مقالات

المدهش هو الدهشة!

كتب رامى الشاعر:

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن هجمات القوات الأوكرانية بالمسيرات على مقر إقامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “لن تمر دون رد”.

وأوضح لافروف أن كييف شنت هجوما إرهابية بـ 91 طائرة مسيرة على مقر إقامة الرئيس الروسي في منطقة نوفغورود، مشيرا إلى أن الهجوم وقع خلال مفاوضات مكثفة بين روسيا والولايات المتحدة لتسوية النزاع.

وبالطبع “رفض” زيلينسكي الاعتراف بمحاولات القوات الأوكرانية ضرب مقر بوتين والاعتراف بالمسؤولية عن الهجوم الإرهابي.

إلا أن ما يدهش حقا في ردود الأفعال المختلفة هو الدهشة في حد ذاتها. فبعد العملية الإرهابية بقاعة كروكوس سيتي غرب العاصمة موسكو، 22 مارس 2024، والتي راح ضحيتها 139 شخصا وأصيب 145 آخرين، الهجوم الإرهابي الأكثر دموية منذ أزمة رهائن مدرسة بيسلان عام 2004. وبعد اعتداء الولايات المتحدة على منشآت نووية إيرانية، واعتداء إسرائيل على قيادات “حماس” في قطر، واعتداء الولايات المتحدة على ناقلة نفط في الكاريبي.. فعن أي دهشة نتحدث؟

يجلس زيلينسكي على مائدة الطعام مع الرئيس ترامب، ليفاوض على “السلام”، في الوقت الذي تتجه مسيراته لقصف مقر رئيس دولة، في سابقة من أخطر ما يكون، حيث يتمتع رؤساء الدول بحصانة لا يجب التعدي عليها، وإلا سنكون بصدد فوضى لا يمكن السيطرة عليها

إننا أمام إرهاب دولة منظم وتدهور مستمر ومستدام للنظام العالمي أحادي االقطبية، حيث يستمرئ حلف “الناتو” منذ ثلاثة عقود التمدد شرقا نحو روسيا، دون رادع أو حسيب أو رقيب، في الوقت الذي وعد قادته حين انهيار جدار برلين بعدم التمدد “بوصة واحدة شرقا”، ثم تمدد الحلف منذ 1990 من 16 دولة إلى 32 دولة.

لم الاندهاش ومعظم البلدان الغربية لا تريد أن تسود العدالة في العالم، وأن يصبح للمراكز الاقتصادية الناشئة في آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا صوتها المسموع، المعبر عن تطلعات ورغبات غالبية المجتمع الدولي.

 

ربما تصدق نوايا الرئيس ترامب ومساعيه لتحقيق السلام والتوصل إلى تسوية في الأزمة الأوكرانية، لكن ما نراه على أرض الواقع لا يعني سوى أحد أمرين: فإما أنه متواطئ أو ضعيف عاجز عن التأثير في زيلينسكي والأوروبيين وحتى مساعديه في الإدارة الأمريكية.

إن الهجمات الإرهابية التي نفذتها القوات الأوكرانية بالطائرات المسيرة موجهة رأسا للتسوية السلمية للأزمة الأوكرانية، ولا تعبر إلا عن إفلاس ويأس من قبل كييف ورعاتها الأوروبيين، الذين يواجهون اليوم قضايا تكاد تكون محسومة ضد سرقة الأصول الروسية المجمدة، كما يواجهون شعوبهم التي تطالبهم بتفسيرات حول مصير أموال دافعي الضرائب التي ذهبت إلى جيوب النظام الأوكراني الفاسد، وحول أسعار الغاز الطبيعي، وهروب الصناعات من أوروبا والكساد والبطالة وغيرها من المشكلات التي تسببت فيها قيادات أوروبا التي تضع استنزاف روسيا ومواجهة روسيا وإلحاق “هزيمة استراتيجية” بروسيا في صدارة أولوياتها.

إن من خادع في اتفاقيات مينسك 2014، وعجز عن المضي قدما في مفاوضات إسطنبول 2022، بإيعاز من سادته الأوروبيين هو نظام بلا إرادة سياسية، يحركه ويتحكم فيه الممول/الكفيل، والهجوم على مقر الرئيس الروسي في منطقة نوفغورود الروسية هو هجوم أوروبي بأيدي أوكرانية ولا أشك في ذلك للحظة واحدة.

ومن يتمنى الموت في تهنئة علنية لشعبه لا يمكن أن يكون شريكا في أي مفاوضات، بل هو إرهابي موتور عاجز عن التفكير سوى في مزيد من الدمار لوطنه وشعبه والبشرية من أجل مصالح سياسية ضيقة، وسعي محموم لخدمة مصالح السيد الغربي بصرف النظر عن التكلفة الباهظة لهذا المسار.

لا شيء يستحق الدهشة مما أقدم عليه زيلينسكي، لكنه يستحق رد فعل مناسب، أعتقد أن الجيش الروسي سيقوم به عاجلا أم آجلا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى