تقرير.. “الخليج ومصر 2025: تكامل اقتصادي تاريخي واستثمارات بـ 41 مليار دولار ترسم المستقبل”

مرت مصر ومنطقة الخليج العربي بأحداث كبرى وتحولات استراتيجية جعلت من عام 2025 “منعطفاً تاريخيا” في مسيرة التكامل والنمو الإقليمي.
مع اختتام عام 2025، برز مشهد جيوسياسي واقتصادي جديد في منطقة الشرق الأوسط، حيث نجحت دول مجلس التعاون الخليجي في تثبيت أقدامها ككتلة اقتصادية عالمية مرنة.
كما تعززت الشراكة مع جمهورية مصر العربية لتصل إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة.
حيث أن هذا العام لم يكن مجرد استمرار للخطط التنموية، بل كان عام “التنفيذ الفعلي” للمشاريع العملاقة والتحالفات الاستراتيجية التي أعادت رسم خارطة النفوذ في المنطقة.
دول الخليج 2025.. مؤشرات النمو والريادة الرقمية
سجلت اقتصادات الخليج نمواً إجمالياً لافتاً، حيث تشير التقارير إلى أن متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس بلغ نحو 3.2%، مدفوعاً بقوة القطاعات غير النفطية التي باتت تشكل العمود الفقري للمستقبل.
وفي المملكة العربية السعودية، تحقق إنجاز تاريخي بنمو الأنشطة غير النفطية لتساهم بنسبة 55.4% من الناتج المحلي، وهو ما ترافق مع انخفاض معدل البطالة بين المواطنين إلى مستوى قياسي بلغ 6.3%.
ولم تتوقف الطموحات عند الاقتصاد التقليدي، بل حصدت المملكة المركز الثاني عالمياً في مؤشر نضج الحكومة الرقمية، مما يعكس تحولاً جذرياً في بنية الدولة الإدارية.
أما دولة الإمارات، فقد واصلت تحليقها في قطاع الابتكار، حيث سجل مصرفها المركزي أصولاً إجمالية ضخمة تجاوزت 896 مليار درهم، وتوجت عامها بإنجاز فضائي فريد عبر إطلاق 6 أقمار اصطناعية دفعة واحدة.
ومن جهتها، فرضت دولة قطر نفسها كقوة تنافسية كبرى بدخولها قائمة العشرة الأوائل عالمياً في مؤشر التنافسية (المركز التاسع)، مع استقرار معدل التضخم عند مستويات آمنة جداً بلغت 1.07 %.
وفي سياق متصل، ركزت مملكة البحرين على ريادة قطاع المال، حيث احتلت المركز الأول عربياً و الـ 29 عالمياً في مؤشر الشمول المالي، بينما استكملت الكويت مشاريعها الاستراتيجية الكبرى، وعلى رأسها مبنى الركاب الجديد (T2) لرفع الطاقة الاستيعابية إلى 25 مليون مسافر سنوياً.
العلاقات الخليجية المصرية
تمثل العلاقات المصرية الخليجية في عام 2025 العمود الفقري للاستقرار الإقليمي. فقد كشفت البيانات الرسمية عن وصول إجمالي الاستثمارات الخليجية في مصر إلى رقم غير مسبوق قدره 41 مليار دولار، مما يعكس ثقة استراتيجية عميقة في الاقتصاد المصري.
هذا التدفق الاستثماري ساهم، في وصول الاحتياطي النقدي المصري إلى مستويات تاريخية تجاوزت 50 مليار دولار لأول مرة.
وعلى صعيد التبادل التجاري، سجلت حركة البضائع بين مصر ودول الخليج نحو 14 مليار دولار، مما يعزز فكرة السوق الإقليمية المشتركة.
ولم تقتصر الشراكة على الأرقام، بل تجسدت في مشاريع كبرى مثل “رأس الحكمة”، وتوسيع الربط الكهربائي بين السعودية ومصر لتبادل الطاقة في أوقات الذروة.
السياسة الخارجية والمكاسب الاستراتيجية
اتسم عام 2025 بـ “التوازن الاستراتيجي” الذي انتهجته دول المنطقة، حيث تمثلت أبرز المكاسب السياسية في عقد القمة الـ46 لمجلس التعاون في المنامة، والتي أقرّت خطة عمل مشتركة مع إيطاليا (2026-2030) لتكون بوابة للشراكة مع أوروبا.
كما نجحت الدبلوماسية الخليجية في تنويع تحالفاتها، حيث وازنت بين علاقاتها مع القوى الغربية وبين شراكاتها المتنامية مع الصين والهند ودول “آسيا”.
وفي الوقت ذاته، رسخت مصر دورها كشريك أمني واقتصادي لا غنى عنه، حيث أدارت القاهرة والرياض والدوحة وأبوظبي ملفات إقليمية معقدة بانسجام تام، مما حال دون تمدد الأزمات في البحر الأحمر وضمن استقرار سلاسل الإمداد العالمية.



