المتفق عليها، ونشرها عبر المواقع والمنصات الإعلامية المحلية، ومن المتوقع أن يتوسع هذا التعاون لاحقًا ليشمل التلفزيون والإذاعة والصحافة المكتوبة والرقمية.
وقال إنه في ظل قيادة فخامة الرئيس جواو مانويل غونغالف لوربنزو، تبنّت أنغولا سياسة خارجية نشطة ترتكز على تنويع الاقتصاد، وتحديث النهضة التنموية، واستقطاب الشراكات الاستراتيجية وفي هذا الإطار، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة بوصفها شريكًا رئيسيًا موثوقًا لأنغولا.
وكان سعادة السفير يرافقه عدد من أعضاء سفارة أنغولا في أبوظبي قد قام بجولة في مقر وكالة أنباء الإمارات، اطلع خلالها على مراحل تطور الوكالة والخدمات الإعلامية التي تقدمها.
وفيما يلي نص الحوار..
س : نود في البداية أن نتقدّم بالتهنئة إلى جمهورية أنغولا الصديقة وشعبها الكريم بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال، كيف تقيّمون مسيرة أنغولا خلال العقود الخمسة الماضية وما أبرز الإنجازات السياسية والاقتصادية التي تفتخرون بها؟.
ج : يُعدّ تحقيق الاستقلال الوطني في 11 نوفمبر 1975، ثم توقيع اتفاقية السلام في لواندا عام 2002، من أبرز المحطات التاريخية التي شكّلت مسار جمهورية أنغولا ورسّخت أسس الدولة الحديثة، لما لهذين الحدثين من أثر عميق في حياة الشعب الأنغولي وتطلعاته فقد أسهمت هذه المحطات، إلى جانب التطورات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية اللاحقة، في توجيه مسار الدولة الذي تسير عليه أنغولا اليوم.
وعلى الصعيد الاستراتيجي، اكتسب الشعار الذي اعتمدته الجمهورية الأولى أهمية خاصة في عهد الرئيس المؤسس وبطل الأمة الدكتور أنطونيو أغوستينيو نيتو، والذي نصّ على أن “جمهورية أنغولا الشعبية تعتبر الزراعة أساس التنمية، والصناعة عاملها الحاسم”.
وفي عام 1978، قررت الحكومة إعلان تلك السنة “عام الزراعة”، بهدف تعزيز الإنتاج الوطني واستثمار الإمكانات الزراعية لتلبية الاحتياجات الغذائية للسكان، وتوفير المواد الأولية للصناعات الوطنية، وتحسين الميزان التجاري للبلاد.
أما اقتصاديًا، فقد شهدت أنغولا منذ الاستقلال تحولات جوهرية، أبرزها الانتقال من نظام الاقتصاد الموجّه إلى اقتصاد السوق المنفتح، الأمر الذي أتاح للقطاع الخاص أن يصبح شريكًا أساسيًا للدولة في مسيرة التنمية وإعادة البناء.
وقد بدأت المسيرة مع نضال التحرر الوطني ضد الاستعمار في عام 1961، وهو تاريخ راسخ في الذاكرة الوطنية، لتتوج بـ الاستقلال في عام 1975.
كما كان تاريخ أنغولا الحديث وثيق الارتباط بـ دور دبلوماسي ثابت وفعّال على الساحتين الإقليمية والدولية، فبعد الاستقلال مباشرة، حظيت أنغولا باعتماد دولي واسع، وسعت العديد من الدول إلى إقامة علاقات سياسية ودبلوماسية واقتصادية معها.
ورغم أن سنوات النزاع الداخلي قلّصت من قدرة البلاد على توسيع حضورها الخارجي، فإن الدبلوماسية الأنغولية تمسكت بمبدأ مفاده أن السلام لا يُرسَّخ إلا عبر التعاون الدولي والحوار المشترك.
وقد أسفر هذا التوجّه عن انخراط أنغولا في منظمة الأمم المتحدة، وعضويتها في منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي لاحقًا)، ودورها في تأسيس مجموعة دول الخط الأمامي، ومشاركتها الفاعلة في الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي (SADC)، بالإضافة إلى حضورها المؤثر في الجماعة الاقتصادية لدول أفريقيا الوسطى (ECCAS) وغيرها من الأطر الإقليمية والدولية.
س : ما أبرز التحديات التي واجهتها أنغولا بعد الاستقلال، وكيف تمكّنت من تجاوزها وصولًا إلى بناء دولة حديثة ومستقرة؟.
ج : شهدت أنغولا حربًا أهلية استمرت سبعة وعشرين عاما تركت آثارا عميقة على البنى الاجتماعية والاقتصادية للدولة، ومثّل توقيع اتفاق السلام عام 2002 نقطة تحول محورية، حيث بادرت الحكومة إلى وضع برنامج إعادة الإعمار الوطني، الذي حقق إنجازات ملموسة في تشييد البنية التحتية الحيوية من طرق وموانئ ومستشفيات ومدارس ومطارات وملاعب رياضية، بما أسهم في إعادة بناء إعادة بناء البنية الوطنية.
ولمواجهة تحديات ما بعد النزاع، اعتمدت أنغولا إصلاحات اقتصادية وهيكلية واسعة أعادت للدولة مصداقيتها أمام المؤسسات الدولية، ومهّدت لعملية ترسيخ دولة عصرية مستقرة تقوم على أسس الحوكمة والتنمية المستدامة.
وأود هنا التأكيد على عامل حاسم في مسار بناء الدولة، وهو العزيمة الثابتة للشعب الأنغولي، الذي أظهر شجاعة استثنائية وقدرة على الصمود خلال نضال التحرر الوطني ضد الاستعمار البرتغالي، رافعًا العلم الوطني عاليًا أمام أفريقيا والعالم.
إن هذه الإرادة الجماعية التي جعلت الاستقلال ممكنًا عام 1975، هي ذاتها التي أرست أسس السلام عام 2002، فمهّدت الطريق أمام التنمية وإعادة البناء، بالتعاون مع الدول الصديقة التي تُعد تجاربها مصدر إلهام، وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وبعد مرور خمسين عامًا على الاستقلال، تشهد أنغولا مرحلة من النمو المتسارع، لا سيما في مجال البنية التحتية، ففي ظل قيادة فخامة الرئيس جواو مانويل غونغالف لورينزو، تعمل الحكومة على تنفيذ استثمارات واسعة النطاق في قطاعات الصحة والتعليم والجامعات والمطارات بمختلف أنحاء البلاد.
ومن أبرز المشاريع مطار الدكتور أنطونيو أغوستينيو نيتو الدولي، الذي تم افتتاحه في نوفمبر 2023، بطاقة استيعابية تبلغ 15 مليون مسافر و130 ألف طن من البضائع سنويا، مما يمثل رافعة مهمة لـ تعزيز السياحة والنمو الاقتصادي والربط الإقليمي.
ويُعد ممر لوبّيتو بدوره مبادرة استراتيجية تربط أنغولا بالدول المجاورة والأسواق الإقليمية، مما يجعله محركًا فاعلًا للتكامل الاقتصادي الأفريقي.
وتعكس هذه التطورات مجتمعة استمرارية الإصلاحات الاقتصادية وتعزّز الثقة في آفاق النمو المستدام ومستقبل واعد لأنغولا.
س : بعد مرور خمسين عامًا على الاستقلال، كيف تقيّمون مكانة أنغولا اليوم على الساحة الأفريقية والدولية؟.
ج : بعد مرور خمسين عامًا على الاستقلال، تقف أنغولا اليوم في مرحلة فارقة من مسارها الوطني بعدما استطاعت أن تتحول من دولة خارجة من النزاع إلى فاعل اقتصادي ودبلوماسي موثوق ذي تأثير متنامٍ على الساحتين الأفريقية والدولية.
وقد رسخت أنغولا مكانتها ركيزة للاستقرار والحوار والتعاون في الجنوب الأفريقي، إذ مكّنها نجاحها في الانتقال من مرحلة الحرب إلى سلام دائم من الاضطلاع بدور بنّاء في تسوية النزاعات الإقليمية من خلال الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي، والمساهمة في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
وتمثّل الرئاسة الحالية لأنغولا للاتحاد الأفريقي محطة بارزة في مسارها الدبلوماسي، تعكس ثقة القارة في قيادتها والتزامها بوحدة أفريقيا وإسهامها في دفع أجندة السلم والتنمية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تواصل أنغولا تنفيذ برنامج طموح للإصلاح والتنويع يهدف إلى الحد تدريجيًا من الاعتماد على النفط، وتعزيز نمو القطاعات غير النفطية، بما في ذلك الزراعة والتعدين والتجارة.
ووفقا لتقديرات البنك الدولي، فقد سجل الاقتصاد الأنغولي نمواً بنسبة 4.4% في عام 2024، مدفوعا بزيادة الثقة وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتحسن أداء القطاعات الإنتاجية، ما يعكس تصميم الدولة على بناء اقتصاد أكثر تنافسية واستدامة وشمولا.
أما على المستوى الدولي، فتؤكد أنغولا دورها شريكا موثوقا ومتطلعا إلى المستقبل، يستند في سياسته الخارجية إلى التعددية والتضامن والاحترام المتبادل.
ويُبرز اتساع شبكة شراكاتها الاستراتيجية بما في ذلك شراكتها المتقدمة مع دولة الإمارات العربية المتحدة وعدد من القوى الإقليمية والعالمية دورها جسرا يربط أفريقيا بالعالم العربي والأسواق الدولية.
وبذلك، وبعد نصف قرن من الاستقلال، تقدم أنغولا نموذجا للصمود والتقدم والطموح المتجدد؛ دولة تنظر إلى المستقبل بثقة، وتساهم بفاعلية في ترسيخ السلام، وتعزيز الاندماج الإقليمي، ودعم مسارات التنمية المستدامة.
س : كيف تصفون مستوى العلاقات بين أنغولا ودولة الإمارات العربية المتحدة في الوقت الراهن؟
ج : لقد تطورت العلاقات بين جمهورية أنغولا ودولة الإمارات العربية المتحدة لتصبح واحدة من أكثر الشراكات ديناميكية وأهمية استراتيجية على امتداد محور الربط بين أفريقيا ومنطقة الخليج، وهي شراكة تقوم على الاحترام المتبادل، والرؤية المشتركة، والالتزام الصادق بالتنمية المستدامة.
وفي ظل قيادة فخامة الرئيس جواو مانويل غونغالف لوربنزو، تبنّت أنغولا سياسة خارجية نشطة تحمل رؤية واضحة ترتكز على تنويع الاقتصاد، وتحديث النهضة التنموية، واستقطاب الشراكات الاستراتيجية، وفي هذا الإطار، برزت دولة الإمارات العربية المتحدة بوصفها شريكا رئيسيا موثوقا لأنغولا.
وقد شكّلت زيارة دولة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ” حفظه الله ” إلى أنغولا في شهر أغسطس من هذا العام، بعد زيارات سابقة قام بها فخامة الرئيس جواو مانويل غونغالف لورينزو إلى دولة الإمارات، محطة تحول مفصلية في مسار العلاقات الثنائية ودشّنت مرحلة جديدة من التعاون تقوم على الثقة والاستثمار والابتكار.
وأثمرت هذه الشراكة بالفعل تقدما ملموسا في عدد من القطاعات ذات الأولوية، بما يتوافق مع الأهداف التنموية طويلة المدى للبلدين.
ومع وجود 44 اتفاقية ثنائية تشمل مجالات متعددة من الذكاء الاصطناعي إلى التعاون الجمركي، فإن الشراكة بين البلدين مرشحة لإحداث أثر اقتصادي كبير وتوليد فرص عمل واسعة، فضلا عن تعزيز دور دولة الإمارات جسرا محوريا يربط أفريقيا بالعالم العربي وأوروبا وآسيا.
س: ما هي أبرز مجالات التعاون الواعدة بين البلدين، خاصة في قطاعات الطاقة والاستثمار والبنية التحتية؟.
ج : انسجامًا مع رؤية دولة الإمارات 2030، ومع توجه أنغولا نحو تنويع اقتصادها الوطني، تبرز الشراكة بين البلدين اليوم بوصفها نموذجا متقدما للتعاون الثنائي والتنمية المشتركة، حيث يُسهم اقتصاد متنوع ومتطور في دعم اقتصاد آخر في مسار تقليل الاعتماد على الموارد النفطية.
وتجسد هذه الشراكة كيف يمكن للرؤية المشتركة، والخبرة المتكاملة، وروح الشراكة الاستراتيجية أن تُعزز النمو المستدام والشامل.
وتتمتع أنغولا بثروات طبيعية كبيرة، وبسكان شباب وحيويين، وبموقع جغرافي استراتيجي يتيح لها فرصا واسعة للاستثمار والتطور.
ويعكس التقارب بين رؤية الإمارات 2030 وبرنامج تنويع الاقتصاد الأنغولي إدراكا مشتركا لآفاق التحول الاقتصادي، وإيمانا راسخا بأن الاعتماد على مصدر واحد للدخل لم يعد خيارا لمستقبل مستدام ولذلك، يلتزم البلدان بتنمية القطاعات غير النفطية بوصفها محركات رئيسية للنمو طويل الأمد.
ويظل قطاع الطاقة محورًا أساسيًا في هذه الشراكة، حيث تعمل شركة مصدر على توسيع استثماراتها في مجال الطاقة المتجددة في أنغولا، مستفيدة من الإمكانات الكبيرة للبلاد في هذا القطاع بما يسهم في تنويع مصادر الطاقة وتعزيز مرونة البنية التحتية، وتأتي هذه المشاريع دعمًا لجهود أنغولا لتوسيع الوصول إلى الطاقة النظيفة وتعزيز التنمية المستدامة.
وبلغ التعاون الاستثماري بين البلدين مستويات غير مسبوقة، مع خطط دولة الإمارات للاستثمار بقيمة 6.5 مليار دولار في مشاريع جديدة ضمن 44 اتفاقية تمتد عبر قطاعات متعددة ويبرز من بينها التعاون مع وزارة الزراعة والغابات الأنغولية لتعزيز الإنتاج الزراعي، وبناء القدرات الوطنية، وتعزيز الأمن الغذائي الإقليمي، بما يحقق تنويع مصادر الغذاء وتطوير سلاسل إنتاج أكثر مرونة تخدم البلدين.
وفي مجال البنية التحتية واللوجستيات، يجري تنفيذ تعاون وثيق بين مجموعة موانئ أبوظبي وموانئ دبي العالمية ووزارة النقل الأنغولية لتطوير الموانئ والبنى اللوجستية والممرات البحرية والتجارية.
ويسهم هذا التعاون في تعزيز تدفقات التجارة، وتسهيل الربط الإقليمي، ودعم اندماج أنغولا في سلاسل الإمداد العالمية، وخلق فرص عمل محلية وتنشيط الاستثمار.
وتبرز هذه المبادرات مجتمعة كيف أن خبرات دولة الإمارات، وتقنياتها المتقدمة، واستثماراتها النوعية تُسهم في تسريع وتيرة تنويع الاقتصاد الأنغولي، واستثمار إمكاناته الواسعة، بما يحقق ازدهارًا مشتركًا طويل الأمد يخدم مستقبل البلدين.
س: من وجهة نظركم ما هي أهمية التعاون الإعلامي بين البلدين؟.
ج : تعتبر حكومة أنغولا قطاع الاتصال والإعلام ركيزة أساسية لتعزيز التواصل على المستويين الوطني والدولي، وبما ينسجم مع الأطر التنظيمية والمعايير العالمية المعتمدة.
وفي الوقت نفسه، هناك إدراك لأهمية تعزيز آليات التواصل والتوعية لضمان وصول أنشطة السفارة ورسائلها إلى مختلف الفئات في دولة الإمارات العربية المتحدة بصورة فعالة.
وتتولى الدائرة الإعلامية في السفارة إدارة العلاقات مع وسائل الإعلام وبرامج التبادل الإعلامي، مع تحديد الفئات المستهدفة بما يتوافق مع أهداف خطة الاتصال المؤسسي للحكومة المركزية ويرتكز الاتصال الخارجي على نشر المعلومات والخدمات والرسائل الرسمية الموجهة للجمهور الحالي والمحتمل.
أما بالنسبة للبعثات الدبلوماسية في الخارج، فيتمثّل الهدف الرئيس في حماية صورة الدولة وتعزيز حضورها الإعلامي، وذلك وفق توجيهات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاتصال الاجتماعي، وهي الجهة المشرفة على سياسات الدولة في مجالات الاتصالات، وتقنية المعلومات، والخدمات البريدية، والأرصاد الجوية، والاتصال الاجتماعي والإعلان، بما يعزز الترابط الوطني.
وخلال الزيارة الرسمية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أنغولا خلال الفترة من 24 إلى 25 أغسطس 2025، تم توقيع اتفاق للتبادل الإخباري بين وكالة الأنباء الأنغولية /أنغوب/ ووكالة أنباء الإمارات /وام/ ، يقضي بتبادل الأخبار والصور والمواد المرئية بشكل يومي ومجاني باللغات المتفق عليها، ونشرها عبر المواقع والمنصات الإعلامية المحلية ومن المتوقع أن يتوسع هذا التعاون لاحقًا ليشمل التلفزيون والإذاعة والصحافة المكتوبة والرقمية.
وتولي السفارة أهمية كبيرة للمؤتمرات والمنتديات الإعلامية العالمية الذي تعقد على مدار العام في دولة الإمارات والتي تشارك فيها إلى جانب كبريات المؤسسات الإعلامية الإقليمية والدولية، بما يتيح تبادل الخبرات وتعزيز حضور الإعلام الأنغولي في المنصات الدولية.
س: كيف ترون مستقبل العلاقات بين أنغولا ودولة الإمارات في مساراتها كافة في المرحلة المقبلة؟.
ج : على مدى أكثر من أربعة عقود، حافظت أنغولا على هويتها الثقافية وما يرتبط بها من لغة وتقاليد وعَلَم وشعار ونشيد وعملة وطنية، بالإضافة إلى إرثها الموسيقي الغني الذي لا يزال يحظى باهتمام واسع على المستوى الدولي. وتعد رقصة الكيزومبا مثالًا بارزًا على هذا الحضور الثقافي، حيث باتت تُمارس في مختلف أنحاء العالم، وتُسهم البعثات الدبلوماسية الأنغولية في الخارج في نقل هذا التراث وتعزيز حضوره في سياقات متعددة الثقافات.
وتلتزم الحكومة الأنغولية بسياسة ثقافية شاملة تشرف من خلالها على مجالات الأدب والفنون والفولكلور والتراث الوطني، بجوانبه التاريخية والأثرية والفنية والثقافية.
وتعمل أيضا على حماية التراث الثقافي وتعزيز الإبداع الفني ودعم الصناعات الثقافية والإبداعية واللغات الوطنية وحقوق الملكية الفكرية، إضافةً إلى الاهتمام بالمكتبات والأرشيف والمؤسسات الدينية والسلط التقليدية، بما يسهم في صون الذاكرة الجماعية وتعزيز التعددية الثقافية واحترام التنوع الفني.
وفي إطار السياسة الخارجية، تواصل أنغولا تعزيز التعاون الثقافي الدولي والترويج لثقافتها عبر مراكزها الثقافية وبرامج التسويق الثقافي.
وشهد التعاون الثقافي مع دولة الإمارات تناميًا ملحوظًا، بدعم من اتفاق التعاون الثقافي الثنائي الذي يشجع على المشاركة المتبادلة في الفعاليات والمهرجانات الفنية، وتبادل الخبرات بين المختصين في المتاحف والمعالم التاريخية والفنون.
فيما تنص مذكرة التفاهم بين وزارتي الثقافة في البلدين على تعزيز الفهم المتبادل للهوية والحضارة والثقافة، ودعم الصناعات الثقافية والإبداعية، مع احترام القوانين والعادات والتقاليد في البلدين إلى جانب تبادل الوفود الأكاديمية والخبراء والباحثين من خلال الدورات التدريبية والمؤتمرات والندوات وورش العمل.
ويشمل اتفاق التعاون أيضًا مشاركة الفرق الفنية والموسيقية والمسرحية في المناسبات الثنائية، وتبادل الأنشطة المرتبطة بالآثار والتراث، وتبادل المواد السمعية والبصرية والمكتبية التي تُعرّف بالتراث الثقافي والفني لكل دولة، إلى جانب التعاون بين الجهات المتخصصة في الصناعات الحرفية عبر برامج تقنية مشتركة.
وفي مجال التعليم، تم تعزيز التعاون خلال زيارة دولة التي قام بها صاحب السمو رئيس الدولة إلى أنغولا، حيث اتفق الجانبان على تعزيز الشراكات الأكاديمية، وتبادل الخبرات، وتنظيم برامج تدريبية ومحاضرات مشتركة، بما يدعم بناء القدرات، والبحث العلمي، والابتكار، ويعزز جودة التعليم وأهداف التميز الأكاديمي.
وفي مجال الرياضة، تواصل أنغولا تعزيز التعاون مع دولة الإمارات عبر اتفاقات تهدف إلى توطيد الصداقة والتكامل الرياضي، وتشمل تبادل الزيارات والوفود الرياضية، وتبادل الخبرات الفنية والإدارية، والمشاركة في المؤتمرات والبطولات والبرامج التدريبية المشتركة، بما يسهم في تنمية البنية الرياضية ودعم المواهب في كلا البلدين.
س : كيف تقيّمون آفاق العلاقات بين جمهورية أنغولا ودولة الإمارات العربية المتحدة في المرحلة المقبلة؟.
ج : في رؤيتي، فإن مستقبل العلاقات بين جمهورية أنغولا ودولة الإمارات العربية المتحدة يبدو واعدًا للغاية، فهو يقوم على الاحترام المتبادل، والرؤية المشتركة، والالتزام طويل الأمد بالتنمية المستدامة.
وبالاستناد إلى الأسس الراسخة التي تم تعزيزها خلال السنوات الماضية، يدخل البلدان اليوم مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية، تستهدف ترجمة الإرادة السياسية القوية لدى القيادتين إلى نتائج ملموسة تُسهم في دعم مسارات التنمية الوطنية وتعزيز الازدهار الإقليمي والدولي.
وإذ أتطلع إلى السنوات المقبلة، أرى أن العلاقات بين أنغولا ودولة الإمارات ستتطور من تعاون قائم على الاستثمار إلى تحالف استراتيجي متكامل يشمل الجوانب الاقتصادية والتقنية والأمنية والدبلوماسية، فالإمكانات الطبيعية الهائلة التي تتمتع بها أنغولا، إلى جانب خبرة دولة الإمارات وقدرتها الاستثمارية، تشكلان أساسًا مثاليًا لشراكة مستقبلية تقوم على التكامل والمصلحة المتبادلة، وتفتح آفاقًا واسعة للتعاون الذي يخدم البلدين ويعود بالنفع على المنطقة بأسرها.
س: ما الدور الذي يمكن أن تؤديه دولة الإمارات العربية المتحدة، بصفتها شريكًا استراتيجيًا لأنغولا، في تعزيز مسارات التنمية المستدامة والتحول الاقتصادي في القارة الأفريقية؟.
ج : يتميّز التعاون القائم بين جمهورية أنغولا ودولة الإمارات العربية المتحدة بكونه شراكة قائمة على المنفعة المتبادلة والأهداف التنموية المشتركة، فدولة الإمارات تضع في سبيل هذه الشراكة خبرتها الراسخة في تنويع الاقتصاد، وقدراتها العملية، إلى جانب التزامات استثمارية كبيرة، بما يخلق نموذجًا لتلبية الاحتياجات التنموية الملحّة، وفي الوقت ذاته بناء قدرات تنموية مستدامة طويلة الأمد.
ويعزز الموقع الجغرافي الاستراتيجي لأنغولا على الساحل الأطلسي لأفريقيا، إلى جانب الاتصال العالمي الواسع لدولة الإمارات، فرص التكامل الإقليمي، بما يسهم في تسريع تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، كما أن النهج الاستثماري الإماراتي، القائم على بناء بنى تحتية مستدامة وليس على استخراج الموارد فقط، يتوافق مع تطلعات أفريقيا إلى نماذج تنموية تُعلي من القيمة المضافة طويلة المدى بدل النتائج الآنية قصيرة الأثر.
وعليه، فإن هذه الشراكة لا تقتصر على فوائد ثنائية بين البلدين فحسب، بل تسهم أيضًا في دعم الأهداف التنموية للقارة الأفريقية، لا سيما تلك المرتبطة بـ رؤية الاتحاد الأفريقي 2063 للتنمية الشاملة والمستدامة.
وأنا على يقين بأن تعزيز التنسيق الاستراتيجي بين أنغولا ودولة الإمارات سيجعل هذه الشراكة عاملًا محفّزًا للتنمية القارية وركيزة لتعزيز التكامل الأفريقي.
وبالنهاية، فإن أنغولا ودولة الإمارات تتشاركان رؤية موحدة لأفريقيا مزدهرة ومتكاملة، وتمتلكان معًا القدرات والإرادة لترجمة هذه الرؤية إلى إنجازات عملية تعود آثارها الإيجابية على القارة بأسرها.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر
مصدر المعلومات والصور : wam



