المملكة: "أعادت لنا الأمل بإيقاف الحرب".. سودانيون يشيدون بجهود السعودية وقيادة ولي العهد


وبينما ينتظر السودانيون في الداخل والخارج أي شرارة تبدد ظلمات الحرب التي عصفت بالبلاد، تتجه الأنظار اليوم إلى الجهود السعودية المتواصلة، التي يصفها السودانيون بأنها الأكثر فعالية وصدقا منذ اندلاع الأزمة. وفي حوارات مطولة مع صحيفة اليوم، أعرب عدد من المقيمين السودانيين عن تقديرهم للدور الدبلوماسي الذي تقوده المملكة بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مؤكدين أن هذه التحركات أعادت إليهم الشعور المفقود منذ زمن طويل: الأمل.
طريق طويل من الدعم الإنساني والسياسي
ولم تكن المبادرة السعودية الجديدة، الهادفة إلى إقناع الإدارة الأميركية بضرورة اتخاذ موقف فاعل لوقف النزيف السوداني، خطوة منعزلة في سجل المملكة، كما يقولون. وهم يرون فيه امتدادًا طبيعيًا لمسار طويل من الدعم الإنساني والسياسي، وجهود الوساطة التي لم تتوقف أبدًا. ويشير الكثير منهم إلى أن السعودية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام المأساة التي امتدت نيرانها إلى كل بيت سوداني، بل قدمت المساعدات، وحمت الأرواح، وسعت إلى تقليل تكلفة الحرب عن الشعب، مؤكدين أن السودان كان وسيظل بلدا شقيقا لن تتخلى عنه المملكة في لحظة الشدة.
دور المملكة في صنع السلام
ويرى الكاتب السوداني نجيب عبد الرحيم أن المملكة تواصل اليوم تعزيز مكانتها كقوة فاعلة في صنع السلام الإقليمي والدولي، من خلال نهج قائم على الحكمة. والتوازن ودوره القيادي في العالم الإسلامي.
ويشير إلى أن السياسة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، انتقلت من مجرد القيام بالوساطات التقليدية إلى صياغة مبادرات متكاملة تمس جذور الصراعات وتدعم الحوار وتدعم الشعوب المتضررة. ويستشهد عبدالرحيم باتفاق جدة للسلام بين إثيوبيا وإريتريا، كمثال بارز على قدرة المملكة على تحويل مسارات الصراع إلى فرص للسلام، مؤكدا أن هذه الرؤية الإنسانية أصبحت جزءا من الهوية الدبلوماسية للمملكة.
ويذهب الكاتب أبعد من ذلك عندما يتحدث عما كشفه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن طلب الأمير محمد بن سلمان -خلال إحدى زياراته لواشنطن- أن يكون للرئاسة دور فعال في إطفاء لهيب الحرب السودانية.
ويرى عبد الرحيم أن هذا الموقف يعكس وعي المملكة بخطورة استمرار الصراع، وحرصها على وقف معاناة شعب تربطها به روابط تاريخية عميقة. ويرى أن السودانيين ينظرون بامتنان إلى هذا الاهتمام الصادق الذي تجلى في أقسى اللحظات في تاريخ السودان الحديث، وأن المملكة أثبتت أنها قادرة على أن تكون صوت الحكمة الذي يحتاجه العالم اليوم.
نموذج إعلامي يجب اتباعه
من جانبه، يرى الصحافي السوداني الدكتور كمال إدريس، قراءة مختلفة للدور السعودي، انطلاقا من رؤية إعلامية ودبلوماسية.
ويرى أن زيارة ولي العهد إلى واشنطن شكلت نموذجا لما يمكن تدريسه في كليات الإعلام والعلاقات الدولية، حيث جسد الأمير – على حد تعبيره – أسلوب «قوة الهدوء وهدوء القوة»، واستطاع أن يفرض أجندة جديدة للنقاش حول مكافحة الإرهاب، وينقل الحوار من الجانب الأمني الضيق إلى جذور المشكلة الفكرية والثقافية.
ويشير إدريس إلى أن حضور الأمير ولغته الجسدية ونبرة خطابه، شكلت رسائل اتصال مباشرة أثرت في وسائل الإعلام والرأي العام الأمريكي، مؤكدا أن اللقاء تضمن تطبيقا عمليا يعتمد على نظريات التأطير ووضع الأجندة والدبلوماسية العامة، وأن السعودية قدمت نفسها فيه كشريك قوي في السلام ومكافحة التطرف، وليس كطرف يسعى لمصالح عابرة.
ونبرة الشكر نفسها تتكرر في خطاب السوداني عبد الحليم عبد الكريم، الذي يرى أن جهود ولي العهد في دعم السودان ليست مجرد تحركات سياسية، بل مواقف أخوية حقيقية.
ويقول إن الشعب السوداني يدرك جيدا خصوصية العلاقة بين البلدين، وأن السعودية هي الدولة التي جمعت الأطراف المتحاربة أكثر من مرة، وبذلت جهودا ضغطا دوليا لم يستطع غيرها القيام بها. وأضاف: “عندما يتمكن الأمير محمد بن سلمان من إقناع واشنطن بإعادة النظر في موقفها، فهذا يعني أن هناك فرصة حقيقية لوقف الحرب. السعودية قادرة على تغيير مسار الأزمة، لأنها تتحرك من موقع الحب والالتزام، وليس من موقع المصلحة”.
المملكة تحيي الأمل في نفوس السودانيين
وفي جدة، يصف بدر الدين صديق اللحظة التي سمع فيها أن ولي العهد لعب دورًا محوريًا في دفع الولايات المتحدة إلى التصرف على أنها “إحياء شيء داخل السودانيين لم يشعروا به منذ فترة طويلة”.
ويرى أن السعودية ظلت تقريبا الدولة الوحيدة التي واصلت جهود الوساطة دون انقطاع، وأن تدخلاتها الإنسانية والسياسية ذات طبيعة صادقة لا تسعى إلى تحقيق مكاسب.
ويشير إلى أن ولي العهد، الذي كان وسيطا رئيسيا في ملفات أخرى مثل رفع العقوبات عن سوريا، يقدم اليوم نموذجا مماثلا في الملف السوداني، وهو ما جعل السودانيين المقيمين في المملكة يشعرون أن أزمتهم أصبحت أيضا قضية للمملكة.
يتذكر "علي المبارك" وكان يتلقى يومياً صوراً للدمار الذي يحدث في الخرطوم. وقال إن التحركات السعودية الأخيرة “أعادت الثقة بأن صوت السودانيين لا يزال مسموعاً”.
ويؤكد أن المملكة فتحت أبوابها أمام النازحين، وقدمت مساعدات واسعة، واستضافت مفاوضات جدة، قبل أن تتجه اليوم إلى خطوة ذات ثقل دولي بمحاولة إعادة واشنطن إلى موقف العمل. وأضاف: “السعودية هي الدولة الوحيدة التي دعمت السودان بالمجان. والشعب السوداني لن ينسى هذا الموقف ما حيي”.
أما هشام نجم الدين فيغلف حديثه بمشاعر الانتماء الواضحة قائلا "ويشعر السودانيون المقيمون في المملكة بأنها أصبحت وطنا ثانيا، ليس فقط لأنها وفرت لهم الأمن والاستقرار، ولكن أيضا لأنها تهتم بوطنهم الأم، وهو ما لم تفعله بعض القوى الإقليمية.".
ويضيف أن التواصل السعودي المباشر مع الإدارة الأمريكية أعطى السودانيين شعورا بأن هناك من يحمل هموم بلادهم على كتفيه، وأن المساعدات والإنقاذ والإجلاء التي قدمتها المملكة تعكس رؤية واضحة لعودة السودان إلى دولة مستقرة وقوية.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر




