
القاهرة: هاني كمال الدين
في عالم كرة القدم، تتقاطع الموهبة مع القدر، وتتوقف المسيرة أحيانًا عند محطات مؤلمة، لكنها سرعان ما تستأنف بإرادة أقوى. تلك باختصار قصة النجم المصري محمد آرو، صانع الألعاب الذي شق طريقه من الملاعب المصرية إلى الملاعب الأوروبية، متحديًا الإصابة وقسوة الظروف، ليحمل قميص نادي **FC Sion** السويسري ويبدأ فصلًا جديدًا من مسيرته الاحترافية.
**رحلة البداية: موهبة تنمو في ملاعب الإسماعيلية**
وُلد محمد آرو في مصر، وتحددت معالم موهبته مبكرًا داخل صفوف نادي الإسماعيلي، أحد أبرز الأندية المعروفة بصقل النجوم. في مركز صانع الألعاب والجناح الهجومي، لفت الأنظار بتمريراته الذكية وسرعته في اختراق الدفاعات. لم يمض وقت طويل حتى انتقل إلى نادي المصري البورسعيدي، ثم إلى صفوف بترول أسيوط، مواصلًا بناء تجربته في الدوري المصري الممتاز.
**محطات احترافية خارج الحدود**
لم تقتصر طموحات محمد آرو على المنافسة في الملاعب المحلية، بل امتدت إلى ساحات عربية متنوعة. انطلقت رحلته الاحترافية الأولى إلى العراق، حيث لعب في صفوف نادي أربيل، أحد الأندية المعروفة في الدوري العراقي الممتاز، وهناك اكتسب خبرة دولية أولى ساعدته في التأقلم مع أساليب لعب مختلفة.
ثم كانت الوجهة الأبرز في الخليج العربي، وتحديدًا في دولة الإمارات، حيث انضم إلى أندية الفجيرة ورأس الخيمة، قبل أن يحط الرحال في نادي الوصل الإماراتي. وخلال هذه الفترة، أثبت نفسه كلاعب مهم في خط الوسط والهجوم، إذ عُرف بمرونته التكتيكية وقدرته على أداء أدوار متعددة في الثلث الأخير من الملعب.
**عقبة الإصابة: تمزق في الحلم… وليس في العزيمة**
عام 2022 لم يكن عامًا عاديًا في مسيرة محمد آرو، إذ تعرض لإصابة عضلية قوية، يُرجّح أنها تمزق في الرباط الصليبي. جاءت الإصابة في توقيت حساس للغاية، حيث كانت هناك مفاوضات متقدمة مع أحد الأندية السويسرية تمهيدًا لانتقاله خلال الميركاتو الشتوي.
توقفت الصفقة، وتوقفت معها أحلام الانتقال إلى أوروبا، لكن لم تتوقف إرادته. خضع محمد آرو لبرنامج تأهيلي مكثف داخل مصر، تحديدًا في الإسماعيلية، وتمكن من استعادة جاهزيته البدنية، مثبتًا أن العزيمة الصلبة قد تتفوق على أقسى الإصابات.
**العودة القوية: بداية سويسرية واعدة**
في نوفمبر 2022، عادت المؤشرات الإيجابية لتحيط بمستقبل محمد آرو. ومع نهاية عام 2024، وتحديدًا في أبريل 2025، تمت الصفقة المنتظرة أخيرًا، لينتقل رسميًا إلى نادي **FC Sion** السويسري بنظام الإعارة لمدة موسم ونصف، حيث اختير له القميص رقم 11، كناية عن دوره الهجومي كلاعب جناح وصانع لعب.
**الاندماج مع FC Sion: خطوات ثابتة نحو التألق**
رغم قصر المدة التي قضاها مع النادي السويسري، إلا أن محمد آرو بدأ سريعًا في فرض نفسه داخل التشكيلة الأساسية، مستخدمًا مهاراته في المراوغة، وسرعته في الانطلاقات، وقدرته على اللعب في أكثر من مركز هجومي. لا تزال الأرقام الرسمية للمباريات والأهداف في انتظار نهاية الموسم، لكن المؤشرات الأولية توحي بقدوم اسم جديد لافت في الدوري السويسري.
**المنتخب المصري… حلم مؤجل**
على صعيد المنتخب الوطني، كان محمد آرو قاب قوسين أو أدنى من الانضمام إلى صفوف المنتخب الأول، لولا أن الإصابة حالت دون تحقيق هذا الحلم. إلا أن أداؤه الحالي في سويسرا، إذا استمر بهذا النسق التصاعدي، قد يُعيد هذا الملف إلى الواجهة مجددًا، لا سيما في ظل بحث الجهاز الفني عن عناصر هجومية متجددة ذات طابع أوروبي في الأداء والانضباط.
**ملامح فنية تُميز محمد آرو**
يتميز محمد آرو بصفات تجعله لاعبًا متعدد الاستخدامات، من أهمها:
* **السرعة وخفة الحركة**: يجيد اللعب في المساحات الضيقة وعلى الأطراف، وهو قادر على إحداث الفارق من خلال تحركاته غير المتوقعة.
* **الرؤية والتمرير الذكي**: كلاعب وسط هجومي، يمتلك قدرة على قراءة الملعب وصناعة الفرص لزملائه في التوقيت المناسب.
* **الشخصية والإصرار**: التعافي من إصابة قوية والعودة للملاعب الأوروبية ليس بالأمر الهيّن، لكن آرو فعلها بإصرار واضح وجهد متواصل.
**نظرة إلى الأمام: ما الذي ينتظر محمد آرو؟**
إذا استمر محمد آرو في تقديم نفس الأداء مع نادي FC Sion، فإن أبواب الاحتراف الأوروبي الأوسع قد تُفتح أمامه قريبًا. الدوري السويسري بوابة مميزة للانتقال إلى أندية أكثر تنافسية في ألمانيا أو بلجيكا أو حتى فرنسا. كما أن مشاركته في بطولة الدوري السويسري بانتظام ستمنحه ثقة أكبر، وتجعل اسمه مطروحًا بقوة للانضمام إلى المنتخب المصري.
**ختامًا… لاعب يتحدى الظروف ويصنع المجد**
محمد آرو ليس مجرد لاعب يركض خلف الكرة، بل هو نموذج حقيقي للإرادة التي لا تُقهر. مسيرته تحكي قصة لاعب لم يتوقف عند حدود الإصابات أو الانتكاسات، بل قرر أن يجعل من كل عقبة سلمًا يرتقي به إلى الأعلى. ومع كل دقيقة يلعبها بقميص FC Sion، يؤكد للعالم أن اللاعب المصري قادر على التألق في أوروبا، متى ما توفرت له الفرصة والثقة.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر




