فن ومشاهير

«المايدي»: اخترتُ أن يحمل فني ملامح بلادي

«المايدي»: اخترتُ أن يحمل فني ملامح بلادي     
زيزي عبد الغفار   

ماجد ناصر، المعروف فنيا بـ”المعيدي”، فنان بدأ رحلته في عالم الموسيقى عازفا يفاوض الإيقاع، قبل أن يكتشف أن صوته يحمل بوابة أخرى للوحي. المعيدي لم يختر الاستقرار، ولم يعتمد على أسلوب واحد. بل ظل يتنقل بخفة بين التجارب، ويلتقط من كل محطة درسا، ومن كل تحدي طاقة جديدة. ويكشف الفنان الإماراتي في هذا الحوار عن تحولاته الفنية، وموقعه على الساحة الموسيقية الإماراتية والعربية، ورؤيته لدور التراث، وآفاق المشاريع المستقبلية التي يعد جمهوره بأنها ستكون “مفاجآت حقيقية”:

  • المعيدي: اخترت لفني أن يحمل ملامح وطني

ما الذي أشعل شغفك بالموسيقى، وكيف دفعك ذلك إلى الغناء؟

بدأت علاقتي بالموسيقى قبل أن أقرر أن أصبح محترفًا. كنت أبحث عن طريقة لتحرير طاقتي؛ وجدت نفسي منجذبًا إلى الإيقاع، وبدأت بالطبول. كانت هذه الآلة بمثابة مساحة للحوار بيني وبين الجمهور، من دون كلام. بعد إصابة في معصمي؛ شعرت وكأن شيئًا ما قد انكسر، لكن هذا التوقف القسري جعلني أتجه إلى صوتي؛ فحاولت الغناء من باب الفضول أولاً، ثم اكتشفت أنني أستطيع أن أقول -من خلال الصوت- ما لا تستطيع الآلة قوله، ومن هنا شعرت أن رحلتي الحقيقية بدأت.

التطور الفني

كيف تطور أسلوبك الفني، وما أبرز التحديات التي واجهتك خلال هذا التحول؟

كانت الخطوة الأولى التي كان عليّ اتخاذها هي التعامل مع صوتي باعتباره “مشروعًا” يحتاج إلى التدريب والانضباط. لذلك قرأت الكثير عن تقنيات الأداء، ودرست شكل الحروف، وعملت على شخصية صوتية ذات هوية ومزاج واضحين. وكان التحدي الأكبر هو أن اللون الذي كنت أعرضه كان أقرب إلى المدرسة الغربية، وكان لوناً جديداً نسبياً على الساحة المحلية. ولذلك، كنت أشعر، أحياناً، أنني خارج “منطقة المألوف”، وهذا جعل الطريق أطول، لكنني تعلمت أن أكون مسؤولاً عن تطوير نفسي، وأن أبني طريقي خطوة بخطوة. لقد منحتني هذه التجربة الصبر والقدرة على الاعتماد على نفسي، وهما اليوم أهم الأصول الفنية التي أمتلكها.

هل هناك تجربة كان لها الأثر الحاسم في رؤيتك الموسيقية؟

نعم، كان الغناء مع أوركسترا 7 بقيادة المايسترو فاضل الحميدي علامة فارقة. على المسرح، وسط هذا العدد من الموسيقيين، تشعر أن صوتك جزء من كيان كبير متناغم. الترتيب الأوركسترالي، والانضباط في التدريبات، والدقة في كل التفاصيل؛ كل ذلك جعلني أرى الموسيقى كنظام متكامل، وليس مجرد لحن وصوت. بعد هذه التجربة، أصبحت مهتماً أكثر بالتفاصيل الصغيرة، والبنية الدرامية للأغنية، والعلاقة بين ما أقدمه وشعور الجمهور في نفس اللحظة.

  • المعيدي: اخترت لفني أن يحمل ملامح وطني
    المعيدي: اخترت لفني أن يحمل ملامح وطني

اليوم.. كيف ترى المشهد الموسيقي في الإمارات؟

وبكل ثقة أقول: إننا نعيش مرحلة تكوين حقيقية للمشهد الموسيقي الإماراتي المتنوع. هناك دعم رسمي ومنصات وجمهور بدأ يثق بالفنان المحلي أكثر. انفتاح البلاد على الثقافات المختلفة؛ خلق بيئة خصبة للتجريب؛ بدأنا نسمع مثلاً مزيجاً من الألوان الخليجية والعالمية والتراثية والإلكترونية، دون أن نفقد هويتنا. والجميل أن هذه الحركة خلقت وعياً جديداً لدى جيل كامل من الفنانين، الذين أصبحوا يتساءلون: «ماذا يمكننا من هنا أن نقدم للعالم؟»

هل يمكن لدولة الإمارات أن تصبح مركزاً إقليمياً للموسيقى؟

إن الإمكانيات الموجودة اليوم تجعل هذا الطموح واقعيًا للغاية. لدينا بنية تحتية متقدمة واستوديوهات ومسارح ومهرجانات ومنصات رقمية، بالإضافة إلى المواهب الشابة، التي تحتاج فقط إلى الاستثمار فيها. إذا استمر الاستثمار في هذه المواهب، وتم فتح المزيد من المساحات؛ عرض الأعمال الإماراتية داخل الدولة وخارجها. أعتقد أن دولة الإمارات العربية المتحدة ستكون محطة رئيسية لصناعة الموسيقى في المنطقة.

  • المعيدي: اخترت لفني أن يحمل ملامح وطني
    المعيدي: اخترت لفني أن يحمل ملامح وطني

التراث الموسيقي

التراث الموسيقي الإماراتي.. إلى أي مدى حاضر في تجاربكم وكيف تحافظون على أصالته؟

إن الإرث -عندي- ليس مجرد ألحان قديمة؛ بل هي طريقة في النظر إلى الحياة، وإيقاع في الكلام، وروح في الأداء. وحتى عندما أقدم لوناً غربياً فإنني أعمل على الحفاظ على هذا النفس الإماراتي في العبارة اللحنية والإيقاع وطريقة الغناء. ودورنا اليوم ليس تغيير الإرث، بل إعادة قراءته بلغة هذا الزمن. يمكننا تطوير القالب، واستخدام الأدوات المعاصرة في التوزيع والتسجيل، لكن يجب ألا نمس الجوهر الذي نشأنا عليه. وقتها نستطيع أن نخاطب ذوق الجيل الجديد، دون أن نقطع هذا الخيط مع الماضي.

تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة فعاليات موسيقية عالمية بشكل منتظم. وكيف يساهم ذلك في تطوير المشهد الموسيقي في البلاد؟

وتشكل هذه الفعاليات والمبادرات مجتمعة منظومة واحدة تدفع المشهد الموسيقي الإماراتي إلى مزيد من النضج. عندما يعتلي الفنان الإماراتي المسرح إلى جانب أسماء عالمية، أو يشارك في ورش عمل مع موسيقيين من ثقافات متعددة، يتغير وعيه بحدود قدراته، ويكتسب لغة جديدة، وخبرة أوسع، وأبواب تعاون لم تكن ممكنة من قبل تفتح أمامه. أما المبادرات المحلية، فهي تكمل هذا الدور، من خلال توفير منصات عرض وبرامج تدريبية وورش عمل حقيقية تساهم في صقل مهارات الفنانين الشباب. واليوم يجد الشباب الإماراتي أدوات احترافية لم تكن متوفرة للأجيال السابقة، إضافة إلى نظام يقدر مواهبهم ويدعمها، ما يشكل دافعاً كبيراً للاستمرار. إن التكامل بين الأحداث العالمية والمبادرات المحلية يخلق حركة فنية نابضة بالحياة ويمنح الفنان الإماراتي مكانة مؤثرة إقليمياً وعالمياً.

  • المعيدي: اخترت لفني أن يحمل ملامح وطني
    المعيدي: اخترت لفني أن يحمل ملامح وطني

ما هو دور الجمهور في مسيرتك، وهل هناك مشاريع جديدة في الأفق؟

الجمهور شريك أساسي في أي خطوة، وفي أي نجاح أحققه، من خلال سماع أعمالي، أو حضور حفلاتي، أو من خلال كلمات الدعم التي أتلقاها. لذلك أحاول دائمًا أن أقدم ما أشعر به بصدق، وأن أصل إلى قلبه قبل أذنه. هناك أعمال جديدة أعمل عليها حالياً، وأتمنى أن تشكل نقلة نوعية في رحلتي.

في ذكرى الاتحاد الـ54.. ماذا يعني لك أن تكون فناناً إماراتياً يحمل صوته من هذه الأرض؟

كوني فنانة إماراتية يعني أنني أحمل اسماً وتاريخاً ومسؤولية في الوقت نفسه. أنا فخور بأن صوتي شكلته هذه الأرض.. برمالها التي علمتني الصبر، وببحرها الذي علمني الحنين، وقيادتها التي أتاحت لنا الفرصة. دعونا نحلم، ونجعل هذا الحلم حقيقة. عندما أصعد على المسرح؛ أنا لا أمثل نفسي فقط، بل أمثل جيلاً كاملاً من الشباب الإماراتي، الذي يريد رفع اسم وطنه عالياً. كل عام والإمارات أغلى، وشعبها أكثر سعادة، واتحادها أقوى!

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مصدر المعلومات والصور : zahratalkhaleej

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى