أخبار الخليج

" هيئة الشارقة للآثار" تسلط الضوء على تاريخ "الفاية" خلال معرض الكتاب

" هيئة الشارقة للآثار" تسلط الضوء على تاريخ "الفاية" خلال معرض الكتاب     

الشارقة في 12 نوفمبر/وام/ نظمت “هيئة الشارقة للآثار” خلال مشاركتها بفعاليات الدورة الـ 44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب جلستين متخصصتين سلطت خلالهما الضوء على العلاقة الوثيقة بين علم الآثار والسرد التاريخي في توثيق الوجود الإنساني والحضاري على أرض الإمارات إلى جانب الإرث الأثري العريق للدولة ودور السرد في حفظ الذاكرة الوطنية واستعادة مشاهد الحياة منذ فجر التاريخ حتى العصر الحديث.

وفي جلسة بعنوان «الآثار والتراث بين السرد والتاريخ في دولة الإمارات» ناقش كل من سعادة عيسى يوسف مدير عام هيئة الشارقة للآثار والدكتور حمد بن صراي، الباحث في التاريخ والآثار مسيرة الاكتشافات الأثرية في الدولة والجهود التي قادت إلى بناء سجل حضاري موثّق يعكس عمق الحضور الإنساني على هذه الأرض.

وأوضح سعادة عيسى يوسف أن بدايات علم الآثار في الدولة تعود إلى عام 1959 مع أول بعثة دنماركية للتنقيب لتتواصل بعدها جهود البحث والتوثيق لأكثر من ستة وستين عاماً و شهدت إصدار أول قانون للآثار في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وتوقيع أول اتفاقية تعاون أثري مع العراق عام 1973 التي مهدت لعمل بعثات عربية ودولية لاحقة.

وتحدث عن أبرز الاكتشافات الأثرية في الدولة التي تنوعت بين العصور الحجرية والبرونزية مشيراً إلى أن مكتشفات جزيرة أم النار شكّلت منعطفاً مهماً في دراسة حضارات المنطقة قبل أن تكشف تقنيات التنقيب الحديثة عن مواقع جديدة مثل شمل في كلباء التي تعود إلى العصر البرونزي .

ونوه إلى اكتشافات مدينة العين التي تعود إلى القرن الأول الميلادي مؤكداً أن التواجد البشري في الدولة أصبح اليوم موثقاً بعمقٍ يصل إلى نحو 210 آلاف سنة.

من جانبه أكد الدكتور حمد بن صراي أن التاريخ الإماراتي يمتاز بتنوّع الحوادث وتجذر الوجود الإنساني على الأرض مشيراً إلى أن العقود الخمسة الماضية شهدت تحولات عميقة في المجتمع والهوية والثقافة وأن الروايات التاريخية والأدبية تسهم في إبراز هذا العمق من خلال القصص والحكايات المستندة إلى أصول علمية ووثائق مادية.

ودعا إلى تحري الدقة في تدوين التاريخ والتراث والاعتماد على المتخصصين والباحثين لتوثيق الأحداث والوقائع موضحاً أن السرد التاريخي يجمع بين الجانب العلمي والجانب الاجتماعي وأن التراث الشفهي والمكتوب يشكلان معاً روافد أساسية لحفظ الذاكرة الوطنية.

وفي جلسة أخرى بعنوان “المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية” استضافت سعادة عيسى يوسف وخلود الهولي مدير إدارة التراث الثقافي المادي في الهيئة تمّ عرض الفيلم الوثائقي “الفاية” الذي أتاح للحضور فرصة التعرّف إلى أسرار هذه المنطقة التاريخية الغنية.

وأوضح عيسى يوسف أن الحديث عن “الفاية” لا يقتصر على الجبل وحده بل يشمل المنطقة المحيطة بأكملها مشيراً إلى أن المنطقة الصحراوية في الفاية تُعد أقدم صحراء مأهولة في العالم حتى الآن وهو ما جعلها إحدى الركائز الرئيسة في ترشيح ملف “الفاية” لقائمة التراث العالمي لليونسكو 2025.

وقال إن المقارنة بين الأدوات الحجرية المكتشفة في الفاية ونظيراتها في شرق أفريقيا أثبتت وجود صلة تاريخية بين المنطقتين تعود إلى نحو 125 ألف عام حيث تم تأريخ الطبقات الأثرية باستخدام تقنية “التألق الضوئي لحبات الرمل” لتحديد زمن تعرضها لأشعة الشمس.

وأضاف أن التنقيبات كشفت عن 70 ألف قطعة حجرية من 18 طبقة أثرية تعود للعصور الحجرية المختلفة إلى جانب 25 ألف قطعة من أدوات الزينة من بينها لآلئ مثقوبة استخدمها الإنسان القديم كحليّ وبيّن أن الفحوص التي اجريت على الهياكل العظمية أظهرت كسورًا وآثار عنف تعكس طبيعة الحياة غير المستقرة لتلك المجتمعات.

من جانبها أوضحت خلود الهولي أن أهمية “الفاية” تتجاوز البعد المحلي إلى البعد العالمي لأنها تُسهم في فهم أعمق لكيفية انتشار الإنسان القديم من أفريقيا نحو العالم مشيرة إلى أن العمل على ترشيح الموقع للتراث العالمي بدأ منذ عام 2012 حين أُدرج على القائمة التمهيدية لليونسكو وفي عام 2020 تم إعداد ملف متكامل للترشيح غير أن هيئة الشارقة للآثار أجّلت تسليمه لإجراء المزيد من التدقيق وهو ما نتج عن إدخال اكتشافات أثرية جديدة في عامي 2023 و2024 من بينها أقدم طبقة أثرية تدل على استيطان الإنسان في المنطقة.

وأكّدت أن موقع الفاية يتمتع بسجل علمي استثنائي في تاريخ الدراسات الأثرية إذ شهد أكثر من 30 عامًا من الأبحاث المتواصلة وصدور أكثر من 50 ورقة علمية محكّمة حوله إلى جانب اعتراف دولي من برنامج (HEADS) التابع لليونسكو ما يكرّس مكانة الفاية موقعا فريدا يوثّق رحلة الإنسان الأولى في مواجهة الصحراء وتطويعها للحياة.

ويعرض جناح “هيئة الشارقة للآثار” المشارك في المعرض كتاب “الشارقة موئل الهجرات المبكرة من أفريقيا إلى جبل الفاية” وهو مجلد خاص أصدرته الهيئة بمناسبة إدراج “المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية” على قائمة اليونسكو للتراث العالمي ويتضمن 18 مقالة منشورة خلال العقود الثلاثة الماضية .

ويتيح الجناح نظام معلومات جغرافية “جي آي إس” وهو خريطة تفاعلية توفر معلومات مفصلة عن أي نقطة من موقع الفاية مع مشاهد ثلاثية الأبعاد تغطي كافة الاتجاهات إلى جانب مجموعة من دوريات آثار الشارقة وباقة مختارة من الإصدارات المتخصصة بالآثار.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مصدر المعلومات والصور : wam

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى