مواعيد «شنغن» للبيع.. سوق سوداء إلكترونية تبتلع أموال المسافرين

رصدت «الإمارات اليوم» إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي حول فرص الحصول على مواعيد مبكرة للتقدم بطلب «تأشيرة» دخول دول الاتحاد الأوروبي (شنغن)، ودول أخرى مثل الولايات المتحدة، خارج إطار القنوات الرسمية.
وكشف تجار عن تعرضهم لعمليات احتيال من قبل وسطاء يروجون لهذه الإعلانات، وأفادوا بأنهم دفعوا مبالغ مالية متفاوتة، وصلت إلى 4000 درهم، للحصول على مواعيد مبكرة، في ظل ندرة المواعيد، خاصة خلال مواسم السفر إلى أوروبا والولايات المتحدة. وبعد دفع هذه المبالغ، توقف هؤلاء الوسطاء عن الرد عليهم.
من جهتها، قالت الرئيس الإقليمي لشركة «في إف إس غلوبال»، الجهة المعتمدة لتلقي الطلبات وحجز مواعيد تأشيرة شنغن، موناز بيليموريا، لـ«الإمارات اليوم» إن المواعيد متاحة رسمياً وبشكل متساو للجميع عبر الإنترنت، محذرة من الانخداع بالعروض المغرية التي تروج لها جهات احتيالية لمواعيد أسرع عبر منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت.
بينما قال حسام فتحي صالح، مدير التسويق في إحدى شركات خدمات الهجرة، لـ«الإمارات اليوم»، إن المواعيد تقدم رسمياً عبر مواقع السفارات ومتاحة للجميع، وما يحدث هو أن الشركات تتابع حالة المواعيد وتبلغ عملائها بوجود فرص في سفارة دون أخرى، لكن لا يمكن لأي جهة حجز موعد وتسجيله لاحقاً باسم شخص آخر، ومن يروج لذلك هم المحتالون الذين يستغلون حاجة الناس للسفر بسرعة.
بدوره، قال المحكم والمستشار القانوني محمد نجيب، إن قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية ينص على عقوبات رادعة لمرتكبي مثل هذه الأساليب الإجرامية تصل إلى الحبس لمدة لا تقل عن سنة، والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم، على كل من استخدم أي وسيلة احتيالية أو انتحل اسماً مزيفاً أو انتحل هوية غير صحيحة عن طريق شبكة الإنترنت أو أي وسيلة تقنية معلومات لضبطها. أموال الآخرين.
وتفصيلاً، قال عضو الكنيست إنه كان في حاجة ماسة للسفر إلى أوروبا الصيف الماضي، وتحدث أكثر من مرة هاتفياً مع وسطاء وعدد من أصدقائه حول ما إذا كانت هناك فرصة للحصول على موعد أسرع لتقديم طلب تأشيرة شنغن، في ظل قلة المواعيد المتاحة على مواقع السفارات لفترات تصل إلى أربعة أشهر.
وأضاف أنه فوجئ بإعلانات بدأت تظهر أمامه على منصات التواصل الاجتماعي، تقدم مواعيد «مضمونة» للتقديم على «الشنغن» مقابل 3500 درهم، فتواصل مع الرقم المسجل في الإعلان، فأخبره الطرف الآخر أن لديه تواصل مع موظفي مركز التأشيرات، ما يتيح له تحديد موعد بعد يومين فقط، وبمجرد تحويل المبلغ المطلوب، سيظهر الموعد على نظام المركز.
وأشار إلى أنه كان في حاجة ماسة إلى السفر، فقرر المجازفة بالمبلغ المطلوب، وحوله إليه، وانتظر تأكيد موعد الحجز، لكن الوسيط اختفى تماما، ولم يتلق أي تأكيد رسمي، ليكتشف لاحقا أنه وقع ضحية عملية احتيال.
وأفاد (س.ع) أنه تواصل مع أحد مروجي تلك الإعلانات، وطلب منه مبلغ 3000 درهم مقابل تحديد موعد مبكر له، وأرسل له نسخة فعلية من الحجز تحمل اسمه بعد أسبوعين فقط، لافتاً إلى أنه قام بتحويل المبلغ، وبعد أيام قليلة انتظر تأكيد الموعد، إلا أنه لم يصله أي شيء على بريده الإلكتروني أو هاتفه، فتواصل مع المركز فقط ليتفاجأ بعدم وجود مواعيد مسجلة. باسمه.
من جهتها، ذكرت م.أ أنها تواصلت مع إحدى الجهات التي نشرت إعلانات على منصات التواصل الاجتماعي حول مدى توفر فرص تعيين كبار الشخصيات لتقديم طلب تأشيرة لزيارة الولايات المتحدة، وطلبت منها مبلغ 4000 درهم فقط لتأمين الموعد، إضافة إلى الرسوم المعتادة، لافتة إلى أنها تراجعت عن الفكرة خوفاً من تعرضها لعمليات احتيال، إضافة إلى أن المبلغ المطلوب مبالغ فيه.
إلى ذلك، قالت الرئيسة الإقليمية لشركة «في إف إس غلوبال»، الجهة المعتمدة لتلقي الطلبات وحجز مواعيد تأشيرة شنغن، موناز بيليموريا، لـ«الإمارات اليوم» إن الشركة حذرت مراراً وتكراراً من الذين يستغلون الضغط الموسمي على التأشيرات، ويروجون باسم الشركة أو بشكل مستقل عبر مواقع التواصل الاجتماعي خدمة «موعد مضمون» مقابل مبالغ عالية.
وأكدت أن هذه الطريقة تعتبر شكلاً من أشكال الاحتيال، لأن الحجز يتم عبر موقعها الإلكتروني حصراً، وبشكل مجاني للجميع، وبآلية موحدة لا تمنح أي ميزة لأي جهة.
وأضافت أن نموذج عمل “في إف إس” يعتمد على خدمات إدارية محايدة، لا تشمل بيع المواعيد أو ضمان تسريع أي معاملة، مشيرة إلى أن القرارات المتعلقة بالتأشيرات هي مسؤولية السفارات والقنصليات وحدها، ولا يملك أي وسيط مهما كان تجاوز هذا المسار أو التأثير عليه.
وأكدت أن الشركة تتبنى سياسة عدم التسامح مطلقاً مع أي ممارسات غير أخلاقية، وأنها اتخذت عدداً من الإجراءات الاستباقية لحماية نظام الحجز من الاستخدام الاحتيالي، بما في ذلك وسائل منع هجمات الروبوتات وتقنيات المراقبة المرتبطة بنقاط اتصال المتقدمين، بالإضافة إلى عمليات التدقيق الدورية التي تجريها الجهات الحكومية الشريكة.
وعن وجود «وسطاء» قادرين على الحصول على مواعيد استثنائية، أكدت بيليموريا أنه لا أحد لديه أي سلطة إضافية، وأن جميع المواعيد تقدم إلكترونياً عبر موقعها الرسمي، وتعتمد على مبدأ «الأولوية لمن يحجز أولاً». كما أوضحت أن بيع المواعيد أو نقلها إلى الغير أمر غير ممكن قانوناً، حيث يستطيع مقدم الطلب فقط إلغاء موعده أو إعادة جدولته.
وحذرت الشركة من التعامل مع أي جهات تعد بمواعيد مبكرة أو نتائج مضمونة أو علاج أسرع، ووصفت هذه الادعاءات بأنها مضللة وقد تكون احتيالية.
وأضافت أن الشركة لا تتقاضى أي رسوم مقابل حجز المواعيد عبر موقعها الرسمي، مشيرة إلى أن بعض الحكومات فقط تشترط دفع رسوم الخدمة مقدما لضمان استخدام النظام من قبل المتقدمين الفعليين، وحمايته من سوء الاستخدام والاحتيال.
وناشدت المسافرين تقديم طلباتهم في أقرب وقت ممكن، نظرا لارتفاع الطلب، لافتة إلى أن العديد من الدول، بما في ذلك دول شنغن، تسمح بتقديم الطلبات حتى ستة أشهر قبل موعد السفر، مؤكدة أن الطريقة الآمنة الوحيدة هي الحجز عبر القنوات الرسمية: موقع VFS Global أو مواقع السفارات والقنصليات المعنية.
بدوره، قال مدير التسويق بإحدى الشركات المتخصصة في خدمات التأشيرات والهجرة، حسام فتحي صالح، إن الشركات الخدمية ليس لديها أي قدرة على استخراج مواعيد غير موجودة في أنظمة السفارات، وليس لديها “نوافذ خاصة” أو “قنوات خلفية” للوصول إلى مواعيد استثنائية.
وأضاف: “نحن ندخل إلى أنظمة الحجز الخاصة بالسفارات بنفس طريقة أي مقدم طلب عادي. إذا لم تقم السفارة بإصدار مواعيد جديدة، فلن تتمكن أي جهة – سواء شركة أو فرد – من تقديم موعد غير متوفر بالفعل في النظام”.
وأوضح أن ما يحدث في السوق هو استغلال لحالة الضغط وقلة المواعيد، لافتاً إلى أنه “لا يوجد شيء اسمه بيع موعد غير معروض، وما يحدث هو أن بعض السماسرة يأخذون أموالاً من العميل ثم يبدأون بالبحث عن موعد، فإذا وجدوا موعداً يضيفون إليه عمولة كبيرة، وإذا لم يجدوه يبدأ الوسيط بالتهرب أو المماطلة”.
وتابع أن شركته والشركات القانونية التي تهتم بعملائها تلجأ إلى حلول بديلة في حالة عدم توفر موعد لدولة معينة ضمن منطقة الشنغن، مثل اقتراح التقديم عبر دولة أخرى، ثم مواصلة الرحلة إلى الوجهة الرئيسية.
وأكد أن تغيير المواعيد أو نقلها من شخص إلى آخر غير ممكن قانونيا، موضحا أنه عند حجز الموعد باسم مقدم الطلب لا يمكن نقله إلى شخص آخر، وأي تغيير يتطلب حجزا جديدا وتكلفة جديدة، ولا توجد آلية لنقل الموعد من اسم إلى آخر.
وذكر أن الرسوم المعقولة لخدمة الشركات يجب أن تكون مقابل تدقيق الأوراق وتقديم المشورة ومتابعة الطلب، وتتراوح عادة بين 100 و150 درهماً، وليس آلاف الدراهم كما يروج البعض.
وأكد: أن “المبالغ الكبيرة التي يتم طلبها مقابل (مجرد موعد) تمثل استغلالاً صريحاً للعميل، والشركات المعتمدة تتقاضى رسوماً مقابل خدمات حقيقية، وليس مقابل وعد لا يمكن تنفيذه”.
وقال صالح: “السوق يشهد استغلالاً كبيراً بسبب الضغوط الموسمية، لكن الحقيقة هي أن المواعيد تقدم إلكترونياً وتنفد بسرعة، ولا يمكن لأحد أن يتحكم في ذلك. ويجب على المتقدمين الاعتماد على المواقع الرسمية، وبدء إجراءاتهم مبكراً، وعدم الانجراف وراء المطالبات المغرية التي تنتشر عبر الإنترنت”.
من جانبه، قال المحكم والمستشار القانوني محمد نجيب، إن «بيع مواعيد التأشيرة» يعتبر قانونًا أحد أشكال الممارسات الاحتيالية، إذا توافرت فيه عناصر، ومنها حصول الوسيط على أموال مقابل وعد غير صحيح أو غير قابل للتحقق أصلاً.
وأضاف: «يجرم القانون الإماراتي أي سلوك ينطوي على الخداع أو الخداع أو استغلال حاجة الشخص لتحقيق منفعة غير مشروعة، وبالتالي فإن أي وسيط يتقاضى مبلغاً مقابل تقديم موعد ليس له صلاحية فيه، أو يقدم أوصاف غير صحيحة عن (قدراته) في الوصول إلى مواعيد لم يتم تقديمها، يتعرض للمسؤولية الجنائية».
الاحتيال الإلكتروني
وقال المحكم والمستشار القانوني محمد نجيب، إن الحجز عبر الأنظمة الرسمية يجعل البيع أو نقل التعيين أو ادعاء النفاذ الخاص أموراً لا أساس لها من الواقع، مما يجعل أساس المعاملة باطلا، لأنه مبني على أمر محظور وغير قابل للتنفيذ.
وأضاف أن التباين الكبير في الأسعار الذي يفرضه بعض الوسطاء يندرج في إطار استغلال المستهلك، وقد يعتبر في بعض الحالات “الاحتيال الرقمي” إذا تم عبر الوسائل الإلكترونية.
وتابع نجيب: “عندما يستغل شخص حاجة الآخرين للسفر، ويعرض عليهم موعداً مقابل مبلغ مبالغ فيه، أو يحصل على المال قبل وجود الموعد فعلياً، فهذا يرقى إلى جريمة (الاحتيال الإلكتروني)، بحسب قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية”.
وأكد أنه “بإمكان المتضرر تقديم بلاغ فوراً في حال تعرضه لعملية احتيال، سواء فيما يتعلق بخسارة الأموال أو تقديم معلومات كاذبة، كما يمكنه المطالبة باسترداد المبالغ والتعويض عن الأضرار إذا ثبت أن الوسيط قدم وعوداً غير صحيحة، أو مارس أي شكل من أشكال الخداع”.
وتابع، أنه “لا يجوز للشركات أن تقدم نفسها على أنها قادرة على ضمان التأشيرة أو تقديم تعيين استثنائي، إذا كان دورها إداريا بحتاً”، لافتاً إلى أن تجاوز هذا الدور يعرضها للمساءلة.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر




