أخبار الخليج

إدراج "الفاية" بالشارقة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو 2025

إدراج "الفاية" بالشارقة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو 2025     

باريس في 11 يوليو / وام / سجلت دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازًا تاريخياً جديدًا في مسيرتها لصون التراث الثقافي بعد أن اعتمدت لجنة التراث العالمي في دورتها الـ47 المنعقدة حاليا في باريس قرارًا جماعيًا بإدراج “الفاية” في إمارة الشارقة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

وحظيت “الفاية” التي تقع في المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة بهذا الاعتراف لما تتمتع به من “قيمة عالمية استثنائية” كونها تحتفظ بأحد أقدم وأطول السجلات المتواصلة لوجود الإنسان في البيئات الصحراوية والتي تعود إلى أكثر من 200 ألف عام.

وتضم قائمة التراث العالمي حاليًا 1226 موقعًا ذا قيمة عالمية استثنائية منها 955 موقعًا ثقافيًا و231 موقعًا طبيعيًا و40 موقعًا مختلطًا موزعة على 168 دولة فيما يبلغ عدد مواقع التراث العالمي في الدول العربية حتى اليوم 96 موقعًا في 18 دولة.

ويُعد موقع “الفاية” نموذجًا متكاملًا لما يُعرف بـ”المناظر الصحراوية” حيث يُمثل قدرة الإنسان على التكيّف والاستيطان في الصحارى إذ شكلت، رغم ما تتميز به من قسوة وظروف بيئية بالغة الصعوبة، محطة محورية في تاريخ تطوّر الإنسان وهو ما منح إدراج “الفاية” على قائمة التراث العالمي بُعدًا علميًا وإنسانيًا فريدًا.

وتحت فئة “مواقع التراث الثقافي” كان ملف الترشيح الدولي “المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية” هذا العام الترشيح العربي الوحيد الذي نظرت فيه لجنة التراث العالمي ما يمنح هذا الإدراج أهمية خاصة لدولة الإمارات والشارقة والمنطقة العربية بأسرها ويجعل من هذا الحدث لحظة تاريخية فارقة في مسيرة الحفاظ على التراث الإنساني في المنطقة.

وخلال أكثر من ثلاثين عامًا من أعمال التنقيب الدقيقة التي قادتها هيئة الشارقة للآثار بالتعاون مع فرق دولية تم الكشف عن 18 طبقة جيولوجية متعاقبة في موقع الفاية يُوثق كل منها فترة زمنية مختلفة من النشاط البشري ما يمنح الموقع قيمة علمية استثنائية في رسم مسار تطور الإنسان في البيئات القاحلة.

وقد أُثري هذا المسار البحثي بشراكات علمية مع جامعات ومؤسسات دولية مرموقة أبرزها جامعة توبنغن الألمانية المتخصصة في علم آثار ما قبل التاريخ وقسم دراسات البيئة القديمة بجامعة أوكسفورد بروكس البريطانية ما أتاح تنفيذ دراسات متقدمة تعمّقت في فهم البيئات القديمة التي عاش فيها الإنسان الأوّل.

وباتت “الفاية” ثاني موقع في دولة الإمارات ينال هذا الاعتراف العالمي المرموق بعد إدراج مواقع العين الثقافية في عام 2011 ويؤكد إدراج ملف الترشيح الدولي “المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية” على مكانة الشارقة والإمارات كمهد للتاريخ البشري المبكر ويعزز من حضورها في سجل الحضارات الإنسانية العريقة.

ويسجل لـ “الفاية” أنه الموقع الصحراوي الأول الذي يوثق لحقبة العصر الحجري المسجل في قائمة التراث العالمي ما يجعل هذا الاعتراف علامة فارقة في فهم تطور الإنسان إذ تشكل الصحارى نحو 20% من المواطن البيئية على سطح الأرض وتقع في مواقع محورية على خارطة استيطان الإنسان للكوكب ويجسّد استقرار الإنسان فيها فصلاً حاسمًا من فصول التاريخ البشري.

وأعربت سعادة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي السفيرة الرسمية لملف الترشيح الدولي لموقع الفاية عن شكرها لرئيس لجنة التراث العالمي وأعضائها الموقّرين على هذا الاعتراف التاريخي، مؤكدةً أن قصة “الفاية” تشكّل جزءًا أصيلًا من الحكاية الإنسانية المشتركة.

وأضافت إن إدراج “الفاية” يرسّخ إسهام الشارقة في كونها مهداً للتاريخ البشري المبكر ويبرز الدور المحوري لشبه الجزيرة العربية في رحلة الإنسان للخروج من إفريقيا وتُعد الأدوات الحجرية التي عُثر عليها في الفاية والتي يتجاوز عمرها 200 ألف عام دليلاً ناطقًا على عبقرية أسلافنا وجذور التقاليد الثقافية العميقة في منطقتنا.

واختتمت تصريحها قائلة: “نحن ملتزمون التزامًا راسخًا بحماية هذا الموقع وتكريم إرث من سبقونا ليظل مصدر إلهام للأجيال في مختلف أنحاء العالم”.

وقال سعادة عيسى يوسف مدير عام هيئة الشارقة للآثار إن دولة الإمارات وإمارة الشارقة تنطلقان في التعامل مع التراث العالمي من إيمان عميق بأن المواقع المُدرجة على قائمة اليونسكو لا تخص بلدًا بعينه بل هي ملك للبشرية ونحن ندعم بقوة قيم الانفتاح والتبادل الثقافي والإنساني حتى في عالم تحكمه الحدود فقد ازدهر الإنسان عبر التاريخ بفضل حرية الحركة والاكتشاف التي أتاحها النظام العالمي القديم واليوم ونحن نُدرج مشهد الفاية الثقافي ضمن قائمة التراث العالمي نفخر بأن الفاية أصبحت تنتمي إلى كل شعوب العالم تمامًا كما كانت قبل أكثر من 200 ألف عام.

وأشار إلى أن الشارقة تقدّمت رسميًا بملف ترشيح الفاية إلى اليونسكو في فبراير 2024 بعد 12 عامًا من التحضير المستمر للملف والموقع مدعومًا بثلاثة عقود من الأعمال الأثرية المكثفة والدراسات البيئية وخطط الحفظ المتكاملة وقد خضع الموقع لتقييم صارم وفق معايير اليونسكو الدقيقة التي لا تقبل إلا المواقع ذات القيمة العالمية الاستثنائية والتأثير الممتد للمستقبل.

ووضعت دولة الإمارات وإمارة الشارقة خطة متكاملة لإدارة وصون موقع الفاية للفترة من 2024 حتى 2030 بما يتماشى مع المعايير المعتمدة من قبل اليونسكو للحفاظ على “القيمة العالمية الاستثنائية” للموقع وتركّز الخطة على دعم البحث العلمي وتعزيز التعليم وتنمية السياحة المستدامة في نموذج يُجسد الدمج الفعّال بين صون التراث والاستكشاف العلمي والمشاركة المجتمعية.

ويأتي هذا الالتزام امتدادًا لجهود الشارقة المتواصلة في هذا المجال حيث كان موقع “الفاية” على مدى 11 عامًا من المواقع المحورية ضمن برنامج اليونسكو “HEADS” المعني بتطور الإنسان وتكيفاته وانتشاره وتطوراته الاجتماعية إلى جانب مواقع أفريقية.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مصدر المعلومات والصور : wam

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى