أخبار الخليج

"إرثي" يواكب عيد الاتحاد الـ54 بعقد من الاستثمار في التراث وتعزيز الهوية الثقافية

"إرثي" يواكب عيد الاتحاد الـ54 بعقد من الاستثمار في التراث وتعزيز الهوية الثقافية     

الشارقة في 2 ديسمبر/ وام / في عيد الاتحاد الـ 54 للدولة تبرز تجربة مجلس إرثي للحرف المعاصرة بوصفه إحدى المؤسسات الوطنية الرائدة التي نجحت في تحويل الحرف إلى أحد أبرز مكوّنات الهوية الإماراتية المعاصرة حيث قدّم نموذجًا ثقافيًا حيًا يُسهم في التعليم ويعزّز الاقتصاد والتنمية المجتمعية ويُجسّد في الوقت ذاته رؤية الدولة تجاه التراث ضمن مختلف المحافل والمناسبات الدولية المتصلة بالفنون والتصميم حول العالم.

وواكب المجلس احتفالات الإمارات بعيد الاتحاد الـ54 بمجموعة من الورش منها “ورشة صناعة ميدالية مفاتيح من التلي والجلد” و”ورشة تصميم فواصل الكتب باستخدام تقنية (السفيفة)” وذلك بالتعاون مع هيئة الشارقة للمتاحف وهيئة الطرق والمواصلات بالشارقة وهيئة كهرباء ومياه دبي و أشرف على تقديم هذه الورش نخبة من الحرفيات الإماراتيات لتعريف المشاركين بقيمة الحرفة الوطنية ودورها في تعزيز روح الاتحاد ونقل مهاراتها إلى الأجيال الجديدة بطريقة تفاعلية ومبتكرة.

تأسس “إرثي” في 2015 تحت رعاية قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مجلس إرثي للحرف المعاصرة بهدف بناء منظومة مهنية للحرفيات الإماراتيات وربط التراث بمنصات التصميم العالمية.

وعلى مدار 10 سنوات منذ تأسيسه جسد المجلس امتداداً عملياً للسياسات الثقافية الإماراتية التي عملت على دمج التراث بما فيه الحرف في ممارسات النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية فلم يكتفِ “إرثي” بحفظ “التلي” و”السفيفة” و”الفروخة” وغيرها من الحرف الأكثر تمثيلاً للهوية المحلية بل حوّلها إلى برامج تدريب وإنتاج وتوثيق مستدامة.

وتحوّل “إرثي” -خلال عقد من الزمن من مبادرة محلية إلى مؤسسة تمتلك واحدة من أكبر شبكات الحرفيات في المنطقة تعمل وفق منظومة تدريب وإنتاج وتطوير متكاملة وتوسّعت شبكة “إرثي” لتضم أكثر من 640 حرفية حتى مايو 2025 واستطاعت خلال هذه السنوات بناء حضور ثقافي ومهني وصل إلى 13 دولة عبر مشاريع تعاون وبرامج نقل معرفة.

وفي 2024 وحده نظّم “إرثي” أكثر من 60 ورشة عمل استفاد منها ما يقارب 1400 مشارك ومشاركة في حين شهد 2025 بناء أكثر من خمس شراكات إستراتيجية جديدة مع مؤسسات تصميم وأسواق حرفية عالمية كما شارك في أكثر من سبع فعاليات دولية ومحلية امتدت من الشارقة إلى لندن وبازل وموسكو كان آخرها مشاركة المجلس في فعاليات معرض “نوماد أبوظبي 2025” الذي نظمته دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي بالتعاون مع معرض “نوماد” العالمي حيث استعرض أمام نخبة من قادة المعارض والمؤسسات الفنية ورواد التصميم من المنطقة والعالم تجربته في تقديم الحرف الإماراتية كلغة حوار بين الثقافة المحلية ونظيراتها العالمية.

هذه البيانات تعكس انتقال “إرثي” إلى مؤسسة ذات بنية تشغيلية متكاملة تشمل: تدريب منهجي وتصنيع متطور وتسويق دولي وتوثيق معرفي وتعاون ثقافي عابر للحدود.

وقدم “إرثي” خلال مسيرته نموذجاً عملياً لكيفية تحويل الحرفة من مهارة تقليدية إلى جزء من الاقتصاد الإبداعي العالمي فمن خلال تطوير خطوط إنتاج فنية مستوحاة من التراث الإماراتي مثل ” الطايف و مُوي و تيلاد و ند و سَفرة ” أعاد «إرثي» صياغة العناصر الجمالية المحلية بأسلوب معاصر يلائم أسواق التصميم الدولية.

وترافقت هذه الجهود مع تعاون نوعي مع علامات عالمية مثل: بولغري وكارتييه وأسبري وديزاين ميامي ما جعل منتجات الحرفيات الإماراتيات جزءاً من منصات عالمية مرموقة كما سجلت الحرف الإماراتية حضوراً متقدماً في معارض كبرى مثل: ميزون دي إكسبسيونز وباريس وأسبوع لندن للتصميم وأسبوع دبي للتصميم لترسّخ مكانتها كمكوّن معاصر قادر على المنافسة والإلهام وبهذا يسهم إرثي في دعم مسيرة الدولة نحو تعزيز مساهمة القطاعات غير التقليدية في الناتج المحلي.

إلى جانب دوره المهني والإنتاجي يسهم “إرثي” في توثيق الذاكرة الثقافية لدولة الإمارات من خلال بناء قاعدة معرفية دقيقة للحرف التي شكّلت جزءاً من الهوية الثقافية عبر العقود فقد أصدر المجلس سلسلة من الأبحاث المتخصصة مثل: “ألياف النخيل” و”صناعة الأصباغ الطبيعية” و”عطر” و”وصفات للمستقبل” و”هندسة الثقافة” وهي إصدارات توفّر قراءة علمية للحرف الإماراتية وتوثّق تطورها وعلاقتها بالحياة الاجتماعية والاقتصادية في الدولة.

كما توسّعت مبادرات إرثي لتشمل ورش التطريز الإماراتي والفلسطيني والأردني والباكستاني مقدّمة فضاءً للتبادل الثقافي يعيد ربط الحرف ببيئتها التاريخية ويضعها ضمن شبكة أوسع من المهارات الإقليمية وبهذا تحول «إرثي» إلى منصة لا تُصقل المهارات فقط بل تحفظ ملامح الذاكرة الوطنية وتحمي سردية الاتحاد من خلال توثيق الموروث الذي شكّل جزءاً من مسيرة الدولة منذ تأسيسها.

ويتقدم “إرثي” اليوم نحو محطة استراتيجية جديدة تتمثل في افتتاح “متحف إرثي” عام 2029 وهو مشروع سيحوّل “مجلس إرثي للحرف المعاصرة” إلى مرجعية ثقافية دائمة في مجال الحرف الإماراتية وسيعمل المتحف على توثيق تاريخ الحرف وعرض تطورها البصري والتقني وتوفير مصادر علمية للباحثين والمتخصصين إلى جانب وضع التراث الإماراتي ضمن سياق عالمي للصناعات الإبداعية ما يجسد الانتقال من المبادرات والبرامج المتفرقة إلى بنية مؤسسية دائمة تحافظ على الذاكرة الحرفية وتفتح لها آفاقاً جديدة.

ومع هذا المسار المتكامل يمثّل “إرثي” نموذجاً عملياً لروح الاتحاد فهو مشروع يستند إلى الهوية بوصفها رصيداً وطنياً ويستثمر في الإنسان باعتباره محور التنمية ويحوّل الموروث الثقافي إلى قيمة اقتصادية واجتماعية.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مصدر المعلومات والصور : wam

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى